صورة للدمار بغزة (يمينا) وصور قديمة لحفلات زواج في غزة (يسارًا)
بالصور - بهاء أجداد الغزّيين يخرج من ذاكرة صندوق الزمن
- صور عتيقة تستحضر أسلوب الحياة قديماً في القطاع المنكوب
- دمار اليوم يحجب رقياً وحضارة على امتداد القرن الماضي
فادي الحمارنة - أشلاء جثامين تحت الركام أو في مقابر جمعية. دمار شامل للبشر والشجر والحجر. قهرٌ، خوف ورعب يخّيم على الغزيين بشيِبهم وشبابهم منذ تسعة أشهر. كوابيس التهجير، البطش، الاعتقال العشوائي والتعذيب الممنهج تطارد أحفاد من كانوا ينعمون برغد العيش على امتداد القرن الماضي.
هذا ما يختزنه ويبثّه من تحت الأنقاض صندوق مغبّر تركَه رائد فنون التصوير ومؤسس أول استوديو في قطاع غزّة الأرمني كيغام دجِيغاليان، بعد أن فرّت به أمّه من مذابح الأرمن عام 1915، ليستقرا في بلاد الشام.
حفيد يرث شغف جده ويحيي تراثه
حفيد دجِيغاليان يعرض هذا الكنز الحضاري على جدران المعهد الثقافي الفرنسي بالقاهرة، حيث ينبهر الزائرون بأناقة أهل غزّة ورقيهم في منتصف القرن الماضي.
بدأت القصّة عام 1918، حين نفض حفيد المصور الأرمني الغبار وركام السنين عن ثلاثة صناديق حمر منسية في منزل والده، الذي ورث أدوات التصوير وشريط الزمن الغابر منذ أسّس دجِيغاليان الجد أول استوديو من نوعه في غزّة عام 1944.
كان ذلك على مشارف نهاية الحرب العالمية الثانية، قبل استقلال معظم الدول العربية. وظلّ الجد المؤسس يطارد شغفه ويوثق سردية المكان بصرياً حتى وفاته في القطاع عام 1981.
ذكريات غزّة الحية
صور أفراح وأتراح ولمّات عائلية تزيّن جدران المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة، حيث تطلُ وجوهٌ باسمة لتسرد جماليات مجتمع حضاري واكَب تطور الحياة في القرن العشرين.
وهكذا ينقل كيغام الحفيد - المُسلح بشغف جدّه - ضحكات وجلسات سمر أجداد الغزّيين بعد أن أمضى أشهر في ترميم وإنقاذ مئات أشرطة (النيغاتيف) ثم طبعها، تبوِيبها وعرضها أمام ضمير العالم.
هذه صور من زفاف في منتصف القرن الماضي وتلك صور مما يبدو أنه حفل تنكري وأخرى لأسرة يبدو أنها تحتفل بالميلاد. كما تظهر مجموعة رابعة أسرة تحتفي بنزهة في فضاء غزة بين زرقةِ بحرها والسماء.
وتطلُ من مجموعة خامسة يافعات بأبهى صورة يتحلقن في جلسة تعليم فنون الرسم الزيتي أو يجلسن خلف ماكينة خياطة أو يتابعن محاضرة في التمريض.
صور قديمة لحفلات زواج في غزة
صورة لاحتفال عائلي في غزة في الماضي
صور في الهواء الطلق أو داخل الاستوديو أو أمام سيارات عتيقة كانت حديثة العهد بمنطقتنا بعد خمسة عقود على اختراعها في أوروبا وأمريكا.
كل صورة تضخ شلالا من تفاصيل الحياة آنذاك و تستبطن خطوط مستقبل مخفية وأحلاماً في منطقة كانت مفعمة بالحياة والأمل.
في داخل المعرض، تتنقّل العيون بين صور الاحتفالات والأعياد والزواج في غزة. كل صورة حملت قصة حياة وأحلام وتطلعات الناس، مجسدة مدينة كانت نابضة بالحياة قبل الحصار والقصف.
إرث فنّي خالد
بعد مرور أكثر من 40 عامًا على رحيل كيغام الجد، يظل فنه شاهدًا على تاريخ غزة وحبّه لهذه الأرض. الصور التي عرضت في المعرض لم تكن مجرد توثيق للأحداث، بل كانت تجسيدًا لمحبة الجد وارتباطه العميق بهذه المدينة.
في هذا المعرض الاستثنائي كبسولةُ زمن تعيدُ الناظر إلى مرابع فرح ومرتع حيوات صاخبة بالمحبة والسلام؛ أجيال تنبض بحب الأرض.