مرحبا بك في موقع رؤيا الإخباري لتطلع على آخر الأحداث والمستجدات في الأردن والعالم

رؤيا

كواليس ما يحدث داخل المراكز الأمنية | موقوفون برسم التحقيق - فيديو

كواليس ما يحدث داخل المراكز الأمنية | موقوفون برسم التحقيق - فيديو

نشر :  
منذ 7 سنوات|
اخر تحديث :  
منذ 7 سنوات|

"حاولنا الهروب مرارا ولكن كان لا بد من الاشتباك" فأن تكون أسير مخيلتك يعني أن تواجه الواقع وتحتمل سخريته، ومن ثم تصعد لمخيلتك التي لعلها تسعفك ببعض الذكريات الجيدة وجرعة بسيطة من الأمل.

هذا حال غالبية أهالي الضحايا الذين قابلناهم خلال رحلتنا في غرف التحقيق داخل مراكز الاحتجاز الأمنية، رحلة من الطراز الرفيع تصطحبك لا إراديا نحو المجهول، وهذا ما حاولنا كشف خباياه خلال هذا التحقيق.

٩٤٣ شكوى موثقة لسوء معاملة أو تعذيب داخل مراكز الاحتجاز الأولية، ٣ منها فقط حولت إلى محكمة الشرطة ومازالت منظورة أمام القضاء، ليذكر أن الأردن لم يصدر حكما واحدا بجرم التعذيب تجاه أي فرد من الأجهزة الأمنية.

تمكنا من عرض ٤ حالات فقط لكم عبر تقرير معمق يتحدث عن انتهاكات تحدث داخل مراكز الاحتجاز ولكن الشكاوى كثيرة، والحالات كثيرة ومازالت تحاول في الخفاء.

سلطان الخطاطبة سائق يعمل على بيك أب صغير، ينقل به الركاب بين منطقة كفرنجة وعجلون، ألقي القبض عليه بتهمة تعاطيه المخدرات على الطريق العام، خلال بحثنا ألتقينا الشاهد الخامس في هذه الرحلة، "جمال" ابن عم سلطان ليخبرنا بما حدث، يقول " طلعت عننا سيارة بيضا متسوبيشي ومادين ايديهم من الشبابيك وقف وقف، وقفت بمنتصف الشارع ونزلوا منها شباب وسحبوا المسدسات علينا إحنا مش فاهمين إشي".

سلطان الخطاطبة

خلال الحادثة، قال شهود عيان آخرون في شاهدتهم أمام المدعي العام في المحكمة أنهم رأوا أفرادا بزي مدني يقومون بطرح سلطان على الأرض ويدهسون بأقدامهم على رأسه.


شهادة احد شهود العيان على حادثة ضرب الشاب سلطان


يستكمل جمال حديثه ويقول بأنهم اقتادوا جمال وسلطان، إلى مركز أمن جرش وباشروا بالتحقيق معهم لشكهم بحيازتهم حبوب مخدرة داخل السيارة، وفي تلك الأثناء بدأ جمال يسمع صوت صراخ ابن عمه سلطان من داخل غرفة التحقيق وهو يقول لهم " مشان الله لا حدا يصيبني انا زلمة مريض انا ما بتعاطى انا عندي ٣ أطفال هالقد الواحد بدي أروح عليهم اتركوني انا زلمة بتعاطاش".

ولم يمضي من الوقت إلا بضع دقائق حتى ذهب جمال ليطمئن على حالة سلطان، وإذ وجده مضروب على رأسه وعلى يديه وقدميه العديد من الكدمات، وبعد عدة ساعات من بقاءه في غرفة التوقيف، ساءت حالة سلطان الصحية في المركز، وقاموا بتحويله لقسم الطوارئ في مستشفى جرش الحكومي، لكن الطبيب المناوب لم يقم بالكشف عليه ولم يسأله إن كان يعاني من آلام في الرأس أو عن سبب تقيؤه المتكرر، رغم بروز كدمات على عينه اليسرى وانتفاخ في الرأس، وعليه تم إعادة سلطان إلى المركز الأمني وتحويله إلى مركز واصلاح الجويدة في العاصمة عمان.

ستة أيام فقط.. وتوفي سلطان داخل المركز، وتبين في تقرير الطب الشرعي بعد نقله إلى مسشتفى البشير، أنه توفي بسبب تعاضد الحالة المرضية بالرئتين، ومضاعفات ناتجة عنه مع النزف الدموي أسفل عنكبوتية الدماغ، في حين لم يثبت تقرير الطب الشرعي وجود أي مواد سامة أو مخدرة داخل جسم سلطان بعكس القضية التي تم ألقاء القبض عليه فيها.

تقرير الطب الشرعي

الاستشاري الأول في الطب الشرعي يؤكد أن الطبيب الذي فحصه من البداية في مستشفى جرش، لم يفحصه بشكل جيد، وقام بتحرير موافقة طبية له تدلل أن صحته جيدة ولا يعاني من أمراض خطيرة، وعلى إثره قاموا بتحويله إلى المركز الأمني مرة أخرى، وذلك لم يشير بفحصه إلى وجود كدمات على المريض، ولهذا تم توقيف الطبيبين المناوبين، لمخالفتهم الواجب الوظيفي.

في حين وضحت المحامية لين الخياط، أن تكرار ضرب شخص بدأ بفقد وعيه والصراخ من شدة الألم، ومع ذلك لم يتراجع عن الفعل استمر به، فمن قام بهذا الفعل ولو لم يقصد ذلك ولكنه توقع النتيجة وقبل بها، تحول إلى قتل قصد.

الحالة الأولى بتاريخ المملكة " تحول بجرم التعذيب"

حالة سلطان هي الحالة الأولى في تاريخ المملكة التي يتم فيها اسناد جرم التعذيب لضباط وأفراد من الأمن العام، أحيل على إثرها خمسة من مرتبات الأمن في مكافحة المخدرات للتحقيق الذين نفوا كل التهم الموكلة إليهم.
جمال أكد أن سلطان في آخر لحظاته في مركز إصلاح جويدة، بدأ يعاني من الهذيان واصفاً حالته "بالهستيريا"، فالهستيريا لم تكن فقط ملازمة لسلطان وكأنما هي عدوى تصيب معظم من يدخلون مركز أمني.

ففي الثالث عشر من شهر كانون الأول، ألقي القبض على الشاب أحمد جابر بسبب تخلفه عن التوقيع على الإقامة الجبرية المتعلقة بتهم سابقة، إذ كان يشكو باستمرار آلية تعامل القوات الأمنية معه ما دفعه للهروب عله يجد خلاصا ما كما روى لوالدته التي بقيت طوال مقابلتنا لها تحاول أن توضح لنا حجم التهديد الذي كان يتلقاه أحمد بقولها " أحمد والله كان يقلي إنتِ بتفكري أنا لو روحت سلمت حالي إلهم برجعلك أنا ! "
اتصل أحمد بذويه طالباً منهم إرسال "بطانية وملابس" له موضحاً لوالده أنه سيمكث مدة أطول من المعتاد، ذهب شقيق أحمد ليطمئن عليه ويزوده بأغراضه الشخصية، فوجد عيناه متورمتان، سائلاً " شو صاير معك حدا ضربك؟ ".


الشاب أحمد جابر


لم يجبه أحمد، ولم تخب توقعات شقيقه بعد أن رأى العديد من الكدمات على وجه أخيه، فقد أبلغت القوات الأمنية والدهم بعد يومين من مكوثه في مركز أمن القويسمة في العاصمة عمان، بوفاة أحمد.
يوضح والد أحمد، بأن عدد من أفراد مركز أمن القويسمة اصحطبوه من بيته، وطلبوا منه مرافقتهم إلى المركز، وعند دخوله إليهم سألهم مالذي يحدث؟ أين أحمد؟

الضابط المناوب، قال له " اكم من ولد عندك ؟ قلتلو ٤ ؟؟ قالي الله ريحك من واحد ؟؟ قلتلو مين؟؟ قالي احمد .. قلتله حسبي الله ونعم الوكيل الله لا يوفقكوا الله ينتقم منكم .. بقلي اسمع خد ابنك وادفنه فتحت الباب وضليت طالع ادعي عليه "

الدكتور الحديدي، شكك في نتائج تقرير الطب الشرعي المتعلق بوفاة الشاب أحمد، موضحاً بأنه لم يكن مقنعاً كفاية لجميع الأدلة الواردة في القضية، حيث عللت وفاته بنقص تروية عضلة القلب بالدم الناتج عن تضيق الشرايين التاجية الخلقي، موضحاً بأن شاب بمقتبل العشرينيات لا يعاني من مضاعفات نتيجة ما قيل عنه "مرض خلقي" يستحيل أن يتوفى بهذه الطريقة.

٩٤٣ شكوى بحدوث تعذيب أو سوء معاملة.. ثلاثة منها فقط أمام محكمة الشرطة

خلال الخمس سنوات الماضية رصدت تقارير حقوقية صادرة من المركز الوطني لحقوق الإنسان عن وجود ٩٤٣ شكوى بحدوث تعذيب أو سوء معاملة من قبل مرتبات الأمن العام داخل المراكز الأمنية، ما يفتح باب التساؤلات على مصرعيه، خلال كل هذه السنوات لم يصدر حكماً واحداً يجرم التعذيب بحق أي قضية من القضايا!


المصدر : المركز الوطني لحقوق الانسان - وسجلات النيابة العامة


المصدر : المركز الوطني لحقوق الانسان - وسجلات النيابة العامة


لتصل النسبة في العام ٢٠١٥ إلى ١٠٠ شكوى موثقة.

المصدر : المركز الوطني لحقوق الانسان - وسجلات النيابة العامة

مراكز حقوقية أخرى كمركز عدالة لحقوق الإنسان تطرق لبعض من الأرقام والشكاوى الواردة بخصوص ملف التعذيب في المراكز الأمنية الأردنية، وتطرق لأساليب التعذيب المتبعة داخل هذه مراكز الاحتجاز المؤقت بالضرب والصعق الكهربائي وإرغام المحتجزين على الوقوف في أوضاع مؤلمة لفترات طويلة.

المصدر: مركز عدالة لحقوق الإنسان

في حين رصدت بأن إدراة البحث الجنائي وإدارة مكافحة المخدرات هما أكثر جهتان رصد فيهما حالات انتهاك، موضحة بأنه قد يكون نهج وليس مجرد سلوكا فرديا.


المصدر: مركز عدالة لحقوق الإنسان

المادة ٢٠٨ من قانون العقوبات الأردني، تعتبر مادة إشكالية، في عملية آلية انتزاع الاعتراف من المشبته به حيث تجرم هذه المادة ممارسة أي نوع من أنواع التعذيب لغايات الحصول على معلومات او اعتراف من شخص، وتضيف المحامية لين الخياط أن منع الاتصال بالمشتكى عليه من قبل محامي، بالإضافة إلى عملية اللجوء للتوسع للتحقيق، تزيد من الخناق على المشبته بهم داخل غرف التحقيق الأولية.


المادة 208 من قانون العقوبات الأردني


حاولنا كثيراً التواصل مع الجهات المعنية في المؤسسات الأمنية، لأخذ حقهم بالرد على جميع الوثائق التي جمعناها حول هذه الحالات، ولكن لم تستجب أي جهة معنية لنا، فتوجهنا إلى المنسق الحكومي لحقوق الإنسان الأستاذ باسل الطراونة وسألنا بشكل صريح إن كان هناك ممارسات بانتهاكات وتعذيب داخل المراكز الاحتجاز الأولية وإن كانت ممنهجة أم فردية؟ مجيباً " بأننا لا يمكننا أن ننكر أن هناك تعذيب داخل مراكز الاحتجاز الأولية، ولكنها حالات فردية وليست ممنهجة وعلى إثرها قمنا بتحويل ثلاث حالات لمحكمة الشرطة عقب التأكد من وقوع واقعة التعذيب على المشتبه بهم".

ظروف مختلفة وموت واحد !

وبنفس العام الذي توفي به الشاب أحمد، تكرر المشهد ولكن بصورة مختلفة، فالمتهم الآن سجله نظيف، لم يرتكب أي جرم مسبق، مشكلته الوحيدة أنه كان يسكن في محيط جريمة قتل تعرضت لها دورية أمنية في منطقة جبل عمان في العاصمة، واستدعي للتحقيق معه في ملابسات الحادثة.
اقتيد السيد عمر النصر إلى مركز أمن البيادر، ولكنه توفي خلال ثمانية أيام من التحقيق معه، وتبين في تقرير الطب الشرعي وجود كدمات متعددة وعميقة، في مناطق مختلفة من الجسم بلغت مساحتها حوالي ٤٠% من مساحة سطح الجسم، ما أدى لحدوث ترف دموي ناتج عن هذه الكدمات.


السيد عمر النصر


وساطات كثيرة حاولت أن تتبعها أجهزة الأمن العام لحل هذه المشكلة، ولكن أهل الضحية رفضوها بأكملها، وقرروا الاستمرار برفع الدعوى وإحالة خمسة من مرتبات الأمن العام لمحكمة الشرطة، حيث تؤكد شقيقة السيد عمر، المحامية هدى النصر أنهم تعرضوا لكثير من الضغوطات، والتهديدات، ولم يكونوا يشعروا بأي آمان حتى فكروا بترك البلد والهجرة منها.

وفي استكمال مسلسل الوساطات الأمنية، توفي الشاب عبدالله الزعبي في العشرينات من العمر في مركز أمن إربد الشمالي في العام ٢٠١٥، الذي ذهب للتوقيع على الإقامة الجبرية بعد أن تحفظ عليه أفراد من إدارة مكافحة المخدرات، وقاموا بضربه في عدة مناطق من جسده ليلقى حتفه بعد عدة أيام، والذي تبين في تقرير الطب الشرعي لجثة الشاب عبدالله أنه توفي بسبب النهى العصبي القلبي الناتج عن الانسكابات الدموية بالخصيتين والكدمات المرفقة.



وعقب إصدار التحقيق، وتأجج الشارع الأردني بحادثة اعتداء عدد من أفراد البحث الجنائي على الدكتور محمد الذيابات في إربد، وأحداث من الشغب اندلعت في مركز إصلاح وتأهيل السواقة، ساعد بتصدر هذا الملف المشهد، لاتخاذ اجراءات حقيقية أزاء المشتبه بهم، وعليه تم إدانة شرطي وتوقيف أربعة من إدارة مكافحة المخدرات لتورطهم في مقتل الشاب عبدالله الزعبي وتوجيه تهمة " الضرب المفضي إلى الموت" لثلاثة منهم على أحكام المادة ٣٣٠ من قانون العقوبات، وذلك بقرار صادر من محكمة الشرطة.