أعمدة كهرباء
تقرير | "صعقة" جديدة "تكهرب" أزمات اقتصادية وسياسية وأمنية مركبّة في لبنان
أزمة مزمنة تتجدد من حين إلى آخر في لبنان؛ هي صعقة الكهرباء السالبة التي أطلت برأسها مجددا فغرق بلد الأرز بالعتمة الشاملة منذ السبت مع إعلان مؤسسة الكهرباء انقطاع التيار عن كامل الأراضي اللبنانية، بما فيها المرافق الحيوية كالمطار والمرفأ جراء نفاد مخزون الغاز أويل بالكامل. أزمة يحيطها الكثير من الغموض وتقاذف المسؤوليات بين المعنيين في هذا القطاع.
شبح العتمة الشاملة يلف لبنان. تحت هذا العنوان تعود قصة "إبريق الزيت" الكهربائية وكأن اللبنانيين الذين يرزحون تحت التهديد بحرب شاملة تُنذر بعواقب كارثيّة، مع تكدّس الملفات الاقتصادية والمعيشية والغذائيّة، والاجتماعية وغيرها ينقصهم هم إضافي: "الكهرباء المطفية".
وعلى ندرتها اليومية التي لا تتخطى الساعتين، تغيب ساعات الكهرباء كلياً منذ ثلاثة أيام، بسبب تأخُّر تفريغ شحنات الغاز أويل العراقي، حسب الاتفاقية الموقَّعة بين لبنان والعراق في العام 2021.
سؤال أساسي يعود إلى الواجهة: ما سبب هذا التعثر. مسؤولون لبنانيون يتقاذفون مسؤولية الأزمة منها عدم تأمين الأموال لتزويد المستحقات للعراق المرتبط باتفاق مع الحكومة اللبنانية يقضي بتزويدها بالوقود لإنتاج الطاقة بهدف زيادة ساعات التغذية من ساعتين إلى أربع ساعات.
مؤسسة كهرباء لبنان عزت التأخُّر إلى إشكالية مالية بين مصرف لبنان، الحكومة اللبنانية، والعراقية علماً أن السلطات اللبنانية "دولرت" تعرفة الكهرباء، ورفعها لتتماشى ما أسعار الفيول الرائجة . من جانبه، يحمل وزير الطاقة مصرف لبنان المركزي مسؤولية ما آل إليه الوضع نتيجة عدم تسديد المستحقات للعراق، فيما يطالب المركزي بتشريع من مجلس النواب المشلول يجيز له ذلك. في مستوى مواز، تلقي لجنة الأشغال النيابية باللوم على ما تصفه بتقصير مؤسسة كهرباء لبنان في تحصيل الفواتير من المشتركين . وإلى اللجنة انضم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي طلب من رئيس هيئة التفتيش المركزي إجراء تحقيق فوري بانقطاع الكهرباء الكلي متهما مؤسسة كهرباء لبنان بالتقصير.
تقول مصادر مطلعة على الملف لرؤيا إن الحلقة الرئيسة من الأزمة ترتبط بالجهة التي تدير السياسات الماليّة والنقديّة في مصرف لبنان ووزارة الماليّة. فالمصرف، يرفض تمويل سداد متأخرات الفيول العراقي، بسبب عدم وجود نص تشريعي. وفي وزارة الماليّة، غُيّب هذا البند من نص الموازنة، ومجلس النواب لم يطرح عقد الفيول العراقي على هيئته العامّة. وكأنه مثلث من التقصير المتواتر.
في المحصلة لبنان الغارق بالعتمة، بانتظار شحنات غاز من مصر بحلول الثالث والعشرين آب عبر خط الغاز العربي الذي يبدأ من العريش مرورا بالعقبة الأردن وسوريا ثم لبنان، علما أن الولايات المتحدة كانت وضعت سابقا فيتو على اتفاقيات وقعها لبنان عام 2022 لتزويده بالكهرباء من الأردن والغاز من مصر عبر سوريا. وفي الانتظار ، هبّت الجزائر لانارته فورا عبر تزويده بكميات من الوقود لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية.
