محيط السفارة الإسرائيلية في عمّان
محاكمة مسؤولين سمحوا لدبلوماسي مطلوب قضائيا بمغادرة المملكة
كشفت سابقة قضائية أردنية، عاقبت وزير داخلية ومدير أمن عام سابقين، لسماحهما لدبلوماسي عربي بمغادرة المملكة بعد أن أجيزت محاكمته على خلفية مطالبة مالية بعشرات آلاف الدنانير لصالح إحدى الشركات.
وتتلخص وقائع القضية التي نشرها مركز إحقاق للدراسات القانونية في أعقاب مغادرة الملحق الأمني بالسفارة الإسرائيلية في عمان بعد ارتكابه جريمة قتل بحق مواطنين أردنيين أن إحدى الشركات الأردنية أقامت دعوى حقوقية لدى محكمة بداية عمان ضد المدعى عليه المدعو (هـ . ك) وهو يعمل سكرتير أول (دبلوماسي) في سفارة إحدى الدول العربية في عمان، وذلك لمطالبته بمبلغ تجاوز المائة والخمسين ألف دينار ترتبت بذمته لصالح هذه الشركة.
وتقول وقائع القضية أنه قد صدر الحكم القضائي بالقضية الحقوقية البدائية وقضى بإلزام الدبلوماسي العربي بالمبلغ المذكور وتضمينه الرسوم وأتعاب محاماة والفائدة القانونية من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام، مكتسبا الدرجة القطعية.
وقامت الشركة الأردنية بتنفيذ حكم المحكمة لدى دائرة تنفيذ عمان، وسارت إجراءات التنفيذ حسب القانون إلى أن صدر قرار من رئيس التنفيذ يقضي بحبس الدبلوماسي العربي المدعو (هـ . ك) لمدة تسعين يوماً.
وحسب الوقائع فقد تم التعميم على المذكور لدى دائرة التنفيذ القضائي، ومنذ ذلك التاريخ أصبح مطلوبا لحساب إدارة التنفيذ القضائي.
وأشارت الوقائع إلى أن وزير الداخلية ومدير الأمن العام سمحا للدبلوماسي العربي بمغادرة الأردن عن طريق مطار الملكة علياء الدولي على الرغم من كونه معمم عليه ومطلوب لدائرة التنفيذ، ما دفع بالشركة إلى أقامت دعوى بحق وزير الداخلية ومدير الأمن العام لسماحهما للمطلوب بمغادرة الأردن، وطالبتهما بالتعويض عن خسارتها، غير أن المحكمة ردت الدعوى.
لكن الشركة عادت وطعنت بالحكم لدى محكمة الاستئناف التي ألزمت الوزير ومدير الأمن بتعويض الشركة عن فوات فرصة استيفاء حقها وفقا لأحكام المادة (٢٨٨) من القانون المدني.
وقالت محكمة الاستئناف في قرارها "ثبت للمحكمة أن هناك إهمال وتهاون من قبل وزير الداخلية ومدير الأمن العام عندما سمحا للدبلوماسي العربي بمغادرة البلاد من خلال مطار المملكة علياء الدولي رغم أنه معمم عليه ومطلوب للتنفيذ القضائي، وصادر بحقه مذكرة إحضار للتنفيذ القضائي لصدور قرار حبس بحقه مدته تسعين يوما.
ويضيف القرار :"حيث أن الإهمال والتهاون الذي وقع من رجال الشرطة التابعين للجهة المدعى عليها (وزير الداخلية ومدير الأمن العام) على النحو المشار إليه آنفاً قد فوت الفرصة على المدعية (الشركة الأردنية) من تحصيل حقها الثابت بموجب القضية التنفيذية، فتكون الجهة المدعى عليها (وزير الداخلية ومدير الأمن العام) والحالة هذه ملزمة بتعويض المدعية (الشركة الأردنية) عن فوات فرصة استيفاء حقها وفقا لأحكام المادة (٢٨٨) من القانون المدني على اعتبار أن الفرصة وإن كانت أمراً محتملاً غير أن تفويتها أمر محقق ولذا يتعين التعويض عنها".
وقال المحامي إسلام الحرحشي مدير مركز إحقاق للدراسات القانونية أن محكمة التمييز قد صادقت على قرار محكمة الاستئناف بردها موضوعاً التمييز المقدم من الجهة المدعى عليها (وزير الداخلية ومدير الأمن العام)، وبذلك أصبح هذا الحكم قطعياً وسابقة قانونية ملزمة للمحاكم الأقل درجة.
وفي حال مقارنة السابقة القضائية بما وقع في السفارة الإسرائيلية، أضاف الحرحشي في حديثه لـ "رؤيا" أن الجهات التي منعت القضاء من تنفيذ القانون في هذا الإجراء والتي سمحت بمغادرة رجل الأمن رغم ارتكابه جريمة قتل، يجب محاكمتها بحكم منعها القضاء من تنفيذ القانون.
إقرأ أيضاً: عمّان تسلم تل أبيب ملف التحقيق بجريمة القاتل زئيف
ويشير المحامي إلى أن التنفيذ السليم للقانون كان يوجب التحقيق مع الملحق الأمني قبل الحديث عن حصانته، ثم دراسة الحالة القانونية إن كانت الحصانة تحميه من المحاكمة.
كما القانون، وفقا للحرحشي، يوجب محاكمة المدعي العام المختص وفقا للزمان والمكان، بحكم ارتكاب مخالفات بعدم التحرك لمكان الجريمة والبدء بالتحقيق فيها وتحويلها للقضاء.
ويؤكد أن التصرف الصحيح كان يلزم بالتحفظ على الملحق الأمني حتى يقول القضاء كلمته.
ويقول خبراء إن حارس السفارة لم يكن يتمتع بالحصانة الدبلوماسية بالرجوع لاتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية عام ١٩٦١ التي لم يرد فيها ذكر واضح لوظيفة حراس السفارات ولم يتم تصنيفهم ضمن الدبلوماسيين.
وحسب المادة ١ فقرة "ز" من الاتفاقية، يصنف حراس السفارات من ضمن طاقم الخدم وهم أعضاء طاقم البعثة الذين يؤدون أعمال الخدمة، ولا يتمتعون بمزايا إضافية إلا ما تقرره الدولة لهم.
كما تنص المادة ٣٧ من ذات الاتفاقية والتي جاء فيها : (أفراد طاقم الخدمة للبعثة الذين ليسوا من رعايا الدولة المعتمدين لديها أو من المقيمين فيها إقامة دائمة يتمتعون بالحصانة بالنسبة للتصرفات التي تحدث منهم أثناء تأدية أعمالهم).
ولا يزال الأردن يشهد حالة كبيرة من الجدل في أعقاب قيام حارس في السفارة الإسرائيلية بقتل مواطنين أردنيين في مبنى سكني مستأجر من قبل طاقم السفارة.
وما زاد حالة الجدل بشكل كبير هو السماح للقاتل بمغادرة المملكة إلى الأراضي المحتلة دون محاكمته.