ارشيفية
ايران تتجه للتحرك الدبلوماسي في اوج التوتر الاقليمي
يبدأ وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف السبت جولة دبلوماسية حساسة في محاولة لانقاذ الاتفاق النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة بعد المخاوف الدولية التي اثارها التصعيد العسكري غير المسبوق بين ايران والاحتلال على الساحة السورية.
وسيزور ظريف على التوالي بكين وموسكو وبروكسل مقر الاتحاد الاوروبي لاجراء محادثات حول الاتفاق النووي المبرم عام 2015 والذي تحاول الدول الاخرى الموقعة عليه- بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والمانيا- الحفاظ عليه.
في وسط طهران وبعد صلاة الجمعة تظاهر آلاف الايرانيين ضد الولايات المتحدة واحرقوا الاعلام الاميركية ورددوا هتافات مناهضة للاحتلال .
ويرى محللون ان ايران تبدو مصممة على عدم الانجرار الى نزاع مفتوح مع الاحتلال، عدوتها اللدود التي رحبت بالانسحاب الاميركي من الاتفاق النووي واعادة فرض العقوبات الاميركية على ايران.
وفجر الخميس، في تصعيد مفاجىء شن الاحتلال عشرات الغارات على اهداف قالت انها ايرانية في سوريا معلنة انها تاتي ردا على قصف صاروخي من الاراضي السورية على هضبة الجولان المحتلة، نسبته لايران.
وفي اول رد فعل لها، نددت ايران الجمعة بالضربات التي نفذها الاحتلال في سوريا معتبرة انها تمت على أساس "ذرائع مفبركة".
وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية بهرام قاسمي ان "الهجمات المتكررة للكيان الصهيوني على الاراضي السورية التي جرت بذرائع مفبركة ولا اساس لها، تعد انتهاكا للسيادة الوطنية ووحدة الاراضي السورية وعملا يتعارض مع جميع القوانين والقرارات والمعايير الدولية".
واعتبارا من الخميس ابلغ الرئيس الايراني حسن روحاني المستشارة الالمانية انغيلا ميركل في اتصال هاتفي ان بلاده لا تريد "توترات جديدة" وانها "عملت على الدوام على خفض التوترات في المنطقة".
وأوضح المتحدث باسم وزير الخارجية الايراني ان ظريف الذي سيرافقه مسؤولون اقتصاديون إيرانيون "سيغادر طهران مساء السبت متوجها الى بكين قبل ان ينتقل الى موسكو ومن ثم الى بروكسل".
واضاف "في مطلع الاسبوع، سيعقد لقاء في بروكسل مع نظرائه الفرنسي والالماني والبريطاني وفيديريكا موغيريني" وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي.
- هدوء على الحدود-
سادت بوادر تهدئة صباح الجمعة مع سعي قادة العالم الى احتواء هذا التصعيد الامني وتداعيات قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب في مطلع الاسبوع الانسحاب من الاتفاق النووي الايراني.
وأكدت بعثة الامم المتحدة في جنوب لبنان الجمعة إنها تراقب الحدود الجنوبية مع الاراضي الفلسطينية المحتلة عن كثب وبأن المنطقة "هادئة".
وقال اندريا تينيتي، المتحدث باسم بعثة الامم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) "إننا نراقب الوضع بشكل عام، ولكن فيما يتعلق بمنطقتنا الوضع هادئ".
وقالت تل ابيب انها شنت الضربات فجر الخميس ردا على صواريخ اطلقها "فيلق القدس" من جنوب سوريا وسقطت في هضبة الجولان المحتلة بدون التسبب باصابات. لكن ايران نفت بشكل قاطع رواية الاحتلال للاحداث.
وعلى الجانب الاخر من الحدود كانت قوات النظام السوري ايضا في حالة تاهب شديد وفلق ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان.
وخلال زيارة الى الجولان السوري المحتل، قال وزير دفاع الاحتلال افيغدور ليبرمان "استغل فرصة زيارتي اليوم للجولان، لادعو الاسد الى طرد الايرانيين، وطرد قاسم سليماني وفيلق القدس من سوريا ".
وسليماني هو قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الايراني المكلف العمليات الخاصة خارج ايران.
ويرى محللون ان الاحتلال يشعر بانها تحظى بضوء اخضر اميركي للتحرك بشكل اكثر حزما ضد الوجود الايراني في سوريا وخصوصا بعد الانسحاب الاميركي من الاتفاق النووي.
- "سلاح ثقيل"-
يرى خبراء ان ايران في وضع دقيق حيث انها تريد ابداء حزم في وجه الولايات المتحدة والاحتلال لكن في الوقت نفسه هي بحاجة لدعم الاوروبيين للحفاظ على الاتفاق النووي والابقاء على المكاسب الاقتصادية الضئيلة التي حققتها.
وقال كريم اميل بيطار مدير الابحاث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية لوكالة فرانس برس ان "ادارة روحاني لديها مصلحة في انقاذ ما تبقى من الاتفاق عبر اجراء مباحثات مع اوروبا والروس والصين وبالتالي محاولة ضبط التصعيد في سوريا قدر الامكان وعدم المضي بعيدا في ردها".
واكدت ايران انها ستبقى في الاتفاق اذا قدم الاوروبيون وروسيا والصين ضمانات قوية بان المصالح الاقتصادية الايرانية ستكون مصانة.
وتحاول روسيا حليفة نظام الرئيس السوري بشار الاسد والمقربة من ايران ومن الاحتلال في الوقت نفسه، لعب دور وساطة لتجنب تصعيد اضافي في المنطقة.
لكن يوسي ميكلبرغ من مركز الابحاث شاتام هاوس في لندن يرى ان موسكو "ليس راضية على ان تحظى ايران بالكثير من السلطة والنفوذ" في سوريا. واضاف ان الضربات التي نفذتها تل ابيب تمت على الارجح "بموافقة ضمنية من روسيا التي تعتبر ان ايران تشكل خطرا على مصالحها".
وبحسب صحيفة هآرتس فان ضباط استخبارات قالوا لوزراء الاحتلال الخميس بان اندلاع مواجهة جديدة مع ايران في سوريا ليس مرجحاً.
لكن الصحيفة حذرت ايضا في افتتاحيتها من المبالغة في ردود فعل الاحتلال الواثقة لان "طهران يمكن ان تلجأ الى سلاحها الثقيل، حزب الله، وعندها سيأخذ النزاع بعدا مختلفا تماما".