آثار الدمار في غزة يمينًا، والمحكمة الجنائية الدولية يسارًا
ساعة الحسم.. سيف "الجنائية الدولية" فوق رقاب قادة في تل أبيب - وثائق
- تل أبيب قلقة.. ترقب صدور مذكرات اعتقال بحق مسؤولين على رأسهم نتنياهو
- محامٍ دولي: القانون الأممي يسمح باستخدام القوة ضد الاحتلال
- اتهامات بإحداث مجاعة وقطع شريان الإغاثة تستحضر مذكرات اعتقال تعود إلى القرن الماضي
تقرير فادي الحمارنة - يترقب قادة في تل أبيب بقلق صدور مذكرات توقيف بحقِهم عن محكمة الجنائية الدولية على رأسهم رئيس حكومة الحرب بنيامين نتنياهو، فيما يصارع قادة الكيان الوقت للحؤول دون إصدار مثل هذه السابقة الأممية ضد الاحتلال.
وتخشى حكومة نتنياهو من أن يصدر مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، أوامر باعتقال رئيسها ووزير الحرب يوآف غالانت، رئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هليفي إلى جانب وزير على الأقل من وزراء اليمين المتزمت.
ويبدو أن نتنياهو - الذي تباحث هاتفيا مع بايدن - يعول على حليفه في البيت الأبيض على أمل إجهاض أوامر الاعتقال.
وتحركت الجنائية الدولية بناء على شكوى من المكسيك وتشيلي بالتزامن مع شكاوى موازية تلقتها محكمة العدل الدولية - صاحبة الاختصاص بمساءلة دول على جرائم حرب - من جنوب إفريقيا، بنغلادش، بوليفيا، جزر القمر، جيبوتي، تشيك وبوليفيا.
زعماء الكيان في مرمى الجنائية الدولية
بموجب نظام روما الأساسي الذي أنشأ "الجنائية الدولية" في تموز/ يوليو 1998، إذا ارتكب شخص جريمة حرب في مناطق دولة عضو في المحكمة، حتى لو كان مواطناً أجنبياً، للمحكمة صلاحية إصدار قرارات ضده، علما أن فلسطين انضمت لميثاق روما وعضوية الجنائية الدولية عام 2007. وتحدد المادة الخامسة في النظام نطاق اختصاص "الجنائية الدولية" في أشد الجرائم خطورة: الإبادة الجماعية وضد الإنسانية والحرب والعدوان.
الجنائية الدولية تحدد المسؤولية على الأفراد بصفتهم الشخصية، ولا تعتد بصفتهم الرسمية.
وتبين المادة السابعة، أن جريمة الإبادة تشمل "تعمد فرض أحوال معيشية، من بينها الحرمان من الحصول على الطعام والدواء، بقصد إهلاك جزء من السكان".
وتشمل جرائم الحرب بحسب النظام "تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية".
ويرى المحامي الدولي ابراهيم الحنيطي أن قرار محكمة العدل الدولية المستعجل قد يكلّف تل أبيب باتخاذ إجراءات محددة لمنع الإبادة الجماعية في غزة، مشيرا إلى توثيق القانون الدولي لجرائم الإبادة ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة.
ويستذكر الحنيطي في حديث لـ"رؤيا" بدايات نظر "الجنائية الدولية" في ملف الأراضي الفلسطينية عام 2021. حين أقرت بأن ولاية المحكمة تمتد إلى الأراضي الفلسطينية.
اسفين بحق تل أبيب وحليفتها الأكبر واشنطن
ويشير إلى أن تل أبيب وواشنطن انسحبتا من "نظام روما الأساسي"، رفضا للمثول للمحاكمة خارجاً. وفي هذا السيناريو، يحتّم القانون الدولي أن لا يؤخذ بالدعوى المقامة محليا إذا سبقتها دعوى في محاكم دولية، بحسب الحنيطي.
ويؤكد أن تعطيل المستوطنين أو حكومة الاحتلال وصول الإمدادات الغذائية لأهل القطاع، يندرج ضمن الجرائم ضد الإنسانية. وهي تجبر السكان إلى النزوح إلى مناطق أخرى، ما يشكل تهجيرًا قسريًا للمدنيين، وفقًا للقانون الدولي.
وكان الملك عبد الله الثاني أدان الأسبوع الماضي إقدام مستوطنين على اعتراض قوافل إغاثة أردنية والعبث بِحمولاتها قبل دخولها قطاع غزة المنكوب منذ قرابة ثمانية أشهر.
ومع دخول الحرب على غزة يومها الـ 220، أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن نتنياهو لا يملك خطة ذات مصداقية لحماية نحو مليون و400 ألف مدني في رفح بين نازح ومقيم جنوبي قطاع غزة.
نظرياً، قد يلاحق نتنياهو أو قادة داخل الكيان إلى المحكمة الجنائية الدولية، سيناريو قد يتحقق إذا صدر بحق أحدهم مذكرة توقيف وحطت قدمه في 123 دولة أعضاء في النظام.
ورغم أن تل أبيب لم تصادق على نظام روما الأساسي، إلا أن للمحكمة المنبثقة عنه صلاحيات إصدار قرارات ضد أي شخص يرتكب جريمة حرب في مناطق دولة عضو في المحكمة.
تشمل عضوية المحكمة معظم دول أميركا الجنوبية والأوروبية وأستراليا وكندا ونحو نصف البلدان الأفريقية.
وكان البرلمان الأوروبي صادق في آذار/ مارس الماضي على قرار يدين بشدة تعطيل تل أبيب وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ومهاجمة قواتها قوافل الإغاثة.
ساعة المحاسبة.. صفعة لتل أبيب
"فضيحة على نطاق تاريخي"، بهذه الكلمات وصف نتنياهو خشيته من احتمال صدور مذكرات اعتقال بحق قادة الاحتلال بتهم جرائم حرب، مترجيا قادة العالم استخدام نفوذهم ومنع المحكمة الجنائية الدولية من إصدار مذكرات اعتقال بحقهم.
وفي مسار قضائي موازٍ، رفعت جنوب أفريقيا دعوى ضد تل أبيب، بارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد سكان قطاع غزة مستندة إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها. ويعترف كيان الاحتلال بهذه الاتفاقية منذ 1948.
ما أِشبه اليوم بالأمس
في مثل هذه الأيام قبل فوز كيان الاحتلال باعتراف الأمم المتحدة عام 1948، أصدرت دولة الانتداب بريطانيا مذكرات توقيف بحق زعماء عصابات صهيونية أصبحوا قادة سياسيين في النصف الثاني من القرن العشرين. وظهرت تلك المذكرات عقب سلسلة فظائع اقترفها قادة منظمات صهيونية منها أرغون المسلحة؛ بينهم رئيس الوزراء الأسبق إسحق شامير (1984-1983، 1986- 1992).
في مستهل مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، عرض وزير الخارجية السوري آنذاك فاروق الشرع صورة عن مذكرة توقيف بريطانية بحق شامير بسبب نشاطه الإرهابي ضد جنود بريطانيين وموظفِين أمميين مثل الوسيط الدولي الكونت السويدي فولك برنادوت، الذي اغتيل بالقدس عام 1948.
وصدرت مذكرة عن لجنة أممية مستقلة ضد مناحيم بيغن الأسبق (1977-1983)، الذي اجتاح جنوب لبنان عام 1982.
وفي عهد قريب، أصدرت محكمة وستمنستر مذكرة اعتقال بحق وزيرة خارجية الاحتلال السابقة تسيبي ليفني، بشأن اتهامات بارتكاب جرائم في غزة في حال وصولها إلى لندن.