قتلى وجرحى في التفجيرات التي شهدتها مدينة حلب السورية
مأساة حلب تكشف عجز الامم المتحدة عن التحرك
التحذير الذي وجهه مبعوث الامم المتحدة كان صارخا: حلب التي تتعرض لحملة ضربات جوية مكثفة ستدمر بالكامل بحلول عيد الميلاد اذا لم يتم وقف المذبحة، لكن في الاسابيع التي تلت ذلك لم يسجل تحرك يذكر في المنظمة الدولية.
اثار نداء ستافان دي ميستورا في مطلع تشرين الاول موجة تنديد عالمية فيما كانت قوات النظام تشن هجوما بدعم من روسيا لاستعادة الاحياء الشرقية التي كانت خاضعة لسيطرة فصائل المعارضة في المدينة، لكن عمليا لم يتحقق الكثير.
استخدمت روسيا مرتين حق النقض في مجلس الامن لوقف حملة الضربات وحماية المدنيين، فيما لم تلق بيانات الامم المتحدة التي اكدت انه لا يمكن حل الحرب المدمرة في سوريا عسكريا، آذانا صاغية.
إقرأ أيضاً: مشروع قرار دولي لتقصي جرائم الحرب في سوريا
وفيما توشك قوات النظام السوري على استعادة مدينة حلب بالكامل، تطرح اسئلة في الامم المتحدة حول قدرتها على مواجهة النزاعات.
ويقول ريتشارد غوان الخبير في شؤون الامم المتحدة في المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية ان استعادة حلب "تشكل اكبر ازمة للامم المتحدة منذ حرب العراق".
ويضيف "لقد خلقت ازمة ثقة هائلة في مجلس الامن".
ويوجه دبلوماسيون اصابع الاتهام الى روسيا المتهمة بتأمين غطاء دبلوماسي فيما كان حليفها السوري يشن هجوما واسع النطاق على حلب.
لكن الانتقادات توجه ايضا الى قوى غربية والامين العام للامم المتحدة ونظام المنظمة الدولية بشكل اشمل بسبب العجز عن تقديم مساعدة انسانية الى مليون سوري تحت الحصار.
- رد متأخر جدا -
اثر تقارير الامم المتحدة عن قيام قوات النظام باعدام عشرات المدنيين في شرق حلب، دعت فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الى ارسال مراقبين للاطلاع على الوضع على الارض.
واستغرق الامر اربعة ايام لكي يتبنى مجلس الامن الدولي اخيرا قرارا حول نشر مراقبين للامم المتحدة، ولم يصل المراقبون بعد الى الاحياء الشرقية في حلب.
واعتبرت منظمة العفو الدولية ان هذا الاجراء "جاء متأخرا جدا" محذرة من ان "العالم يراقب كيف تواجه الامم المتحدة معاناة حلب".
ودافع الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الذي تنتهي مهامه الاسبوع المقبل بعد عشر سنوات على رأس المنظمة، عن طريقة تعامل المنظمة الدولية مع الازمة السورية رغم ان الحرب احتدمت اثناء ولايته.
وفي مقابلة مع فرانس برس في الاونة الاخيرة قال بان كي مون ان الانقسامات في صفوف قوى العالم والاطراف الاقليمية وبين الاطراف السوريين انفسهم خلقت "عاصفة مؤاتية" لاشتداد الحرب التي اسفرت عن مقتل اكثر من 310 الاف شخص.
وقال "اذا كان هناك اي انتقاد، انا مستعد لتحمل ذلك" مضيفا "لكن في بعض الاحيان يتطور الوضع بشكل خارج عن سيطرتي، وعن سيطرة الامم المتحدة".
وعين بان كي مون ثلاثة مبعوثين لترؤس جهود الامم المتحدة لانهاء الحرب مع تولي دي ميستورا مهامه في تموز/يوليو 2014 بعد الامين العام السابق للامم المتحدة كوفي انان وكذلك الدبلوماسي المخضرم الاخضر الابراهيمي.
- "لا عقوبات لا عدالة"-
بعد قرابة ست سنوات من النزاع، ليس هناك اي تحقيق دولي حول جرائم حرب في سوريا بعدما استخدمت روسيا وبدعم من الصين حق النقض في 2014 لعرقلة طلب احالة الملف الى المحكمة الجنائية الدولية.
والاربعاء اقرت الجمعية العامة للامم المتحدة تشكيل مجموعة عمل مهمتها جمع ادلة حول جرائم حرب في سوريا، في خطوة اولى يفترض ان تتيح بدء ملاحقات.
وخلافا لنزاعات اخرى مثل جنوب السودان واليمن، لم يتم فرض عقوبات دولية على الاشخاص الذين يعتبرون مسؤولين عن اراقة الدماء.
والاسبوع المقبل، ستقدم فرنسا وبريطانيا مشروع قرار يطالب بعقوبات مرتبطة بقضية استخدام اسلحة كيميائية في سوريا، لكن روسيا ستستخدم بدون شك حق النقض ضده.
وستكون تلك سابع مرة تستخدم فيها موسكو الفيتو منذ بدء النزاع في 2011.
وقال غوان ان "الازمة السورية اضرت كثيرا بسمعة الامم المتحدة في العالم العربي" مضيفا ان "الكثير من الحكومات العربية السنية تنظر الى مجلس الامن وكأنه اداة روسية".
وتدافع روسيا بشدة عن دعمها للرئيس السوري بشار الاسد.
ولفت السفير الروسي لدى الامم المتحدة فيتالي تشوركين الى انه "لولا التدخل العسكري الروسي لكانت الرايات السوداء لتنظيم الدولة الاسلامية رفعت في دمشق".
وسيرث انتونيو غوتيريس الذي سيخلف بان كي مون في 1 كانون الثاني/يناير فشل الامم المتحدة في سوريا.
وقال رئيس الوزراء البرتغالي السابق ومفوض اللاجئين لدى الامم المتحدة سابقا انه آن الاوان لوقف الحرب في سوريا رغم انه سيكون عليه التعامل مع الادارة الاميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب.
وبالنسبة للكثير من الدبلوماسيين، فان حلب تنضم الى رواندا وسريبرينيتسا على لائحة اخفاقات الامم المتحدة الطويلة لتشكل نقطة سلبية اضافية في تاريخ المنظمة الدولية الطويل الذي يعود الى 71 عاما.
وقال مارتن ادواردز استاذ الدبلوماسية في جامعة سيتون هول ان "المقارنة بين حلب ورواندا وسريبيرنيتسا توضح كل شيء حول حجم الكارثة الحالية".