الطفل ريان - رحمه الله
الحكومة الفلسطينية معزية بوفاة الطفل ريان: "مات وترك قلوبنا في قعر تلك البئر العميقة"
عزت الحكومة الفلسطينية بوفاة الطفل المغربي ريان، الذي توفي بعد جهود مضنية حاولت فيها فرق الإنقاذ إخراجه من البئر التي مكث فيها لمدة 5 أيام.
وقال المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية ابراهيم ملحم، في منشور له على الفيسبوك، مساء السبت: " الألم يعتصر القلوب | مات ريان وترك قلوبنا في قعر تلك البئر العميقة !!".
وأضاف ملحم، "رئيس الوزراء الدكتور محمد اشتية، ومجلس الوزراء، يتقدمان بأحر العزاء، وصادق مشاعر المواساة، من والدي الطفل ريان، ومن المغرب الشقيق؛ ملكا، وحكومة، وشعبا، ومن كل من تعلقت قلوبهم، وشخصت عيونهم، إلى الطفل الأيقونة، الذي وحد مشاعر الشعوب والأمم على اختلاف لغاتها وجنسياتها، في مشارق الأرض ومغاربها، قبل أن تتفطر القلوب حزنا وألما، على فجيعة رحيله المر، في ظلمة تلك البئر العميقة، سائلا المولى عز وجل بأن يتغمده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، ويلهم ذويه ومحبيه، وأبناء وطنه الصبر والسلوان".
وأخرجت فرق الإسعاف المغربية الطفل ريان ليل السبت ميتا من البئر التي ظل عالقا فيها لمدة خمسة أيام، وفق ما أعلن بيان للديوان الملكي، وذلك بعدما ظلت الجهود المضنية للوصول إليه تشد الأنفاس في المغرب وخارجه منذ الأربعاء.
وأفاد البيان أن العاهل محمد السادس قدم تعازيه لوالدي الطفل ريان في اتصال هاتفي "بعد الحادث المفجع الذي أودى بحياته". وصدر البيان لحظات بعد أن أخرجته فرق الإسعاف من النفق الذي استغرق تشييده أربعة أيام للوصول إليه.
وجرى إخراجه وسط تكبيرات جمهور من المواطنين الذين ظلوا محتشدين حول مكان الحادث، ودعوات "لا إله إلا الله ريان حبيب الله"، في أجواء جنائزية رهيبة تحت أضواء كاشفة.
كان الطفل البالغ خمسة أعوام سقط الثلاثاء في بئر بجانب بيت العائلة في قرية إغران قرب مدينة شفشاون (شمال) في حادث عرضي، وفق ما أوردت وسائل الإعلام المحلية. ومنذ الأربعاء أثارت مأساته اهتماما وتعاطفا على نطاق واسع في المغرب وفي العالم العربي وخارجه.
وظلت الآمال قائمة لإخراجه حيا لكنها تضاءلت مع مرور الوقت، حيث باشرت فرق الإنقاذ منذ الأربعاء عملية معقدة للوصول إليه واجهتها عدة صعوبات، بحسب ما أوضحت السلطات المحلية طيلة الأيام الماضية.
كما ظلت والداه متمسكين بالأمل في ملاقاته حيا بحسب ما نقلت عنهما وسائل إعلام محلية الجمعة.
وقال الملك إنه "أصدر تعليماته السامية لكل السلطات المعنية، قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة، وبذل أقصى الجهود لإنقاذ حياة الفقيد، إلا أن إرادة الله تعالى شاءت أن يلبي داعي ربه".
-عملية معقدة-
عصر السبت تمكنت فرق الإسعاف من دخول النفق الذي جرى تشييده في عملية معقدة على أمل إنقاذ الطفل مرفوقة بفريق طبي، وظل الترقب سيد الموقف إلى أن أعلنت وفاته ليلا.
ولم يكن ممكنا إلى حدود تلك اللحظة "أن نجزم بأي شيء حول الحالة الصحية" للطفل، وفق ما أوضح المسؤول في لجنة الإنقاذ عبد الهادي الثمراني لوكالة فرانس برس، مشيرا إلى أن الكاميرا المثبتة فوق البئر كانت "تظهره مستلقيا على جانبه لا نرى سوى ظهره".
وعملت فرق الإنقاذ على تزويده بالماء والأوكسيجين خلال الأيام الأخيرة، لكنها لم تتأكد من أنه استعملهما، حسب مراسلي وكالة فرانس برس.
وساد اعتقاد الجمعة بأن العملية اقتربت من نهايتها. لكن العمل تباطأ ولجأ المنقذون إلى الحفر اليدوي طوال الليلة الماضية بسبب مخاوف من انهيار للتربة وبعدما واجهتهم صخرة "أخرتنا كثيرا" فجر السبت، حسب الثمراني الذي أشار أيضا إلى المخاوف "من انهيار البئر".
وتخلصت فرق الوقاية المدنية من الصخرة بعد ثلاث ساعات مستعينة بأدوات كهربائية صغيرة، لتفادي إحداث شقوق قد تؤدي إلى انهيار حوالي البئر.
كما عملت على حفر نفق أفقي يمتد على ثلاثة أمتار تقريبا أملا بالنفاذ منه لاخراج الطفل، وذلك بعد دراسة تقنية لمهندسين طوبوغرافيين وأخصائيي الوقاية المدنية لطبيعة التربة بهدف تأمين جنباته.
- "ريان حبيب الله" -
وظل الكثير من الأشخاص متجمهرين في محيط الموقع، بينما وضعت القوى الأمنية التي عززت انتشارها في المكان حواجز للحيلولة دون عرقلتهم جهود فرق الإنقاذ.
ورددوا تكيبرات وبدا بعضهم باكيا في اللحظات التي تلت إخراج الطفل، وفق ما أظهرت القناة الثانية العامة في بث مباشر. إضافة إلى عبارة "ريان حبيب الله" التي تستعمل عادة لتشييع الشهداء.
بينما سعى آخرون إلى التطوع لمد يد العون للمنقذين خلال الأيام الماضية.
وقال أحد سكان القرية حفيظ عزوز لوكالة فرانس برس ظهر السبت "نحن متضامنون مع هذا الطفل العزيز على كل المغاربة وفي العالم أيضا، رجاؤنا في الله أن يخرج" من البئر.
وحاول متطوعون من أبناء القرية وفرق الإنقاذ في البداية النزول إلى البئر لانتشال الطفل لكنّ قطرها الضيق حال دون ذلك.
وجرى التفكير أيضا في توسيع قطر البئر لكن المخاوف من انهيار التربة جعلت المنقذين يعدلون عن هذا الخيار، ليتم العمل على حفر نفق مواز وسط صعوبات وحذر شديد لتفادي أي انهيار.
-"محدودية الآليات"-
على الرغم من هذه التعقيدات، نبّه المسؤول في وزارة التجهيز أحمد بخري إلى "محدودية الآليات (...) التي لا تتجاوز قدرتها حفر 20 مترا في اليوم".
واضاف لموقع هسبريس المحلي الجمعة "كان بالإمكان النجاح في إنقاذه في أقل من 48 ساعة" لولا "صعوبة وصول آليات بقدرة حفر أكبر تصل إلى 100 متر في اليوم" إلى موقع الحادث.
ويثير الحادث متابعة وتعاطفا على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، في المغرب وخارجه. وغرد مدونون من بلدان كثيرة مثل الجزائر والعراق واليمن وكندا والولايات المتحدة بلغات متعددة للتعبير عن رجائهم إنقاذ الطفل.
وكتب أحدهم على تويتر "الملايين عبر العالم يحبسون أنفاسهم في هذا السباق مع الزمن لإنقاذ ريان"، بينما وجه مدون آخر التحية لفرق الإنقاذ "الأبطال الحقيقيون (...) واصلوا هكذا العالم أجمع يعول عليكم".
وأعاد إلى الأذهان حادثا مماثلا في إسبانيا العام 2019 حين سقط طفل يبلغ عامين عرضا في بئر، انتهى بمأساة اذ عثر عليه ميتا بعد 13 يوما من عمليات البحث، مسببا حزنا كبيرا في البلاد.