الأسير المحرر مجدي عامر ووالدته
ماتت في أحضان ابنها المحرر بعد ١٦ عاما قضاها في سجون الاحتلال الإسرائيلي
في أول ليلة للأسير المحرر مجدي عامر (45 عاما) من بلدة كفر قليل جنوب نابلس، بعد الإفراج عنه قبل 10 أيام من سجون الاحتلال الإسرائيلي، أراح رأسه على صدر والدته ونام بجوارها حتى الصباح، وشاركها الفراش نفسه، بعد أن أطعمته بيدها.
فرحة هذا اللقاء الذي طال انتظاره لستة عشر عاما، المدة التي قضاها الأسير المحرر عامر خلف القضبان، لم تدم طويلا، فبعد يومين من الإفراج عنه أدخلت والدته هدى (80 عاما) إلى العناية المكثفة وأعلن عن وفاتها يوم أمس.
ويقول المحرر عامر: "لم تصدق والدتي أنها تراني أمامها وتستطيع لمس جسدي ومعانقتي، بعد 16 عاما من الأسر، وانقطاع زيارتها لي في سجن النقب لأكثر من ست سنوات؛ بسبب الأمراض التي أنهكت جسدها مشقة وعناء السفر لساعات طويلة؛ من أجل الوصول إلى سجن النقب".
ويضيف في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، "قضيت يومين بجوار والدتي وشاركتها نفس الفراش وتناولت الطعام من يدها، وكانت تردد دائما كلمات الحمد لله أنا الآن مرتاحة".
ويتابع عامر: "ربنا أعطاها الصبر والقوة حتى تراني لآخر مرة بين يديها، رغم وضعها الصحي المتردي، إلى أن جرى نقلها للمستشفى والإعلان عن وفاتها فيما بعد".
وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت المحرر عامر بتاريخ 15-10-2005، وكان عمره (29 عاما) وأفرجت عنه بتاريخ 14-10-2021.
لم يكن المحرر عامر وحده الذي تجرع ألم الفراق بعد تحرره من الأسر، فالقيادية المحررة خالدة جرار فقدت ابنتها سهى في تموز المنصرم أثناء قضائها حكما لمدة عامين في سجون الاحتلال الإسرائيلي؛ الذي لم يسمح لها بوداعها، ثم تفجع بوفاة والدتها بعد نحو شهر من الإفراج عنها.
القصص والحكايات عن معاناة المرأة الفلسطينية من ويلات الاحتلال الإسرائيلي، تزخر بالكثير من التفاصيل التي تحدث فيها كل الصعاب والأوجاع التي مرت بها، كما كانت تفعل والدة الأسير المحرر ياسر المشعطي، من بلدة دير الحطب شرق نابلس، التي واظبت على زيارة نجلها في سجون الاحتلال، برفقة زوجته وحفيدها، متحملة مشقة السفر وعناء الانتظار لساعات على حواجز الاحتلال، حتى تصل الى قاعة الزيارة دون الدخول اليها والانتظار خارجا.
والدة الأسير المشعطي الذي قضى 18 عاما في سجون الاحتلال الإسرائيلي وأفرج عنه عام 2019، كانت تعاني من "فوبيا الأماكن المغلقة"؛ لكنها كانت تصر على الذهاب إلى الزيارة وتنتظر خارج القاعة، دون علم نجلها بحضورها، حتى تنتهي الزيارة، لتنقل لها زوجته أدق التفاصيل عن أحواله وصحته حتى ألوان ملابسه، حسب ما يؤكده المحرر المشعطي.
ويقول المحرر المشعطي "والدتي كانت تعاني من مرض فوبيا الأماكن المغلقة، وكانت تحضر برفقة زوجتي وابني إلى الزيارة وتطلب منهما ألا يخبراني بأنها تنتظر في الخارج وأن وضعها الصحي لا يسمح لها بالدخول إلى القاعة؛ حتى لا أنزعج وتتأثر نفسيتي".
ويضيف، "زوجتي كانت تخبرني بأن والدتي لم تستطع الحضور للزيارة لأنها كبيرة بالسن ولا تتحمل التنقل في الحافلات لمسافة طويلة".
ويتابع المشعطي: "بعد سنوات توفيت والداتي وأنا داخل الأسر، وعلمت بما كانت تفعله من انتظار خارج قاعة الزيارة، لتنقل لها زوجتي أخباري وأدق التفاصيل عني، ولتعود إلى إخوتي وتنقل لهم تحياتي وتخبرهم عن أحوالي وكيف أبدو وهم لا يعملون أنها لم تدخل القاعة أصلا".
وتجسيدا لدور للمرأة الفلسطينية في النضال الوطني والاجتماعي ومسيرتها في البناء بكافة مناحي الحياة، اعتمد مجلس الوزراء في تموز عام 2019، السادس والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول من كل عام، اليوم الوطني للمرأة الفلسطينية، فهي رمز التحدي والصمود، رغم الظروف المعيشية التي تعيشها في ظل الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته سواء من عنف، وتهجير، وتشريد، وقتل.