عناصر من طالبان في كابول
طالبان تتعهد بحكم مختلف.. وأفغان يواصلون الفرار
قدمت حركة طالبان عرض مصالحة متعهدة بعدم الانتقام من معارضيها وباحترام حقوق النساء في حكم "مختلف" لأفغانستان عما كان عليه قبل عشرين عاما.
صدر هذا الإعلان مساء الثلاثاء بعيد عودة نائب زعيم طالبان الملا عبد الغني برادر إلى أفغانستان بعد يومين على سيطرة الحركة التي شارك في تأسيسها على البلاد، ليكرس بذلك توليها الحكم مجددا بعدما أطاح بها اجتياح غربي بقيادة الولايات المتحدة عام 2001.
وفيما يتزايد القلق في العالم إزاء سجل طالبان في مجال حقوق الانسان يواصل عشرات آلاف الافغان محاولاتهم الفرار من البلاد.
وقال المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد في أول مؤتمر صحافي في كابول أمام الصحافيين المحليين والأجانب إن "كل هؤلاء في المعسكر المعارض تم العفو عنهم بشكل تام" كاشفا هويته للمرة الاولى. وأضاف "لن نسعى الى الثأر".
وتابع أن النظام الجديد سيكون "مختلفا بشكل إيجابي" عن حكمهم بين 1996 و2001 الذي شهد عمليات رجم حتى الموت ومنع فتيات من ارتياد المدارس ونساء من العمل مع الرجال.
وأضاف مجاهد "الحرب انتهت (...) (زعيم طالبان) عفا عن الجميع"، مضيفا "نتعهد السماح للنساء بالعمل في إطار احترام مبادئ الإسلام".
وقال إن طالبان ستشكل حكومة قريبا من دون أن يعطي مزيدا من التفاصيل حول أعضائها، مكتفيا بالقول إن الحركة "ستقيم روابط مع كل الأطراف".
ولدى سؤاله عن أوجه الاختلاف بين حكومة طالبان التي أطاحها تدخل عسكري غربي بقيادة الولايات المتحدة قبل عشرين عاما والحركة اليوم، قال "إذا كان السؤال يستند إلى العقيدة والمعتقدات ليس هناك اختلاف... لكن إذا كان يستند إلى الخبرة والنضج والبصيرة، فمن دون أدنى شك هناك أوجه اختلاف كثيرة".
في ردود الفعل، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس الثلاثاء أن الولايات المتحدة تأمل أن "تفي" طالبان بوعودها في شأن حقوق الإنسان.
وقال برايس في مؤتمر صحافي "إذا كان طالبان يقولون إنهم سيحترمون حقوق مواطنيهم، فإننا نتوقع منهم أن يفوا بهذا الالتزام".
كما أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي جو بايدن تباحث مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الثلاثاء في الأزمة الأفغانية واتفق وإياه على تنظيم قمة افتراضية لمجموعة الدول السبع حول هذا الملف الأسبوع المقبل.
من جهته، أعلن وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الثلاثاء أن على الاتحاد ان "يحاور" طالبان "في أسرع وقت" لأن هؤلاء "ربحوا الحرب" في أفغانستان.
وقال بوريل في مؤتمر صحافي "طالبان ربحت الحرب في أفغانستان. لذلك، علينا ان نتحدث اليهم بهدف إجراء حوار في أسرع وقت لتفادي كارثة إنسانية وربما على صعيد الهجرة" من افغانستان.
وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الثلاثاء "سنحكم على طالبان استنادا إلى أفعالها"، معربا عن اسفه لعرقلة وصول أفغان يرغبون في إجلائهم إلى مطار كابول.
وأعلن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مساء الثلاثاء أنه سيعقد في 24 آب/أغسطس الجاري جلسة خاصة لمناقشة "القلق البالغ المتصل بحقوق الإنسان" بعد سيطرة حركة طالبان على أفغانستان.
في المقابل، أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الثلاثاء أن بلاده "لا تعتزم الاعتراف بحكومة طالبان"، في وقت يطرح المجتمع الدولي تساؤلات عن العلاقات المستقبلية مع الحركة المتطرفة.
استمرار الإجلاء
في الأثناء، يحاول عشرات الآلاف الفرار من أفغانستان خشية من حكم طالبان الإسلامي المتشدد أو خوفًا من الانتقام منهم لتأييدهم الحكومة التي دعمتها الولايات المتحدة على مدى العقدين الماضيين.
أعلنت الولايات المتحدة الثلاثاء أن طالبان وعدت بتأمين عبور آمن لآلاف المدنيين الساعين الى بلوغ مطار كابول تمهيداً لمغادرة أفغانستان.
والآلاف من الأمريكيين المقيمين في أفغانستان ومن الأفغان الذين عاونوا الغربيين يسعون إلى مغادرة البلاد خوفاً من انتقام طالبان، لكنهم عالقون خارج حرم المطار في مناطق تسيطر عليها طالبان.
وقال مستشار الأمن القومي جايك سوليفان للصحافيين في البيت الأبيض "أبلغَنا طالبان أنهم مستعدون لضمان عبور آمن للمدنيين إلى المطار، وسنحملهم مسؤولية هذا التعهد"، لافتاً إلى أن واشنطن "تحاور" طالبان أيضاً في شأن الجدول الزمني لعمليات إجلاء آلاف الأمريكيين والأفغان بواسطة طائرات أمريكية.
من جانب آخر، أعلن مسؤول في البيت الأبيض أن الجيش الأمريكي أجلى من أفغانستان لغاية اليوم أكثر من 3200 شخص، من بينهم 1100 شخص تم إجلاؤهم يوم الثلاثاء لوحده.
وأعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الثلاثاء أن بلاده ستستقبل "على المدى الطويل" ما يصل إلى 20 ألف لاجئ أفغاني، من بينهم خمسة آلاف في السنة الأولى.
وأقلعت طائرة فرنسية جديدة تقل أشخاصا تم إجلاؤهم من أفغانستان من كابول ليل الثلاثاء الأربعاء متوجهة إلى أبوظبي، عاصمة الإمارات العربية المتحدة، كما أعلن شهود عيان في المطار.
وكانت فرنسا أجلت الثلاثاء 41 فرنسيا وأجنبيا من كابول عبر جسر جوي أقامته باريس بعد استيلاء طالبان على السلطة في أفغانستان الأحد.
وفيما تعرضت الولايات المتحدة لانتقادات بسبب طريقة تعاملها مع عمليات إجلاء الأفغان، أظهر استطلاع للرأي ان مساندة الامريكيين لانسحاب قوات بلادهم من أفغانستان تراجعت بشكل حاد.
وأيدت قرارَ بايدن نسبة 49% من مجموع 1999 ناخبا شاركوا في الاستطلاع الذي أجرته "بوليتيكو" و"مورنينغ كانسلت" بين 13 و16 آب/أغسطس، مقابل 69% في نيسان/ابريل إبان إعلان الرئيس الأمريكي أن جميع الجنود الأمريكيين سيغادرون أفغانستان بحلول 11 ايلول/سبتمبر.
وأجري الاستطلاع بينما كانت طالبان تشن هجومها الواسع الذي بلغت في ختامه العاصمة كابول، وفي وقت كان إدارة بايدن تعلن عزمها على إرسال ستة آلاف جندي لتأمين إجلاء نحو 30 ألف أمريكي وأفغاني.