أبو نجمة يحذر: التقاعد المبكر لا يعني صرف الرواتب بنسبة ٧٠٪ كما يشاع.
أبو نجمة يكشف التضارب بين نظام الموارد البشرية وقانون الضمان الاجتماعي.
القضاء ينصف الموظفين المتضررين من قرارات إنهاء الخدمة الإدارية المبكرة.
في قراءة تحليلية عميقة للتصريحات الحكومية الأخيرة حول ملف "إنهاء خدمات موظفي القطاع العام" ممن أتموا ثلاثين عاما في الخدمة، فكك رئيس المركز الأردني لحقوق العمال، حمادة أبو نجمة، التفاصيل القانونية الشائكة التي تحيط بهذا الملف، مبددا الاعتقاد السائد بأن شبح "الإقالة الحكمية" قد زال تماما.
"وقف الإيعاز" لا يعني "إلغاء الصلاحية"
وخلال حديثه لبرنامج "أخبار السابعة" على قناة "رؤيا"، وضع الخبير العمالي النقاط على الحروف فيما يتعلق بحديث وزير العمل، موضحا أن التوجه الجديد يقتصر على توقف رئاسة الوزراء عن إصدار توجيهات مركزية للمؤسسات بإنهاء خدمات هذه الشريحة بشكل تلقائي.
بيد أن أبو نجمة نبه إلى حقيقة قانونية لا تزال قائمة، تتمثل في أن "المرجع المختص" -سواء كان الوزير أو المدير العام- لا يزال يمتلك، بموجب المادة 100 من نظام إدارة الموارد البشرية، سلطة مطلقة لإنهاء خدمات أي موظف استوفى شروط التقاعد المبكر، دون الحاجة للرجوع إلى مجلس الوزراء، وهو ما يبقي الباب مفتوحا لاجتهادات فردية داخل المؤسسات.
تناقض تشريعي صارخ
وفي سياق تشريحه للبنية القانونية، كشف أبو نجمة عن وجود "تصادم صريح" بين التشريعات النافذة؛ إذ بينما يمنح نظام الموارد البشرية الإدارة حق إنهاء الخدمة، تنص المادة 64 من قانون الضمان الاجتماعي بوضوح على أن طلب التقاعد المبكر هو "حق حصري للموظف" وليس صلاحية لجهة العمل.
ووصف ما يجري بأنه "التفاف على النصوص"، حيث تلجأ الإدارات إلى إصدار قرارات تحت مسمى "إنهاء الخدمة"، ليجد الموظف نفسه مجبرا على الذهاب للضمان لتسوية وضعه، رغم أن القانون لا يخول المؤسسة إحالته للتقاعد المبكر قسرا.
صدمة الدخل.. ووهم الـ 70%
وفند رئيس المركز العمالي المعلومات المغلوطة حول الرواتب التقاعدية، محذرا من انخفاضات حادة في الدخل تنتظر المحالين قسرا؛ إذ لا يتجاوز الراتب التقاعدي المبكر في أحسن أحواله حاجز الـ 60% من متوسط آخر 60 اشتراكا، وقد يهبط في حالات كثيرة إلى 20% فقط، نافيا بشدة أن تصل النسبة إلى 65% أو 70% كما يشاع.
القضاء وإنصاف المتضررين
وعن مصير القضايا المرفوعة أمام المحاكم، أبدى أبو نجمة تفاؤلا مشروطا بإمكانية إنصاف المتضررين، مستندا إلى أن النصوص القانونية استخدمت في غير موضعها لغايات "إعادة الهيكلة الجماعية"،
في حين أن روح القانون تربط إنهاء الخدمة بسلوك الموظف وأدائه الفردي، وليس بمجرد الرغبة الإدارية في التخلص من الكوادر.
تفريغ المؤسسات وترحيل الأزمة
وفي ختام حديثه، انتقد أبو نجمة سياسة "ضخ الدماء الجديدة" على حساب أصحاب الخبرة، معتبرا أن ذلك أدى إلى تراجع سوية الخدمات العامة، ولم يسهم في حل معضلة البطالة، بل حول الموظفين إلى "متعطلين عن العمل"، لافتا إلى ضرورة توجيه البوصلة نحو القطاع الخاص لخلق فرص عمل حقيقية، بدلا من الاعتماد على القطاع العام الذي لا تتجاوز قدرته التشغيلية بضعة آلاف سنويا.