مرحبا بك في موقع رؤيا الإخباري لتطلع على آخر الأحداث والمستجدات في الأردن والعالم

 رئيس الوزراء الأردني الأسبق طاهر المصري

1
 رئيس الوزراء الأردني الأسبق طاهر المصري

طاهر المصري يوجه رسالة الى "سيادة الشعب الفلسطيني"

نشر :  
08:20 2020-03-01|

قال رئيس الوزراء الأردني الأسبق طاهر المصري إن المشروع الأمريكي الجديد ليس خطة سلام، ولا تسوية، كما تعرفون؛ بل هو محاولة بالغة الفجاجة، والوقاحة السياسية، لتنفيذ واحدة من أقصى طموحات ومراحل المشروع الصهيوني تقدما، بنفي وجود الشعب الفلسطيني وآماله وواقعه في استمرار حضوره، مشيرا الى أن ذلك ليس قدرا محققا، وفرص فشله أكبر بكثير من فرص نجاحاته، ليس في بلادكم فحسب، بل وفي المنطقة كلها.


جاء ذلك في رسالة وجهها  رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري بمناسبة تصاعد التضامن الدولي مع حملة "صلاة الفجر العظيم"، نصرة للشعب الفلسطيني في دفاعه عن مقدساته وحقه التاريخي فيها وفي أرضه التاريخية.

 وفيما يلي نص الرسالة:

 أيها الفلسطينيون، المزروعون في ساحل كنعان المتوسطي الطويل..

أيها الحاضرون، في الزمان والمكان؛ قبل البدء وقبل الكلام؛ في بطن أرض كنعان، وفي سرتها؛ من حوض مرج بن عامر، في شمالكم، إلى مرفأ التوابل والبخور في (إيلاف هاشم) في غزتكم..

 أيها المقدسيون، ويا أهل خليل الرحمن، وأنتم تدشنون أنبل الظواهر، في (صلاة فجركم العظيم)، في الحرمين الأقصى والإبراهيمي وكافة مساجد فلسطين التاريخية، وتقفون في وجه الطغاة، حماية لقدسكم وخليلكم ودينكم، مؤمنين متمسكين بالعهدة العمرية، وتؤدون صلاة فجركم في كل فج متاح، وعلى طريق المجاهدين بين بابي حطة والأسباط..


يا عرب فلسطين..

لا تحزنوا، أيها المقيمون في عين الوحش كشوكة..

 فأنتم لا تزالوا ملء السمع والبصر والحاضرة، أيها المقيمون في أرضكم التاريخية وجوارها، على الرغم من كل فجور وشراسة وتغول للقوة الغاشمة ومفاعيلها المدججة بالسلاح في بلادكم.

نعم أيها الشعب الفلسطيني العظيم..

 لم يعد أحد سواكم يجرؤ على مواجهة عالم أضاع لحظته الإنسانية؛ ولا إعادة المهابة لأسئلة الحق والعدل والحرية والإنصاف؛ ذلك أن أول الحقائق التي ينبغي الإقرار بها هو الاعتراف بأن (فكرة المشروع الصهيوني) قد حققت نجاحات كبرى، حتى اللحظة؛ نجاحات في هزيمة وتهشيم الفكرة العربية، سياسيا، وابتذالها، وإفساد مضامينها المؤسسة، فضلا عن تحطيم المضامين المادية لفكرة الوحدة العربية، وإمكانية إنجازها ماديا على الأرض، وربط كل طموح سياسي عربي فردي..! للبقاء والاستمرار في الحكم بوجودها وبقائها؛ بل وأكثر، بعلاقة مباشرة معها..!


 نعم.. لقد نجحت فكرة المشروع الصهيوني في إحياء كامل نزعات الهوية الانفصالية، في جغرافيا العالم العربي، إثنيا وعرقيا ودينيا ومذهبيا وثقافيا، غير أن الأمل ينبغي له أن يظل حاضرا وموجودا؛ أمل هو نقيض الوهم، ويقوم على نسف كل هذا الهراء السياسي القائم في المنطقة؛ أمل يستقي مشروعيته من حق الفرد والجماعة الإنساني في البقاء والحرية؛ وشجب كل مشاريع إلغاء وتشويه الوجود الاجتماعي للناس في جغرافيا المنطقة، ومهما تعالت أصوات العسف والظلم..

أيها المقيمون في عين الشمس..

إن المشروع الأمريكي الجديد ليس خطة سلام، ولا تسوية، كما تعرفون؛ بل هو محاولة بالغة الفجاجة، والوقاحة السياسية، لتنفيذ واحدة من أقصى طموحات ومراحل المشروع الصهيوني تقدما، بنفي وجودكم وآمالكم وواقعكم في استمرار حضوركم في بلادكم. غير أن ذلك ليس قدرا محققا، وفرص فشله أكبر بكثير من فرص نجاحاته، ليس في بلادكم فحسب، بل وفي المنطقة كلها..

 وهنا، أدعوا قيادتكم الرسمية، من خلال سيادة الشعب العربي فلسطيني التاريخية، أن تجدد وتطور في وسائلها وأساليب تعاملها مع اللحظة الراهنة، بالسعي لاستغلال وتطوير كل مبادرة في هذا الكون، ومهما كانت صغيرة، لمجابهة هذ الانهيار في القيم والأخلاق والقوانين، الذي تحمله صفقة القرن، في فرض وتكريس الأمر الواقع بالقوة، تحت عنوان شديد الزيف والتضليل: (سلام من أجل الازدهار). فهناك مجموعة من الدول الأوروبية تسعى لدفع مبادرة تقودها السويد للاعتراف المشترك بالدولة الفلسطينية، ردا على مشروع صفقة ترامب ونتنياهو. وهو جهد سياسي أوروبي ينبغي للقيادة الفلسطينية الاشتباك معه وتطويره، فهو يضم مروحة واسعة من الطيف السياسي الأوروبي لا يقل عن عشر دول.

 فبيدكم، أنتم وحدكم، مفاتيح السلم والحرب في المنطقة برمتها. وإلى جانبكم، تقف كل المؤسسات الدولية والعربية، وكل أحرار العالم في بقاع الأرض كافة، حتى لو كان ذلك نظريا أو ظاهريا. فيكفي أن يكون الحق معكم، وحق الشعوب في تقرير مصيرها هو حق ثابت لا يضيع؛ وإرثكم الإسلامي المسيحي في القدس وجوارها خالد أبد الدهر، منذ دشنته العهدة العمرية بين عمر بن الخطاب والمطران صفرونيوس.

 أيها الشعب الفلسطيني النبيل والمظلوم..

 أعرف أن أكثر ما يمس نفوسكم وأرواحكم ويجرحها هو ما يصلكم من أصوات ومواقف عربية مخاتلة ومواربة، عشية آخر أوهام مشروعات التصفية الأمريكية لأنبل قضايا الكون المعاصرة؛ قضيتكم،القضية الفلسطينية. وأعرف أننا نخسر كل ساعة أملا، وينغرس في صدورنا سكين الاختلاف الفلسطيني. فنحن اليوم أمام لحظة فارقة: نكون أو لا نكون. بل نكون. فاتقوا الله، واتقوا شعبكم، ليكون.. وتكونون معه.

 قد يكون من البداهة التذكير بأننا، عربيا، فشلنا، وعن قصد ودراية، وجهل، وعجز، وانتهازية سياسية، ليس في مواجهة المشروع الصهيوني فحسب، بل وفي إنجاز مهمات الدولة الوطنية في التنمية وبناء مستقبل الأجيال. فأسقطت تجاربنا السياسية، الوطنية منها والدينية والقومية واليسارية، الناس، والعرب، في جدل هويات قطرية، وفرعية. فشلت قدرات العرب الهائلة، في مستنقع البؤس والعجز والضياع والصدام الداخلي. ما سمح للعدو الصهيوني المباشر، والاستراتيجي، بتحقيق انتصارات فادحة، في فلسطين والمنطقة.

 وعلى الرغم من كل ذلك، فإنني أدعو إلى عدم السقوط في شرك التحريض الصهيوني، ثقافيا وسياسيا، بين العرب والفلسطينيين، والاكتفاء بالمواقف الرسمية المعلنة للدول العربية، التي عبرت عن رفضها للصفقة العتيدة، وعن دعمها لمطالب الفلسطينيين التاريخية، كما جاء في بيان اجتماع مجلس الجامعة العربية الأخير، على مستوى الوزراء، وفي اجتماع البرلمانات العربية الأخير في عمان، ومحاولة تطوير ما يمكن تطويره من تلك المواقف.

أيها الفلسطينيون..

 صحيح أنهم نجحوا في إفساد الهواء والأحلام المقيمة في غرف حبيسة على هيئة أوطان، في مشرقنا المستباح الآن. غير أن هذا مشرق لا يخون ذاته. فهذه الأرض، أرضكم، بقيت طريقا للغزاة والمحاربين، على مدى التاريخ المعروف للعالم القديم. وظلت هذه الأرض، وهذه الطريق، طريقا مغرية، تلوح للغزاة من بعيد، وتغويهم ببحرها الجميل، وزرقته المتقلبة والعصية..!

 من حقكم، وأنتم المظلومون، أن تحتفظوا بكل ما أتاحته لكم شرعات الحق والعدالة البشرية، من حقوق، في الرفض والاعتراض والمقاومة بكافة أشكالها، فيما يراد لكم من نفي وإلغاء وتبديد وتلاش. ومهما تعالت محاولات تشويه كفاحكم، ونضالاتكم ومظالمكم، فأنتم،وليس غيركم، أحفاد إيل ، إله الكنعانيين المتعالي، الذي أطلق وصيته الخالدة: ازرعوا في الأرض سلاما، وأكثروا من الحب بين الحقول.. ، وورثتها، منه ومنهم، كل الديانات السماوية، دعوة، ووصايا للبشر.. غير أن أحدا لم يكترث لـ السلام ..!

لكم البقاء والخلود.

لكم المجد..

كل شعوب الأمة العربية، وأحرار هذا العالم، معكم ومع صمودكم وبقائكم.. وجدارتكم بالحياة الحرة الكريمة العزيزة.

  • صفقة القرن