تكدس نفايات قرب مخيم للنازحين غرب النصيرات في غزة
تراكم النفايات.. تهديد صامت بعيد المدى يفتك بصحة آلاف الغزيين - تقرير
- تحت الركام.. قنابل وصواريخ قابلة للانفجار في أي وقت
- محامٍ دولي لـ"رؤيا": جرائم الاحتلال ضد البيئة تستهدف إلحاق أكبر ضرر بالمدنيين
- "أونروا": تل أبيب حظرت دخول مكبات النفايات واستهدفت آليات التخلص منها
تقرير فادي الحمارنة - تكدس النفايات الصلبة بمقربة أماكن النزوح ووجود صواريخ وقذائف لم تنفجر تحت ركام منازل في غزة، يفاقمان معاناة أهل القطاع المنكوب، وسط تحذيرات أممية من تهديد صامت ينذر بكارثة بيئية تلقي بظلالها على صحة أهل غزة.
ورغم تباين الإحصائيات الصادرة عن عدة جهات، حول مخلفات النفايات والتلوث البيئي بغزة، وثقت سلطة جودة البيئة الفلسطينية في رام الله، تراكم 330 ألف طن من النفايات في مناطق النزوح، وتدمير ممنهج لـ 87% من مواقع وآليات التعامل مع النفايات الصلبة، بما في ذلك قصف محطات ترحيل النفايات وتجميعها وتدمير 180 آلية نقل وضاغطة وجرافة.
فاتورة بيئية يدفع ثمنها النازحون
البيئة التي يعيشها فيها قرابة مليوني نازح داخل المخيمات ومراكز الإيواء في قطاع غزة، لا تختلف كثيرًا عن تلك القريبة من المباني المدمرة التي تشهد انتشارا للأمراض المعدية نتيجة تحلل جثامين نحو 15 ألف مفقود تحت الأنقاض. وتؤكد سلطة جودة البيئة في رام الله أن التعامل مع الجثامين يتطلب آليات ومعدّات غير متاحة.
مدير دائرة الرقابة والتفتيش في سلطة جودة البيئة في فلسطين بهجت جبارين، أكد خلال جلسة حوارية في عمان حضرتها "رؤيا"، أن القطاع بات منكوباً بكل المقاييس.
من جانبه يرى المحامي الدولي عمر الجازي أن تل أبيب تنفّذ "سياسة الأرض المحروقة" وتدمّر الأراضي الزراعية والبنية التحتية بشكل كامل، ما يشكل خرقًا للمادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977.
وتحظر المادتان 35 و55 من "البروتوكول الإضافي لعام 1977 لاتفاقيات جنيف" "استخدام وسائل وأساليب القتال التي تلحق بالبيئة أضرارًا بالغة واسعة الانتشار وطويلة الأمد". ووفقًا للجازي، فإن جرائم البيئة في غزة تستهدف إلحاق أكبر ضرر بالسكان المدنيين وتنضوي تحت جرائم الإبادة الجماعية.
وورد في المادة 55 "حظر استخدام أساليب أو وسائل القتال التي يقصد بها أو يتوقع منها أن تسبب مثل هذه الأضرار بالبيئة الطبيعية ومن ثم تضر بصحة أو بقاء السكان". كما تحظر "هجمات الردع التي تشن ضد البيئة الطبيعية".
وأكدت "سلطة جودة البيئة" تواجد مايقارب 15 ألف مفقود وقذائف وصواريخ لم تنفجر بعد، بين ركام المنازل المقدر وزنه 39 مليون طن، وأن إزالة ذلك يتطلب حوالي 15 عامًا.
وحذر المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من خطر القنابل غير المتفجرة المنتشرة بين ركام البيوت المدمرة في قطاع غزة، حيث يعيش حوالي 600 ألف طفل وفتاة وسط الأنقاض والركام.
قطاع المياه والكهرباء
تراجعت حصة الفرد اليومية من المياه إلى ما بين لتر ونصف ولترين، مع تدمير 80% من البنية التحتية والفوقية للمياه.
وأصبح 97% من المياه المتاحة ملوثة نتيجة انهيار منظومة الصرف الصحي، مع خروج 60 بئراً عن الخدمة وتدمير مئة بئر جزئيًا. وتدمير 70% من شبكات المياه ومحطات التحلية، يعمق الأزمة البيئية والإنسانية.
البيئة البحرية والسواحل
وتعرضت البيئة البحرية لقصف ممنهج على امتداد 40 كيلو متر، وتلوثت المنطقة البحرية بعمق كيلومتر، مما يتوقع أن يؤثر على شواطئ شمال أفريقيا وجنوب أوروبا، بحسب سلطة جودة البيئة الفلسطينية.
فيما تدمر نحو النصف من محمية وادي غزة الوحيدة في القطاع.
التجريف والتدمير الواسع
تعرضت المنطقة العازلة في غزة لتجريف واسع النطاق، إذ دمر الاحتلال الحجر والشجر واستخدم المنطقة مرابض ومواقع عسكرية. كما قصف وجرّف 156 ألف دونم، كانت تعرف بـ"سلة غذاء" غزة، وهي تشكل حوالي 40 % من مساحة القطاع. هذا الدمار شمل مزارع وبساتين وحتى المحمية الوحيدة في غزة.
الثروة الحيوانية والبنى التحتية
دمر الاحتلال 650 مزرعة للثروة الحيوانية، بالإضافة إلى 120 ألف دونم من المناطق السكنية والبنية التحتية. كما عاث خراباً ب 70 % من المناطق الساحلية، ما أثر بشكل كبير على قطاع المياه.
تل أبيب تشن حربًا على الصحة والبيئة
وتؤكد وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن تل أبيب منعت موظفي الوكالة من الوصول إلى مكبات النفايات، فضلا عن استهداف العديد من محطات معالجة المياه العادمة وآلات وشاحنات التخلص من النفايات.
وكانت بلدية غزة قد أنذرت بوقوع كارثة بيئية، جراء تكدس النفايات، لافتة إلى أن عملية معالجة النفايات ونقلها تتطلب لنحو 2000 لتر من الوقود يوميا.
وزارة الصحة الفلسطينية في غزة تشكو أيضا من أن تل أبيب تمنع دخول المساعدات الطبية والوقود، باستثناء كمية قليلة منها إلى المؤسسات الدولية. وتوضح الوزارة أن المساعدات المسموح بدخولها لا تلبي الاحتياجات الهائلة للسكان، وهو ما تؤكده وكالة "أونروا" الأممية.
انتشار الأمراض المعدية جراء تكدس النفايات بمقربة أماكن النزوح، ينذر بكارثة بيئية وشيكة تلقي بظلالها على صحة أهالي القطاع الذين يعانون من نقص الأدوية الضرورية لعلاج الأمراض الجلدية وأمراض الأمعاء الشائعة.
وبالرغم من قرار مجلس الأمن الدولي الذي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار، يواجه قادة تل أبيب إدانات دولية في ظل العدوان المستمر على غزة.
"ينبغي على أجهزة الأمم المتحدة، كالجمعية العامة، اتخاذ موقف حاسم وإصدار قرار عاجل دون تأخير"، بهذه الكلمات طالب المحكم الدولي إبراهيم الحنيطي خلال حديثه لـ"رؤيا" منع تفاقم تلوث البيئة في غزة الناتج عن العدوان المستمر.
واعتبر الحنيطي أن القوانين المعنية بجودة البيئة تحولت من مواد ملزمة إلى توصيات، مطالبًا بإلزام تل أبيب بوقف أعمالها العسكرية فورًا وإزالة الضرر البيئي الحالي ومنع حدوثه مستقبلاً.
وجاء في المبدأ 15 من إعلان ريو بشأن البيئة والتنمية عام 1992 بأنه "من أجل حماية البيئة، تأخذ الدول، على نطاق واسع بالنهج الوقائي حسب قدرتها، وفي حال ظهور خطر حدوث ضرر جسيم أو لا سبيل إلى عكس اتجاهه، لا يستخدم الافتقار إلى التيقن العلمي الكامل سببا لتأجيل اتخاذ تدابير فعالة من حيث التكلفة لمنع تدهور البيئة".
طفل فلسطيني يمشي بجانب تكدس نفايات على طول شارع عام قرب مخيم للنازحين غرب النصيرات في غزة