ملف الأسبوع: مقاهي عمان الشعبية تناضل للصمود وسط تحولات ثقافية عميقة

الأردن
نشر: 2016-08-19 20:36 آخر تحديث: 2017-12-26 15:45
تحرير: محمد ابوعريضة
ملف الأسبوع: مقاهي عمان الشعبية تناضل للصمود وسط تحولات ثقافية عميقة
ملف الأسبوع: مقاهي عمان الشعبية تناضل للصمود وسط تحولات ثقافية عميقة

فضاء المقهي العام، مساحة يتحرك فيها أناس ذابوا وجدًا في المكان .. جلهم استعذب الجلوس على شرفات مقاهي عمان، يرقبون سيل الناس يتدفق من جبال المدينة إلى وسط البلد، حيث ظلت المقاهي إلى ما قبل عقدين من الزمن منتديات اجتماعية ثقافية، وأحيانًا سياسية.


المقهى في عمان، كما في كل مدن الشرق، ليس نسيجًا وحده، احتضته المدينة، كما ظل هو يحتضن الرواد في أركانه .. علاقة المقهى بعمان الحديثة تعود إلى عشرينات القرن العشرين، صحيح أن المدينة كانت قد عادت من غيبوبتها في الربع الأخير من القرن التاسع عشر، غير أن سكانها الجدد من الشراكسة، حينذاك، لم يكونوا قد عرفوا المقاهي الشرقية وعوالمها الساحرة.

 

عدد مقاهي عمان حتى منتصف ثلاثينات القرن الماضي لم يتجاوز الثلاثين، أشهرها حمدان وماتيلدا والمرحوم والمنشية، لكل واحدٍ منها حكاية خاصة عُرف به.

 

لا يكاد يخلو كتاب تاريخٍ، يؤرخ لسنوات ما بعد تأسيس الدولة الأردنية، من ذكرٍ للمؤتمر الوطني الأول، وعلاقته بمقهى حمدان.

 

ظل المقهى، بسبب غياب البدائل المتاحة بيسر، المكان المفضل لالتقاء الأدباء والشعراء، والسياسيين، والتجار والموظفين العموميين، فلم يكن غريبًا أن يدور حوار بين اثنين في مكان ما، يتفقان على استكمال حلقاته في المقهى.

 

أسماء مقاهي عمان الجديدة في الخمسينات والستينات تعكس بوضوح ثقافة العروبة، التي هيمنت على وجدان الناس في تلك الحقبة، فهذا مقهى الجامعة العربية، وذاك مقهى كوكب الشرق، وثالث مقهى بلاط الرشيد.


مقاهٍ أخرى ذاع صيتها بسبب شرفاتها المطلة، ليس ابتداءً من شرفة مقهى السنترال الواسعة، مرورًا بشرفة مقهى العاصمة، ملتقى الأدباء، وليس انتهاءً بشرفة مقهى الأوبرج، حيث كان يفضل المطرب المشهور فريد الأطرش الجلوس.

 

امتدت المدينة، فوصلت إلى قرىً، ظل سكانها إلى سبعينات القرن الماضي يعتبرون سفرهم إلى العاصمة غربة، فانتقل عصب عمان التجاري إلى أحياء بعيدة عن وسط البلد، ومع التحولات النمطية العميقة، وانتشار المقاهي الحديثة والكوفي شوبات في أحياء المدينة القريبة والبعيدة على السواء، أمست اليوم مقاهي عمان التاريخية خاوية، تناضل للصمود وسط منافسة شديدة.

مقاهِ عمان الشعبية ما زالت تقبض على جمر ذاكرتها، روادها يشعرون أن المدينة تلفظهم، وتهيء مقاهيهم التاريخية، وحيواتهم الجميلة فيها، للتحول إلى نسيٍ منسيًا، حينما تنقض معاول الحداثة، ومحترفو صناعة التعتيق المزيف، على ذاكرة المدينة وروحها.

أخبار ذات صلة

newsletter