صورة عامة للعاصمة عمان
الأردن: انكماش اقتصادي معتدل تصاحبه معاناة في القطاع الخاص والمساواة
تضرر الاقتصاد الأردني بشدة من جائحة كورونا وسط نمو منخفض ومعدلات بطالة عالية. وكانت لهذه الأزمة تأثيرات عميقة خصوصا على قطاع الخدمات وإيرادات السفر والسياحة، كذلك انكمش معها الاقتصاد في المملكة بنسبة 1.6% في عام 2020، وفقا للإصدار الأخير من المرصد الاقتصادي للأردن.
تم إطلاق نسخة المرصد الاقتصادي لربيع 2021، بعنوان "طريق طويل محفوف بعدم اليقين"، خلال حدث افتراضي استضافه منتدى مؤسسة عبد الحميد شومان الثقافي.
هذا هو الانكماش الأول للاقتصاد الأردني منذ ثلاثة عقود؛ وعلى الرغم من كونه انكماش تاريخي بالنسبة للأردن، إلا إنه يعد من بين الأقل عالمياً في عام 2020.
ويمكن أن يرجع جزء من هذا التأثير المعتدل إلى حزم التحفيز المالية والنقدية الكبيرة التي ضختها الحكومة والموجهة لدعم الأسر الفقيرة والأكثر احتياجاً، بإجمالي حوالي 10.5% من إجمالي الناتج المحلي. وكان للانخفاض الحاد في تكلفة واردات النفط أثره الكبير على تعويض الخسائر التي تكبدها الاقتصاد الأردني أثناء هذه الأزمة.
ومن المرجح أن يؤدي استمرار عدم اليقين بشأن مسار جائحة كورونا، على الرغم من توفير اللقاحات المضادة للفيروس والتعافي العالمي غير المتكافئ، إلى إبطاء وتيرة عودة القطاعات كثيفة الاتصال المباشر مع الزبائن مثل قطاع الخدمات وقطاع السياحة، حيث يُتوقع تعافى الاقتصاد الأردني بشكل تدريجي فقط مسجلاً نمواً بنسبة 1.4% في عام 2021.
وفي معرض تعقيبه على التقرير، قال ساروج كومار جاه المدير الإقليمي لدائرة بلدان المشرق بمجموعة البنك الدولي: "لقد تمكنت الحكومة الأردنية من التخفيف من بعض آثار الأزمة من خلال برامج الدعم الطموحة التي جاءت في حينها بالنسبة للقطاعات الاقتصاية المتضررة والعاملين الأكثر احتياجاً، ومع ذلك تبقى التحديات قائمة. إن البنك الدولي ملتزم بمساندة الأردن ومساعدته على تحفيز خلق فرص العمل المستدامة والسعي إلى تحقيق التعافي غير الضار بالبيئة والقادر على الصمود أمام التغيرات المناخية."
وللمضي قدماً، يؤكد المرصد أن هناك حاجة إلى مجموعة من الإصلاحات المحفزة والممكنة للاستثمار لدعم التعافي القوي، وبالنظر إلى أن الأردن كان يعاني من ضعف النمو الاقتصادي وركود الإنتاجية قبل أزمة فيروس كورونا، فقد ساهمت العوائق الهيكلية في سوق العمل في الارتفاع المطرد للبطالة - حيث يعاني الأردن من واحد من أدنى مستويات مشاركة المرأة في القوى العاملة في العالم وارتفاع معدلات العمالة غير الرسمية.
وفي هذا الصدد، قالت سعدية رفقات، وهي خبيرة اقتصادية أولى بالبنك الدولي ومؤلفة التقرير: "توفر الأزمة الحالية فرصة للأردن لإعادة البناء بشكل أفضل، حيث تحتاج البلاد إلى التركيز على الإصلاحات التي يمكن أن يشعر بها المواطنون الأردنيون والقطاع الخاص من خلال تحسين مناخ الاستثمار فيه للمساهمة في النمو وخلق فرص العمل".
يحتوي المرصد الاقتصادي لربيع 2021 على موضوعين خاصين وهما: لمحة عن القطاع الخاص ومراجعة لعدم المساواة في الأردن ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على النطاق الجغرافي الأوسع.
وينظر الموضوع الأول في تأثير الجائحة على الشركات الأردنية، حيث أدت عمليات الإغلاق والصدمات في ندرة طلبات المستهلكين إلى إغلاق منشآت الأعمال، لا سيما في قطاع الخدمات. وعلى الرغم من أن الشركات الأردنية أدخلت منتجات جديدة واستخدمت التقنيات الرقمية، إلا أنها تقول إن وتيرة التحول أبطأ مما يمكن أن تكون عليه.
أما الموضوع الثاني فيركز على الآثار الاجتماعية والاقتصادية لجائحة كورونا. وعلى الرغم من الإعلان عنها على أنها "عامل التعادل الكبير"، إلا إن تقرير المرصد يصرح بأن الآثار الصحية والاقتصادية للجائحة قد أثرت بشكل غير متناسب على الفئات الفقيرة والأكثر احتياجاً في جميع أنحاء المنطقة، مما أدى إلى تضخيم التفاوتات الموجودة مسبقاً بين الأغنياء والفقراء فيما بين بلدان المنطقة بعضها البعض، وأيضاً داخل تلك البلدان ذاتها مع ظهور عواقب قد تكون ذات أجل طويل.