ارشيفية
فيروس كورونا يتمدد في الشرق الأوسط وينشر الرعب
وصل فيروس كورونا المستجد إلى دول جديدة في الشرق الأوسط الجمعة بعد وفاة أربعة أشخاص في إيران هذا الاسبوع، ليثير مخاوف من انتشار واسع في المنطقة ويتسبّب بإغلاق منافذ حدودية ومنع سفر.
وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية تسجيل أول إصابة بالفيروس لدى سيّدة لبنانية وصلت على متن طائرة آتية من مدينة قم الإيرانية حيث سجّلت السلطات الإيرانية الأربعاء أولى حالات الوفاة المؤكدة جراء الفيروس في الشرق الأوسط.
وسُجلت في إسرائيل أول إصابة بكورونا المستجد لدى امرأة وصلت صباح الجمعة وكانت على متن سفينة الرحلات السياحية "دايموند برينسس" التي فرض عليها حجر صحي في اليابان منذ مطلع شباط.
وكانت الإمارات ومصر أعلنتا في الأسابيع الأخيرة عن إصابات مؤكدة.
وبلغ عدد الإصابات في إيران 18، بينها أربع وفيات، معظمها في مدينة قم (150 كلم جنوب طهران) المقدّسة لدى الشيعة والتي يتابع فيها آلاف دروسا دينية، بينهم الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر، وتزورها سنويا أعداد كبيرة من اللبنانيين والعراقيين والكويتيين الشيعة وغيرهم.
وحظر العراق والكويت المجاورين لإيران السفر من وإلى الجمهورية الإسلامية، ومنعا دخول الإيرانيين الذين يتدفّقون بالملايين على النجف كربلاء لزيارة العتبات الشيعية المقدسة.
وتسبّبت الوفيات بحالة من الذعر في العراق الذي يعاني من شبه انهيار في قطاعه الصحي، خشية انتقال الفيروس إليه.
تجارة حيوية
وإيران هي ثاني أكبر المصدّرين للعراق الذي يبلغ عدد سكانه نحو 40 مليون نسمة. ومن البضائع التي تصدّرها سيارات ومواد غذائية كالألبان والخضراوات بقيمة تصل لنحو تسعة مليارات دولار سنوياً.
وبالاضافة للدور الاقتصادي الرئيسي لإيران في العراق، تمثّل الجمهورية الاسلامية مصدرا للطاقة لهذا البلد الذي يعاني من نقص مزمن في الكهرباء. كما انّها تشكل قوة سياسية نافذة فيه.
ومع ذلك، دفع "كوفيد-19" العراق إلى اتخاذ قرارات مهمة على صعيد العلاقات مع إيران التي لم تتأثر سابقا بالتهديدات الأميركية بالعقوبات ولا بتبادل القصف الأميركي الإيراني.
فقد قرّر العراق الخميس منع الوافدين من إيران ومواطنيها من دخول أراضيه عبر كافة المنافذ الحدودية، بعد حالات الوفاة والاصابة بهذا بالفيروس.
وكانت وزارة الداخلية العراقية أعلنت الأربعاء، في نفس اليوم الذي توفّي فيه أول الضحايا في إيران، منح الايرانيين تأشيرة الدخول إلى العراق عند وصولهم للمنافذ الحدودية، بعدما كان الاستحصال عليها يتطلب التوجه للسفارة العراقية في طهران.
وأطلق ناشطون على الفور وسم "أغلقوا الحدود" على تويتر، فيما طلبت محافظات البصرة وميسان وواسط (جنوب) التي تتشارك بمئات الكيلومترات مع إيران، من السلطات المركزية في بغداد إغلاق المنافذ الحدودية.
وعلى خلفية الجدل القائم، قرّرت وزارة الداخلية العراقية الخميس تعليق العمل بمنح تاشيرة الدخول من المنافذ الحدودية للإيرانيين. واستثني من القرار العراقيون الموجودون في إيران على أن يخضعوا للحجر الصحي لمدة 14 يوما.
وبالاضافة لإجراءات الفحص الطبي للمواطنين الوافدين، أعلنت الخطوط الجوية العراقية ومثلها الكويتية تعليق الرحلات من وإلى إيران.
كما قامت الكويت، الدولة الصغيرة الواقعة بين العراق وإيران والمطلة على الخليج، بتعليق حركة المسافرين إلى الجمهورية الاسلامية عبر الموانىء حتى إشعار آخر، ونصحت بعدم السفر إلى قم.
بخور وكحول
يبدو أن هذه الإجراءات غير كافية للحد من القلق المتصاعد بين العراقيين من انتشار فيروس كورونا المستجد الذي أسفر عن وفاة أكثر من 2200 شخص حتى الآن، خصوصا مع تواجد العديد من شركات النفط الصينية بكوادرها في العراق.
ويمنع العراق حاليا دخول أي صيني.
وبعد تأثر العديد من دول الشرق الأوسط بهذا الفيروس، دفع القلق بالعراقيين للتساؤل عن الاجراءات التي ستتّخذها سلطات بلدهم الذي يعاني من نقص في الخدمات الصحية والأدوية والأطباء.
وهناك أقل من عشرة أطباء لكل عشرة الآف نسمة، وهو معدّل أقل بمرتين عن ليبيا التي تعيش حالة من الفوضى الشاملة، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
ودفع القلق بالسيد أحمد الصافي ممثل المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني، إلى توجيه دعوة من خلال خطبة صلاة الجمعة إلى السلطات لاتخاذ خطوات جادة لمواجهة الفيروس. وقال إن "الاستعدادات يحب أن تكون بمستوى هذا الخطر، نناشد جميع الجهات المعنية بأن تكون بمستوى المسؤولية".
وبدا القلق واضحاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي تناقلت أراء تقترح حلولاً وأخرى ساخرة.
فبعد الإعلان الخميس عن وفاة شخصين في إيران، انتشرت بين العراقيين رسائل كثيرة بينها ما يشجع على الصلاة لمنع وصول الفيروس، واخرى لمقاطع فيديو لعائلات تشعل البخور داخل المنازل، للاعتقاد بأن دخّانه يقتل كورونا المستجد.
كما انتشر مقطع فيديو لشاب عراقي يدعو الناس لشرب "العرق" المحلي، مدّعياً بأن هذا المشروب الكحولي يمنح القدرة ومناعة لمقاومة الفيروس.