الصورة أرشيفية
إغلاق المساجد يؤكد مقاصد الشريعة الاسلامية ويسهم بعدم تسجيل اصابات بكورونا
أجبر انتشار فيروس كورونا المستجد، الحكومة على اتخاذ حزمة من التدابير والقرارات الاحترازية، من بينها إغلاق جميع مساجد المملكة، حفاظا على سلامة المواطنين ومنعا لانتقال العدوى وانتشار الفيروس، الأمر الذي اسهم بعدم تسجيل إصابات بالفيروس.
وكانت وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية عممت في الرابع عشر من آذار الماضي، على جميع العاملين بالمساجد والمصليات بإيقاف الصلاة فيها، كإجراء احترازي ووقائي للحفاظ على المصلين من انتقال العدوى، كما جددت تأكيدها إغلاق المساجد إلى نهاية شهر رمضان المبارك لاعتبارات متعددة.
وقال عميد كلية الشريعة بجامعة اليرموك الدكتور أسامة الفقير لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) إن هناك قاعدة فقهية تقول "من يعلم حجة على من لا يعلم"، أي من لديه علم كاف عن الانتشار الوبائي هو من يقرر بهذا الشأن، وهذا من حيث الأصل، مبينا أن قرار إغلاق المساجد جاء حفاظاً على النفس الإنسانية وهذا مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية فيه مصلحة عامة للمجتمع بأسره.
وأشار إلى أهمية النظر بشمولية إلى واقع الأمور والإجراءات، فهناك العديد من القطاعات والأنشطة التي تم إغلاقها ومنعت من ممارسة أعمالها منها الجامعات والمدارس والأفراح وبيوت العزاء، داعياً في الوقت ذاته وزارة الأوقاف إلى إيجاد آلية لفتح المساجد خلال الأيام المقبلة ضمن ضوابط معينة، إلى جانب السماح بفتح مكبرات الصوت الخاصة بالمساجد لبث خطبة الجمعة والابتهالات والأدعية الدينية، لإضفاء الأجواء الإيمانية والروحانية لشهر رمضان المبارك.
كما دعا المواطنين إلى تحسّب الأجر من الله والصبر والتحمل على عدم القدرة للوصول إلى المساجد، مؤكدا أنه لا يستطيع أحد أن يتحمل مسؤولية نتائج نقل العدوى في ظل انتشار الوباء. بدوره، قال اختصاصي الأمراض الصدرية والحثيثة الدكتور عمر خريسات، إن السبب الرئيسي لإغلاق المساجد وأماكن التجمع الأخرى، هو التواصل المباشر، أي الجلوس مع شخص عن قرب لمسافة أقل من متر ولفترة زمنية تزيد عن 10 دقائق، وذلك ما يتحقق في المساجد والمدارس والجامعات، وهو ما يختلف عن التجمعات الأخرى، في مدة فترة التواصل.
وأضاف إنه لا يمكن ضمان التزام المصلين بالإجراءات الوقائية الضرورية، من لبس الكمامات والقفازات والتعقيم، لافتا إلى ضرورة وقوف أشخاص خارج المسجد لتعقيم المصلين قبل دخولهم للمسجد، فضلاً عن صعوبة تعقيم سجاد المسجد بعد كل صلاة.
وبين خريسات أن الهدف من الإجراءات المتعلقة بقرار إغلاق المساجد ليس لذات الغلق، وإنما للوصول لنتائج مُرضية، وما نراه اليوم من تسجيل صفر إصابة هو أهم نتائج هذه القرارات.
من جانبه، عبَّر استشاري الأمراض المعدية في مستشفى الجامعة الأردنية الأستاذ الدكتور فارس البكري، عن تقديره للإجراءات التي اتخذتها الحكومة ومنها إغلاق المساجد في ظل الظروف التي يعيشها العالم بسبب جائحة كورونا.
وعزا استمرار الإغلاق المؤقت للمساجد، لصعوبة تطبيق التباعد الاجتماعي (الجسدي) بين المصلين، ولا يمكن ضمان التزام الجميع بهذا الأمر، لافتاً إلى ضرورة التعلم والاستفادة من تجارب دول أخرى في هذا المجال، حيث كانت دور العبادة أحد البؤر لتفشي هذا الوباء.
وأكد البكري أن الخوف الحقيقي من فتح المساجد يكمن في احتمالية تواجد أشخاص يحملون المرض ولا يظهر عليهم أعراضه، فضلاً عن تواجد الفيروس على أسطح وأرضيات وسجاد المسجد، الامر الذي يؤدي الى انتقال العدوى للمصلين، مبيناً أن "هناك دراسات أكدت أن فيروس كورونا يعيش من ساعات إلى أيام على الأسطح ما قد يؤدي إلى انتقال العدوى لعدد كبير من المصلين وخصوصا لصعوبة تنظيف المسجد بين صلاة وأخرى".
وأشار إلى أن طبيعة المساجد هي أماكن مغلقة وقد لا تتوافر فيها التهوية المناسبة، وان انتقال الفيروس للمصلين بالمسجد لا يتوقف عندهم بل قد تؤدي إصابتهم لانتقال الفيروس لعائلاتهم وللمجتمع، لافتا الى اهمية اخذ الحيطة والحذر مع بدء إجراءات فك الحظر واختلاط الناس حتى لا يعود الوباء .
وأوضح البكري أن عدد المرضى في الأردن قليل نسبياً مقارنة بدول أخرى، الأمر الذي يؤكد ضرورة الحفاظ على هذه الخصوصية بشتى الوسائل، لافتاً إلى أن دولا عظمى سجلت مئات الآلاف من الحالات وآلاف الوفيات، ورأينا كيف أُنهك فيها نظام الرعاية الصحية وهذا ما نريد أن نتجنبه في الأردن.