دغدغة - تعبيرية
"الدغدغة".. لماذا تجعلنا نضحك؟
- الدغدغة الخفيفة تهدف إلى حماية الجلد من المؤثرات الخارجية مثل الحشرات
يحتوي قاموس التفاعلات البشرية على أشكال متنوعة من التلامس، مثل اللمس والضغط والقرص، إضافة إلى نوع آخر يثير عادة شعورا بالضحك، وهو الدغدغة.
منذ ولادة الإنسان وحتى شيخوخته، يمكن لملامسة بسيطة بالأصابع في منطقة البطن، على سبيل المثال، أن تدفع الشخص للانتفاض والضحك وربما الصراخ بمرح.
وهنا يبرز السؤال: ما الذي يجعلنا نضحك تلقائيا عند التعرض للدغدغة؟
تقول الباحثة ساندرا برويلس من مركز بيرنشتاين لعلم الأعصاب الحوسبي في برلين، إن الدغدغة تمثل "استجابة فريدة للغاية، تدخل ضمن نطاق التفاعل الحسي مع المؤثرات الخارجية".
ورغم الغموض الذي لا يزال يكتنف هذه الظاهرة، فإن العلماء قد توصلوا إلى تفسيرات مثيرة للاهتمام حول طبيعة هذه الاستجابة وما يحدث لنا عندما نتعرض للدغدغة.
يشير الباحثون إلى ضرورة التمييز بين نوعين من الدغدغة: النوع الأول هو "الدغدغة الخفيفة" (Knismesis) التي تنتج عن ملامسة سطحية خفيفة للجلد، مثل لمسة ريشة، ولا تثير الضحك، بل تولد إحساسا بالحكة.
أما النوع الثاني فهو "الدغدغة الثقيلة" (Gargalesis) التي تحدث نتيجة ضغط متكرر على منطقة معينة في الجسم، مما يستثير الضحك بشكل لا إرادي.
ويوضح شيمبي إيشياما، أخصائي علم الأعصاب بمعهد الصحة العقلية في مانهايم بألمانيا، أن الدغدغة الخفيفة تهدف إلى حماية الجلد من المؤثرات الخارجية، مثل الحشرات، بينما يرى أن الدغدغة الثقيلة قد تكون جزءا من نظام دفاعي تلقائي لحماية الأجزاء الحساسة في الجسم، وإن كانت هذه النظرية غير شاملة نظرا لاستجابة بعض المناطق غير الحساسة للدغدغة مثل باطن القدم.
إيشياما يضيف أن الدغدغة تلعب دورا في تعزيز الروابط الاجتماعية بين الأفراد، ولا تقتصر على البشر فقط؛ فبعض أنواع القردة العليا والقوارض تظهر استجابات مماثلة عند تعرضها للدغدغة.
وتشير الأبحاث إلى أن الحيوانات التي تشعر بالدغدغة هي عادة ثدييات اجتماعية تتفاعل مع بعضها باللعب والمداعبة.
ويرى العلماء أن الدغدغة ترتبط بالسياق الاجتماعي، حيث يشعر الإنسان أو الحيوان بالدغدغة عندما يكون في حالة مزاجية إيجابية، وتزداد الألفة بين الأفراد.
وقد أظهرت الدراسات أن الإنسان لا يمكنه دغدغة نفسه أو الشعور بالضحك عند القيام بذلك، مما يؤكد أن الدغدغة رد فعل اجتماعي.
تشير التجارب العلمية إلى أن مناطق معينة في الدماغ تنشط عند الشعور بالدغدغة، وهي نفسها المناطق التي تتأثر أثناء اللعب أو الاستجابة للمس. كما تتأثر مناطق أخرى مرتبطة بالتفاعلات الانفعالية، مثل اللوزة الدماغية والقشرة الحزامية الأمامية.
ورغم أن الدغدغة ترتبط بالضحك والمرح في كثير من الأحيان، إلا أنها قد تثير مشاعر متضاربة.
فقد أظهرت تجارب على الفئران أن الدغدغة قد تستخدم كجزء من منظومة المكافأة أثناء التدريب. وفي بعض الحالات، قد يشعر الفرد بالخوف أو النفور من الدغدغة، لكنه يعود ويطلب المزيد منها، كما يقول إيشياما.
تاريخيا، تشير بعض المصادر إلى أن الدغدغة استخدمت كوسيلة للتعذيب عندما تمارس بطريقة غير ودية أو مرغوبة، مما يثير شعورا بالاضطراب بدلا من الضحك.
