مرحبا بك في موقع رؤيا الإخباري لتطلع على آخر الأحداث والمستجدات في الأردن والعالم

أحد المتظاهرين في لبنان - أرشيفية

1
Image 1 from gallery

تقرير: لبنان يعاني أزمة اقتصادية ومالية الأسوأ في تاريخه

نشر :  
08:56 2021-08-25|

لا يخفى على أحد أن لبنان يمر بأزمة اقتصادية ومصرفية هي الاسوأ في تاريخه وقد صنفها البنك الدولي بين الأزمات الثلاث الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر.


وبحسب التقرير الاقتصادي الذي اعدته الزميلة أميمة شمس الدين من الوكالة الوطنية للإعلام (ننا) لصالح اتحاد وكالات الانباء العربية (فانا)، عانى لبنان، وما زال، أزمات عدة غير الأزمة الاقتصادية، مثل ازمة كورونا وتلك التي سببها انفجار مرفأ بيروت، إلا أن الأزمة الاقتصادية كان لها الأثر السلبي الأكبر على حياة اللبنانيين.

وعانت الدولة اللبنانية خلال العام الماضي كسادا اقتصاديا كان سببه انكماش النمو في إجمالي الناتج المحلي بنسبة 20.3 بالمئة بالإضافة إلى وصول معدلات التضخم لأكثر من 100 بالمئة فضلا عن أن سعر صرف الليرة اللبنانية يشهد تدهورا غير مسبوق، ومعدلات الفقر تتزايد بشكل حاد.

وبات أكثر من نصف اللبنانيين تحت خط الفقر، وفقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90 بالمئة من قيمتها أمام الدولار، فيما ارتفعت أسعار المواد الأساسية إلى أكثر من 700 بالمئة، لكن المعروف عن الشعب اللبناني أنه شعب جبار ينهض من تحت الركام ويقاتل بصبره وإيمانه حتى ينفض عنه غبار ما سببته هذه الازمة من انهيار على كل الصعد، ويبقى الامل في ان يعود هذا الوطن الى سابق عهده منارةً للشرق.

وقال الأمين العام لاتحاد المصارف العربية وسام فتوح، "إن للأزمة التي يعانيها لبنان حاليا، اسبابا عدة ومتشعبة ومتداخلة وطويلة الأمد، تمتد الى فترة نهاية الثمانينات وبداية التسعينات، التي شهدت انهياراً في قيمة الليرة اللبنانية، وعجزاً كبيراً في موازنة الدولة، وانكماشاً كبيراً في الناتج المحلي الاجمالي، يضاف الى كل ذلك عجز ضخم في الحساب الجاري".

وحسب فتوح سجل الاقتصاد اللبناني انكماشاً بنسبة 28.2 بالمئة عام 1988 وبنسبة 42.2 بالمئة عام 1989 و13.4 عام 1990، مترافقاً مع عجز في الحساب الجاري بلغ 21.7 بالمئة و22.5 بالمئة و39.2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد على التوالي.

واشار الى ان عجز الموازنة مثّل نسبة 30.2 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي عام 1990، لذلك، فإنه مع نهاية الحرب الاهلية، كان الاقتصاد اللبناني يعاني تشوهات كبيرة جداً، بالإضافة الى دمار شبه كامل للبنية التحتية والقطاعات الانتاجية الاساسية، فكان من الصعب جداً اعادة بناء البنية التحتية واعادة عجلة الدولة للدوران بالقدرات المحلية فقط.

وبين فتوح أنه مع إعادة بناء السلطة السياسية بعد الحرب، وبخاصة مع وصول الرئيس رفيق الحريري الى سدة رئاسة الحكومة، حاملاً مشروعاً كبيراً لإعادة بناء الاقتصاد اللبناني، وتركيزه على إعادة بناء البنية التحتية، بدأت الحكومة اللبنانية بالاقتراض، ولا سيما من الأسواق المحلية، وكانت تستند الى فكرة ان بناء بنية تحتية متطورة هو أساس بناء الاقتصاد وداعم أساسي للقطاع الخاص، وهو ما سيؤدي إلى نمو متسارع للناتج المحلي الاجمالي الوطني، وإعادة تسديد الدين.


وأشار إلى أن لبنان شهد طوال العقود الثلاثة التي تلت نهاية الحرب الأهلية احداثاُ داخلية وخارجية أدت إلى إضعاف اقتصاده ومنعه من تسجيل معدلات نمو جيدة، وهنا نذكر تحديدا الاحتلال الإسرائيلي الذي استمر حتى أيار/مايو عام 2000، حيث شن الاحتلال الاسرائيلي اعتداءات وحروبا متكررة على لبنان وبخاصة في تموز 1993 ونيسان 1996، ومن ثم في تموز 2006، وهو ما ادى الى دمار هائل في البنية التحتية والقطاعات الاقتصادية، وكبدّ الدولة تكاليف ضخمة لإعادة الإعمار.

ولفت فتوح كذلك الى الاختناقات السياسية المتكررة التي شهدها لبنان منذ عام 2005، بالإضافة الى التداعيات الخطيرة للازمة في سوريا منذ عام 2011 وتدفق موجات ضخمة من النازحين السوريين الى لبنان، وقطع خطوط التصدير البرية من لبنان الى الدول العربية عبر سوريا.

وبين ان هذه الأحداث أدت إلى خنق الاقتصاد اللبناني، حيث أنه باستثناء فترة 1993-1997 وفترة 2008-2010، لم يُسجل الناتج المحلي الإجمالي اللبناني نسب نمو سنوية أكثر من 4 بالمئة، مع الإشارة إلى أن النمو الاقتصادي الملحوظ المسجّل بين عاميّ 1993 و1997 كان سببه الطفرة الاقتصادية الكبيرة الناجمة عن إطلاق مشاريع إعادة الإعمار الشاملة وتحديداً في البنية التحتية الذي قامت بها حكومة الرئيس رفيق الحريري.

واوضح ان السبب وراء النمو الكبير بين عاميّ 2008 و2010، يعود للتدفقات المالية الكبيرة الواردة الى لبنان في ظل الازمة المالية العالمية في وقت كان لبنان ينعم بأجواء استقرار سياسي وثقة نقدية ومصرفية عالية.

وقال فتوح "بشكل أساسي، شهد الاقتصاد اللبناني خلال العقد الذي سبق انفجار الازمة الاقتصادية الحالية، تباطؤاً واضحاً في النمو، مع تفاقم العجز في الحساب الجاري، نتيجة لتراجع التدفقات المالية إلى لبنان وبدء خروج تدريجي للأموال منه".

واضاف "سجل الحساب الجاري عجزاً بمتوسط سنوي بلغ 4ر24 بالمئة بين عاميّ 2010 و2019، فيما شهدت المؤشرات الاقتصادية الأخرى تراجعاً ملحوظاً، حيث سجل الناتج المحلي الإجمالي متوسط نسبة نمو سنوي 1.2 بالمئة خلال نفس الفترة وعجز الموازنة متوسط نسبة سنوية 8.4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي".

وزاد " فيما زاد الدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي من 136.8 بالمئة عام 2010 إلى 174.3 بالمئة عام 2019، فيما الأخطر، هو بداية تراجع احتياطات مصرف لبنان الأجنبية من شهر تموز 2018، حيث سجل لأول مرة تراجعاً مستمراً ومتواصلا حتى اليوم".

ورأى ان السياسات الاقتصادية والمالية المعتمدة من قبل الحكومات اللبنانية المتعاقبة، كان ينقصها التخطيط السليم وتحديد الأولويات ووضع الخطط القصيرة، والمتوسطة والطويلة الأجل، بالإضافة الى ضعف الحوكمة في الادارة العامة والانفاق الخارج عن الاصول القانونية الذي فاقم عجز الموازنة العامة وأدى إلى تزايد الدين العام.

واكد ان لبنان اصبح احد اكثر الدول مديونية حول العالم، مشيرا الى ان الغياب شبه التام للسياسات المالية والاقتصادية لمدة ثلاثين عاماً اجبر مصرف لبنان على توسيع نطاق عملياته، لتتخطى النطاق النقدي إلى النطاقين الاقتصادي والمالي.

واوضح ان مصرف لبنان اعتمد حزم دعم مالية كبيرة لعدد من القطاعات الاقتصادية، كالقطاع العقاري، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، والشركات الناشئة، وشركات التكنولوجيا، وغيرها، بالإضافة الى اعتماد سياسة تثبيت سعر الصرف لدعم القدرة الشرائية للمواطنين من جهة، وتشجيع الإيداع والتعامل بالليرة من جهة أخرى.


ولفت فتوح إلى أن التراجع المستمر في التدفقات المالية خلال العقد الأخير والعجز المتواصل في ميزان المدفوعات دفعت بمصرف لبنان إلى اعتماد هندسات مالية مُكلفة، بهدف كسب الوقت وتحسن وضعية الحساب الجاري للبنان، على أمل بدء الحكومات باعتماد سياسات تساعد في تخفيف الضغط المتزايد على مصرف لبنان الذي توجب عليه كذلك تمويل عجز الموازنة بشكل متواصل، والقطاع المصرفي اللبناني الذي استمر في ضخ الائتمان في الاقتصاد.

وبين أن حجم الائتمان المقدّم من قبل المصارف الى القطاع الخاص المقيم بنهاية عام 2018 وصل لنحو 36 مليار دولار بالإضافة إلى تمويل الدولة مباشرة نحو 33.4 مليار دولار.