الرئيس الفلسطيني محمود عباس
محمود عباس: "نمد أيدينا لصنع السلام"
قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن ذكرى انطلاقة ثورتنا تأتي في ظروف بالغة الدقة والصعوبة جراء مواصلة الاحتلال الإسرائيلي البغيض تعميق ممارساته القمعية والاضطهادِ ضد شعبنا ونهب أرضنا وثرواتنا الطبيعية وخنق اقتصادنا ومصادرة أموال ضرائبنا، وتقييد حرية شعبنا، وممارسة أبشع سياسات التمييز العنصري، والتطهير العرقي، والإرهاب المنظم، وهو ما نرفضه.
وأضاف عباس في كلمة متلفزة عبر تلفزيون فلسطين، اليوم الجمعة، لمناسبة الذكرى الـ 57 لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة وحركة فتح، "لقد نفد صبرنا على الواقع المرير الذي يعيشه شعبنا منذ قرابة ثمانية عقود، ولن نقبل بممارسات الاحتلال الإسرائيلي الممنهجة لتغيير طابع وهوية مدينة القدس، والاعتداء على حرمة مقدساتنا فيها ولا سيما في المسجد الأقصى، وكنيسة القيامة، والحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل".
وتابع الرئيس "نمد أيدينا لصنع السلام العادل والشامل وفي إطار مؤتمر دولي يعقد وفقا لقرارات الشرعية الدولية، وبرعاية الرباعية الدولية بهدف إنهاء الاحتلال لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس".
وحيّا الرئيس الفلسطيني شعبه الصامد والصابر والمرابط، الذي لا حدود لعطائه وتضحياته على مدى قرن من الزمان وإلى يومنا هذا، مدافعا عن هويته وحقه في أرضه ومقدساته الإسلامية والمسيحية.
كما حيّا صمود الأسرى البواسل لعطائهم وتضحياتهم وصبرهم في مواجهة الاحتلال وسجانيه دفاعا عن حريتهم وحرية الوطن وكرامة شعبنا وحقوقه، وكذلك جرحانا الأبطال، قائلا "لن نتخلى عنكم، فإن نضالاتكم هي أوسمة رفيعة تشهد على تضحياتكم دفاعا عن وطنكم وشعبكم".
واستذكر الرئيس القائد الشهيد الرمز أبو عمار، والقادة الشهداء المؤسسين، وشهداءنا الأبرار كافة، الذين قضوا دفاعا عن فلسطين أرضا وشعبا وقضية وقرارا وطنيا مستقلا.
وفيما يلي نص كلمة الرئيس الفلسطيني محمود عباس:
"بسم الله الرحمن الرحيم "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ". صدق الله العظيم
يا أبناءَ شعبنا العظيمِ في فلسطينَ، وفي كلِ مكان، أحييكمْ حيثُما كنتم، ونحنُ نقفُ اليوم، كما كنا دائماً، شعباً صامداً صابراً ثابتاً ومرابطاً، لا حدودَ لعطائهِ وتضحياتهِ على مدى قرنٍ منَ الزمانِ وإلى يومنِا هذا، مدافعينَ عنْ هُويتنِا وحقِنا في أرضِنا، ومقدساتِنا الإسلاميةِ والمسيحية.
ونحنُ نُحْيي اليومَ الذكرى السابعةَ والخمسينَ لانطلاقةِ الثورةِ الفلسطينيةِ المعاصرة، نستذكرُ القائدَ الشهيدَ الرمزَ أبو عمار، والإخوةَ القادةَ الشهداءَ المؤسسين، وشهداءَنا الأبرارَ كافة، الذين قضَوا دفاعاً عنْ فلسطينَ أرضاً وشعباً وقضيةً وقراراً وطنِياً مستقلاً، سائلينَ اللهَ أنْ يتغمدَهمْ بواسعِ رحمتهِ ويسكنهمْ فسيحَ جناتهِ في عِليين.
كما ونوجهُ لأسرانا البواسلِ تحيةَ إكبارٍ وتقديرٍ لعطائِهمْ وتضحياتِهمْ وصبرهمْ في مواجهةِ الاحتلالِ وسجانيهِ دفاعاً عنْ حريتِهمْ وحريةِ الوطنِ وكرامةِ شعبِنا وحقوقِه، ونُحيّي كذلكَ جرحانا الأبطال، ونقولُ لأبطالنِا الأسرى والجرحى وعائلاتِهم وعائلاتِ الشهداءِ بأننا لنْ نتخلى عنهم، فإنَّ نضالاتِكمْ هي أوسمةٌ رفيعةٌ تشهدُ على تضحياتِكمْ دفاعاً عنْ وطنِكم وشعبِكم، بُوركتمْ جميعاً وبُوركَ شعبُنا نبعُ العطاءِ والفداء.
ونُحييّ ايضاً أبطالَ المقاومةِ الشعبيةِ منْ أبناءِ شعبنِا الذينَ يُواجهونَ عدوانَ المحتلينَ وإرهابَ المستوطنينَ بصدورِهم العاريةِ دفاعاً عنِ الأرضِ والهويةِ والوطن.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة،
يا أبناءَ شعبِنا الفلسطيني العظيم،
تأتي ذكرى انطلاقةِ ثورتنِا اليومَ في ظروفٍ بالغةِ الدقِة والصعوبةِ جراءَ مواصلةِ الاحتلالِ الإسرائيليِ البغيض، تعميقَ ممارساتِه القمعيةِ والاضطهادِ ضدَ شعبنِا ونهبَ أرضِنا وثرواتِنا الطبيعيةِ وخنقَ اقتصادنِا ومصادرِة أموالِ ضرائبِنا، وتقييدَ حريةِ شعبِنا، وممارسةَ أبشعِ سياساتِ التمييزِ العنصري، والتطهيِر العرقي، والإرهابِ المنظم، وهو ما نرفضُه كما نرفضُ عملياتِ هدم البيوتِ ومصادرةِ الأراضي، وترحيلِ أبناءِ شعبِنا منْ بيوتِهمْ في الشيخِ جراح، وسلوان، واقتلاعِ أشجارِ الزيتونِ وحرقِ الحقولَ، والتنكيلِ بأسرانا في سجونِهم، واحتجازِ جثامينَ شهدائِنا، ومواصلةِ حصارِ شعبِنا في قطاعِ غزَة منذُ سنواتٍ طوال؛ وهي الممارساتُ والجرائمُ التي تقومُ بها سلطاتُ الاحتلالِ منذ تأسيسِها ولا زالتْ حتى اللحظة؛ ولكننا نقولُ لإسرائيلَ وقادتِها ومستوطنيها ومتطرفيها بأننا لنْ نقبلَ ببقاءِ احتلالِكم، ومستوطناتِكمْ على أرضِنا، مهما كانتِ التضحيات، ولقدْ نفد صبرُنا على هذا الواقعِ المرير، الذي يعيشُه شعبُنا منذُ قُرابةِ ثمانيةِ عقود، كما وأننا لنْ نقبلَ بممارساتِكمْ الممنهجةِ لتغييرِ طابعِ وهويةِ مدينةِ القدس، والاعتداءِ على حرمةِ مقدساتِنا فيها ولا سيما في المسجدِ الأقصى، وكنيسةِ القيامة، والحرمِ الإبراهيمي في مدينة الخليل.
وفي نفسِ الوقت، فإننا نمدُّ أيدَينا لصنعِ السلامِ العادلِ والشاملِ وفي إطارِ مؤتمرٍ دوليٍ يُعقدُ وفقاً لقراراتِ الشرعيةِ الدولية، وبرعايةِ الرباعيةِ الدوليةِ بهدفِ إنهاءِ الاحتلالِ لأرضِ دولةِ فلسطينَ بعاصمتِها القدس. ونجددُ التأكيدَ بأننا لنْ نقبلَ ببقاءِ الاحتلالِ للأبد، لذلكَ فقدْ دعَوَنا لعقدِ مجلسٍ مركزيٍ فلسطينيٍ في مطلعِ هذا العامِ لتدارسِ آخرِ التطوراتِ واتخاذِ القراراتِ الحاسمةِ الضروريةِ لمواجهةِ هذهِ الانتهاكاتِ والجرائمِ بحقِ شعبنِا وأرضنا.
هذا وإننا سنواصلُ أيضا جهودَنا وعملَنا لتوحيدِ أرضِنا وشعِبنا، وتشكيلِ حكومةِ وحدةٍ وطنيةٍ جامعةٍ منَ القوى الملتزمِة بالشرعيةِ الوطنية والدولية؛ كما وسنستمرُ في مواصلةِ العملِ بالشراكةِ مع مؤسساتِ المجتمعِ المدني، والقطاعِ الخاص، والمضُي قدماً في بناءِ مؤسساتِنا على أساسِ سيادةِ القانون، والعملِ على النهوضِ بالاقتصادِ الوطنيِ الفلسطيني، وتمكينِ المرأةِ والشباب.
ولا يفوتُنا أنْ نغتنمَ هذهِ المناسبةِ لنشكرَ كلَ منْ وقفَ إلى جانبِ ثورتنِا وشعبِنا وكلَ مَنْ دَعَمَ روايتنَا وحقوقَنا المشروعةَ منْ دولٍ وهيئات، ومؤسسات، وحركاتِ تحرر، وشعوبٍ، وشخصياتٍ عربيةٍ ودوليةٍ على مدى العقودِ الماضية، والتي لا زالت ثابتةً ومتمسكةً بمواقفِها، وعبرَ كلِّ مراحلِ نضالنِا وإلى الآن.
وفي الختام، نُحييّ بإجلالٍ ذكرى شهداءِ ثورتِنا وشعبِنا الأبرار، والتحيةُ لأسرانا البواسلِ الذينَ لنْ نتخلى عنهم، والشفاءُ العاجلُ لجرحانا الأبطال.
عاشتْ فلسطينُ بعاصمتِها القدس،
وعاشتْ ذكرى انطلاقةِ ثورتنِا المجيدة.