المرشحة للرئاسة الأمريكية كمالا هاريس والمختار نائبا لها حاكم مينيسوتا تيم والز في تجمع حاشد
أمريكا.. هل يعتبر المرشح الديمقراطي لمنصب "نائب الرئيس" داعما لأهل غزة ضد الاحتلال؟
- أظهر والز توازناً في التعامل مع ملف الحرب في قطاع غزة.
تردد اسم جوش شابيرو، حاكم ولاية بنسلفانيا، بكثرة كمرشح ديمقراطي محتمل لمنصب نائب الرئيس الأمريكي في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وعلى عكس التوقعات، اختارت المرشحة كمالا هاريس حاكم مينيسوتا، تيم والز، لهذه المهمة. ويبدو أن لحرب غزة تأثيراً على القرار.
حين نظم الديمقراطيون انتخاباتهم التمهيدية، قبل أن ينسحب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، من السباق الرئاسي، سجلت مينيسوتا أكبر عدد من مندوبي الحزب "غير الملتزمين" على مستوى الولايات المتحدة.
كانت تلك إشارة واضحة من قاعدة الحزب الديمقراطي بأنهم يعاقبون إدارة بايدن على مواقفها الداعمة بالمال والسلاح للاحتلال الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة، والتي خلفت نحو 40 ألف شهيد.
وانسحب بايدن من السباق، لكن السبب لم يكن حرب غزة، بل أداءه المرتبك أمام منافسه الجمهوري، دونالد ترمب، في مناظرة جمعتهما على شاشة شبكة سي إن إن، في 27 يونيو الماضي.
تولت كمالا هاريس، نائبة الرئيس، مهمة قيادة السباق الانتخابي. وكانت أولى المهام المعقدة أمامها هي توحيد قواعد الديمقراطيين خلفها، فنجحت في الحصول على تأييد الحزب، وعدم الذهاب لصراعات داخلية لاختيار بديل بايدن. كما أنها اختارت نائبها بدقة لإتمام المهمة.
يدير مجلس الاستثمار في مينيسوتا حوالي 140 مليار دولار من أموال الولاية، منها 90 مليار دولار من برامج التقاعد للموظفين العموميين.
ووفقاً لمكتب حاكم الولاية والز، فإن حوالي 116 مليون دولار من هذا المبلغ يستثمر في شركات تدعم الاحتلال.
في مايو الماضي، شارك الحاكم والز في جلسة خصصت للاستماع لمحتجين من الولاية ممن سعوا لإنهاء أي استثمارات في الشركات الإسرائيلية، ولدى مصنعي الأسلحة في ولاية مينيسوتا.
وقد احتشد محتجون قرب مبنى الكابيتول في مينيسوتا، حاملين لافتات وأعلاماً فلسطينية، فيما كان مجلس الاستثمار في الولاية، المكون من أربعة أعضاء بمن فيهم والز، يستمع لممثلين عن المحتجين.
لم يغضب والز من هذه المطالب، ولم يبدِ أي مواقف معادية للمتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين في الولايات المتحدة.
وقبل ذلك، أظهر والز توازناً في التعامل مع ملف الحرب في قطاع غزة. فقد وصف الهجوم الذي نفذته حماس في السابع من أكتوبر على الاحتلال بـ"المؤلم".
لكنه أظهر تعاطفاً واضحاً مع المعاناة الإنسانية في غزة جراء الحرب العدوان على القطاع، مشيراً إلى أن الوضع هناك "لا يُطاق"، داعياً إلى إنهاء الأزمة الإنسانية في قطاع غزة.
وكان قادة الحزب الديمقراطي قد استشعروا أن غضب الناخبين من مواقف إدارة بايدن، الداعمة بالمال والسلاح لإسرائيل في حربها على قطاع غزة، سيكلفهم كثيراً في انتخابات الرئاسة في نوفمبر المقبل.
وخلقت عدوان الاحتلال كارثة إنسانية في قطاع غزة، وكان لها انعكاس على مزاج الشارع الأمريكي، وشهدت الولايات المتحدة تظاهرات داعمة للفلسطينيين، ومطالبة بوقف الحرب في القطاع.
وانقسمت مواقف السياسيين بين داعم لحرية التعبير عن الغضب والمطالب بوقف الحرب وإنهاء المعاناة الإنسانية في قطاع غزة، وبين من هاجم المحتجين، وطالب بمنع هذه التظاهرات، التي وصفها البعض بأنها معاداة للسامية.
ووجد الديمقراطيون أنفسهم في عين العاصفة وهم يستعدون لمواجهة ساخنة مع ترمب، الذي يسعى إلى العودة للبيت الأبيض، مستثمراً ما يحدث لتحميل الديمقراطيين مسؤولية ما يجري في الشرق الأوسط.
فكان على إدارة بايدن الموازنة بين الدعم التقليدي لإسرائيل في مواجهة حماس، ومنع إسرائيل من قتل مزيد من المدنيين في الحرب التي طالت أكثر مما كانت تتوقعه واشنطن تحت ذريعة تحقيق هدفين أساسيين: استعادة المحتجزين، والقضاء على حركة حماس.
ويرى خبراء أن اختيار والز يأتي في سياق محاولة الديمقراطيين استعادة ما فقدوه من قواعدهم الانتخابية. وتقديم إشارات أمل للناخبين بأن هاريس ستعمل على إيقاف الحرب في غزة بكل السبل.
وكان الاحتجاج الكبير في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية، وخاصة في ولايات مثل ميشيغان وويسكونسن ومينيسوتا، دافعاً للديمقراطيين للبحث عن مرشح يتمتع بنظرة متوازنة للصراع، وهو ما وجدوه في والز.
ودفع بعض الديمقراطيين هاريس لاختيار والز بدلاً من شابيرو، بسبب المخاوف من مواقف الأخير بشأن الحرب بين إسرائيل وحماس.
فمواقف والز المؤيدة لإسرائيل تشبه إلى حد كبير مواقف الديمقراطيين الآخرين، كما أنها تتفق إلى حد مع مبدأ الموازنة بين دعم الاحتلال والضغط لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي عبر السلام وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
حاكم ولاية بنسلفانيا جوش شابيرو كان من بين الأسماء المرشحة للانضمام إلى هاريس. وعلى عكس شابيرو، الذي أثارت مواقفه الصارمة بشأن الاحتجاجات في الجامعات ردود فعل قوية من اليسار، يتبنى والز تلك المقاربة الأكثر اعتدالاً.
وهذا الاختيار يعكس محاولة الديمقراطيين التوفيق بين مواقفهم التقليدية، ومطالب قواعدهم الانتخابية الأكثر تقدمية، في وقت تزداد فيه التعقيدات السياسية المحيطة بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
ويأمل الديمقراطيون أن يعزز والز من قدرتهم على جذب قاعدة انتخابية متنوعة، تجمع بين التقليديين والتقدميين.
وكان شابيرو أحد أبرز الأسماء المطروحة لمرشح الديمقراطيين لمنصب نائب الرئيس. لكن مواقفه الصارمة والجدلية تجعل من اختياره تحدياً قد يصعّب على الديمقراطيين استعادة وحدة قاعدتهم الانتخابية، واستيعاب الغاضبين.
أما شخصية والز التي تجمع بين الحزم والمرونة، فتجعله قادراً على جذب قاعدة ديمقراطية متنوعة، تجمع بين التقليديين والتقدميين.
ويمكن كذلك أن يكون اختيار والز استجابة سريعة لما شهدته الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين من انقسامات واعتراضات على سياسات بايدن الداعمة لإسرائيل.
مواقف والز بشأن غزة
في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر، أدان والز حماس، وقال إنه يؤيد اتفاقاً يسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وكتب منشوراً على موقع أكس، في 20 أكتوبر 2023، بعد زيارة بايدن للاحتلال، قال فيه إن الرئيس "ألقى خطاباً قوياً الليلة الماضية بعد عودته من إسرائيل، وتوصل إلى اتفاق لتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة لغزة".
وأضاف والز أن "الغالبية العظمى من الفلسطينيين ليسوا من حماس، وهي لا تمثل الشعب الفلسطيني. ولا يمكننا أن نسمح للإرهابيين مثل حماس بالانتصار"، وفق تعبيره.
وفي أعقاب هجوم السابع من أكتوبر، أمر والز بتنكيس الأعلام في مختلف أنحاء ولاية مينيسوتا حداداً على الضحايا وانتقد أولئك الذين لم يدينوا الهجوم.
وبعد ذلك، لوحظ أن والز لم يعلق كثيراً على عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، كما أنه لم يظهر أي مواقف صدامية مع المحتجين في مينيسوتا، والذين طالبوا بوقف الحرب.
احترام المجتمع اليهودي
ويحظى والز باحترام لدى المجتمع اليهودي، وأشاد مجلس العلاقات المجتمعية اليهودية في مينيسوتا وداكوتا بسجله "المؤيد لإسرائيل" و"صداقته القوية" مع المجتمع اليهودي.
وقال والز للمجموعة في يونيو: "إن قدرة الشعب اليهودي على تقرير مصيره بنفسه تشكل الأساس لكل شيء، وعدم الاعتراف بدولة إسرائيل يسلب تقرير المصير، وبهذا يكون معاداة للسامية".
وأشادت المجموعة أيضاً بدعم والز لتعليم طلبة المدارس عن الهولوكوست. وكانت صحيفة نيويورك تايمز قالت إن والز، حين كان مدرّساً، كان يدرس طلابه في نبراسكا عن الإبادة الجماعية التي تعرض لها اليهود.
وخلال فترة وجوده في مجلس النواب الأمريكي من عام 2007 إلى عام 2019، صوت والز مع إسرائيل عدة مرات، بما في ذلك في عام 2017، لإدانة قرار الأمم المتحدة الذي أعلن أن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية غير قانونية.
ومع ذلك، أخبر والز "الإسرائيليين" في جولة دبلوماسية في الشرق الأوسط، عام 2009، أنه يعتقد أن العدد المتزايد من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية يضر بآفاق التوسط في السلام في المنطقة.