الأسرى الفلسطينيين يعانون أوضاعا صعبة في سجون الاحتلال الإسرائيلي
أسير فلسطيني يفقد بصره تدريجيا بسبب الإهمال الطبي في سجون الاحتلال الإسرائيلي
لم تعد والدة الأسير خالد دراغمة من زيارتها الأخيرة لنجلها مسرورة الحال كما في الزيارات السابقة، ولم تطمئن على نجلها بل زادتها قلقا.
فقد فوجئت بالحالة التي وصل لها نجلها، الذي فقد البصر كليا بإحدى عينيه، وبدأ يفقده تدريجيا بالعين الأخرى نتيجة لسياسة الإهمال الطبي داخل السجن والمماطلة في تقديم العلاج اللازم لإنقاذ بصره.
تقول أم خلدون التي تعلق صور نجلها في مختلف زوايا منزلها، إن زيارتها الأخيرة لنجلها خالد في سجن النقب كانت قبل ثلاثة أشهر، حيث وصفت الزيارة بالثقيلة، فبعد طريق طويلة وشاقة قطعتها الأم ذات الـ68 عاما لترى نجلها ويراها، فوجئت بأنه لم يتمكن من رؤيتها بعينيه، بسبب فقدانه البصر كليا بعينه اليسرى، كما أنه بالكاد يرى بعينه اليمنى.
أمضى خالد في سجنه حتى الآن 19 عاما من أصل مدة محكوميته البالغة 21 عاما، ومن المفترض أن يتنفس الحرية بعد عامين، لكن إدارة السجون تصر بممارساتها على تنغيص فرحته وفرحة عائلته وجعلها منقوصة.
يوضح طارق شقيق الأسير خالد في حديثه لــ"وفا" أن شقيقه فقد البصر بعينه اليسرى نهائيا قبل حوالي ستة أشهر وهو الآن يفقد بصره تدريجيا بالعين الأخرى، وفي حال استمرار الإهمال الطبي بحقه سيكون في وضع صعب للغاية.
معاناة خالد بدأت قبل أشهر بسبب تكون "الماء الأزرق" في عينه اليسرى أولا، وكان يحتاج لإجراء عملية جراحية بسيطة لإنقاذ بصره، لكن مماطلة إدارة السجون وإهمالها الطبي بحقه أدت لتفاقم حالته وفقدان بصره فيها، بعد ذلك بدأ يعاني من نفس الأعراض بالعين اليمنى وبصره فيها يتراجع تدريجيا حتى أصبح فقدان البصر فيها نهائيا محتملا في أية لحظة دون أن تحرك إدارة السجون ساكنا أو تستجيب لمطالبات المؤسسات الحقوقية.
هذه ليست المرة الأولى التي يعاني فيها الأسير دراغمة صحيا داخل الأسر، حيث اعتقل في العام 2002 بعد محاولة اغتياله، كما يوضح شقيقه، في ذلك الوقت أصيب بشظايا في جسده واعتقل وهو جريح وظل يعاني فترة طويلة جراء ذلك.
وتناشد عائلة الأسير كافة مؤسسات حقوق الإنسان للضغط الفعلي والحثيث على إدارة السجون لتقديم العلاج اللازم له وإنقاذ ما تبقى من بصره.
بدوره، يوضح مدير نادي الأسير في طوباس كمال بني عودة، أن سياسة الإهمال الطبي بحق الأسرى سياسة قديمة ومتعمدة تنتهجها إدارة السجون لزيادة معاناة الأسرى وذويهم، ونتيجة لهذه السياسة يعاني الكثير من الأسرى من أمراض خطيرة وأوضاع صحية في غاية الصعوبة.
ويضيف: إن ما يتعرض له الأسير دراغمة امتداد لهذه السياسة، والحال التي وصل لها الآن نتيجة الإهمال الطبي المتواصل بحقه، فالأمر كان يتطلب عملية طبية بسيطة لإنقاذ بصره.
بني عودة يؤكد أن مؤسسات الأسرى تضغط على إدارة السجون لتقديم العلاج للأسير دراغمة، كما أنها سلمت الصليب الأحمر الدولي رسالة تطالبه بالوقوف عند مسؤولياته تجاه الأسرى كمؤسسة من واجبها إنهاء معاناتهم، إضافة للتواصل مع مؤسسة أطباء بلا حدود، ولكن حتى الآن تقدم إدارة السجون وعودات لكل هذه المؤسسات دون تقديم أي إجراء فعلي.
وأكد أن وفدا من الصليب الأحمر تمكن من زيارة الأسير الأسبوع المنصرم، كما زاره محامي هيئة شؤون الأسرى قبل أسبوعين، وجميعهم شددوا على ضرورة تقديم العلاج الفوري للأسير لكن دون استجابة حتى الآن.
ووفقا لمعطيات نشرها نادي الأسير حول أوضاع الأسرى داخل سجون الاحتلال حتى نهاية شهر آب/ أغسطس المنصرم، فإن 4650 أسيرا يقبعون في 23 سجنا ومركز توقيف وتحقيق، بينهم 40 أسيرة و200 طفل قاصر.
ويبلغ عدد الأسرى المرضى، وفقا لنادي الأسير، قرابة 550 أسيرا يعانون من أمراض بدرجات مختلفة وهم بحاجة إلى متابعة ورعاية صحية حثيثة، وعلى الأقل هناك عشرة أسرى مصابون بالسرطان، وبأورام بدرجات متفاوتة.
كما أشار تقرير نادي الأسير إلى أن شهداء الحركة الأسيرة بلغ عددهم 226 شهيدا منذ عام 1967، إضافة إلى مئات الأسرى الذين اُستشهدوا بعد تحررهم متأثرين بأمراض ورثوها عن السجون، من بين الشهداء الأسرى 75 أسيرا استشهدوا نتيجة للقتل العمد، و73 جرّاء التعذيب، و7 بعد إطلاق النار عليهم مباشرة، و71 نتيجة لسياسة الإهمال الطبي (القتل البطيء).
وخلال العام المنصرم، ارتقى أربعة أسرى شهداء داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي جرّاء الإهمال الطبي، والتعذيب وهم: نور الدين البرغوثي، وسعدي الغرابلي، وداود الخطيب، وكمال أبو وعر.