تعبيرية..
أدمن على لعبة "فري فاير".. أم تتهم ابنها بسرقة 45 ألف جنيه وتستنجد بالشرطة
- الابن كان يسرق الأموال من والدته ،لإنفاقه على عالم افتراضي من الألعاب الإلكترونية وعلى لعبة "الفري فاير"
- الابن سرق من امه مبلغ 45 ألف جنيه، وهو ما دفعها للاستنجاد بالشرطة ليس بدافع الانتقام، بل كصرخة استغاثة
"قلبي يحترق، لكن كان علي أن أفعل ذلك لإنقاذه". بهذه الكلمات الممزوجة بالدموع واليأس، بررت سيدة أربعينية وقوفها في قسم شرطة العمرانية، لتقدم بلاغا لم تتخيل يوما أنها ستقدمه، بلاغ تتهم فيه ابنها، وهو طالب جامعي، بسرقة 45 ألف جنيه، كل ما تملك، لإنفاقه على عالم افتراضي من الألعاب الإلكترونية.
حلم يتبدد في عالم افتراضي
لم يكن "أحمد" (اسم مستعار)، الطالب بكلية الهندسة، شابا سيئا بطبعه. كان حلم والدته التي كافحت لسنوات من أجل تعليمه وتأمين مستقبله، خاصة بعد وفاة زوجها. بدأت القصة كأي قصة أخرى في ملايين البيوت المصرية: ساعات طويلة يقضيها الابن في غرفته، منعزلا أمام شاشة هاتفه، بحجة الدراسة أو الترفيه البريء. لكن هذا العالم الرقمي تحول تدريجيا إلى وحش يلتهم وقته، وتركيزه، وأخيرا، أموال والدته.
من العزلة إلى العدوانية
لاحظت الأم تغير سلوك ابنها، تدهور مستواه الدراسي، وزادت عصبيته وانفعالاته كلما حاولت الحديث معه أو إبعاده عن الهاتف. تقول في شهادتها: "كان يصبح شخصا آخر، يصرخ ويكسر الأشياء. لم أعد أعرف ابني الهادئ الذي ربيته". بدأت الأموال تختفي من المنزل بمبالغ صغيرة، وكانت تبرر له ذلك باحتياجات الجامعة والأصدقاء. لم تدرك أن ابنها كان قد غرق في إدمان ألعاب مثل "فري فاير" وغيرها، التي تتطلب شحنا مستمرا لشراء أسلحة وملابس افتراضية لتحقيق مكانة زائفة بين اللاعبين.
انهيار الثقة
جاءت القشة التي قصمت ظهر البعير عندما اكتشفت الأم اختفاء مبلغ 45 ألف جنيه، وهو المبلغ الذي ادخرته من بيع مصوغاتها الذهبية لمساعدته في تكاليف زواجه مستقبلا. عندما واجهته، انهار واعترف بأنه استولى على المبلغ على مدار أسابيع ليسدد ديونا تراكمت عليه بسبب الألعاب، وللإنفاق على "شحن" المزيد من النقاط. لحظتها، أدركت الأم أن المشكلة أكبر من مجرد "لعبة"، وأن ابنها يحتاج إلى تدخل حاسم وقاس لإنقاذه من هذا الإدمان المدمر.
صرخة أم في محضر رسمي
توجهت الأم إلى قسم الشرطة، ليس بدافع الانتقام، بل كصرخة استغاثة. رأت أن الإجراء القانوني قد يكون الصدمة الوحيدة التي يمكن أن توقظ ابنها من غفلته. وعلى الرغم من أن رجال المباحث بمديرية أمن الجيزة قد استجوبوا الابن وتم تحرير محضر بالواقعة، فإن القضية تحولت من مجرد قضية سرقة إلى حالة إنسانية تسلط الضوء على خطر الإدمان الإلكتروني الذي يهدد آلاف الشباب. أحيل المحضر إلى النيابة العامة، لكن الأم تأمل في أن يكون هذا هو الطريق لعلاج ابنها وإعادة تأهيله نفسيا وسلوكيا.
يقول الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي: "ما فعلته هذه الأم هو عين العقل في بعض الحالات المتقدمة من الإدمان. هي لم تسجنه، بل كشفت الغطاء عن مشكلة ضخمة، وحولت الأنظار إلى ضرورة توفير مراكز متخصصة لعلاج هذا النوع من الإدمان الذي لا يقل خطورة عن إدمان المخدرات".
تجلس الأم اليوم في منزلها الخاوي، تنتظر ما ستسفر عنه التحقيقات، وتتأمل صورة ابنها وهي تردد: "أعلم أنه سيكرهني الآن، لكنني فعلت هذا لأنه لا يزال ابني، وأريد أن أراه حرا من سجنه الافتراضي، حتى لو كان الثمن حريتي أنا من الألم".
