اطلاق المؤتمر الإقليمي المشترك لتطوير الادارة العامة في دول الجوار الاوروبي
رعى وزير التخطيط والتعاون الدولي المهندس عماد نجيب الفاخوري اليوم الثلاثاء في منطقة البحر الميت، المؤتمر الاقليمي الذي ينظمه برنامج دعم تحسين الادارة والحكم الرشيد SIGMA، بالتعاون مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي، والمفوضية الاوروبية والذي تم خلاله اطلاق اطار عمل لدول سياسة الجوار الاوروبية في مجال مبادئ الادارة العامة.
وقال الوزير الفاخوري ان المؤتمر الذي يقدم مبادئ الإدارة العامة التي طورتها المبادرة المشتركة بين منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية/ سيجما لدعم تحسين الحاكمية والإدارة بالتعاون الوثيق مع المفوضية الأوروبية، إن اصلاح الإدارة العامة هي عملية مهمة رغم تعقيدها ليس فقط في بلداننا (بلدان الجوار الأوروبي) بل في الدول الصناعية كذلك. ومعظم الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية تتخذ إجراءات في اداراتها لإيقاف وتغيير اتجاه موجة تناقص الثقة في الحكومات الوطنية التي بدأت في اعقاب الازمة المالية، وتتطلب عملية الإصلاح رؤية واضحة وقيادة والتزاما قويين واجماعا على كل المستويات وحوارا مستمرا مع جميع المعنيين لخلق الحافز للتغيير وتنفيذه.
وأضاف "مع ذلك فنحن غالبا ما نشهد مقاومة داخلية بغض النظر عن أهداف الاصلاح او وسائله، ففي معظم الحالات تتطلب عملية الإصلاح موارد ضخمة وقرارات غير شعبية بحيث ان نتائجها تحتاج الى وقت كبير لتتحقق ومن الصعوبة بمكان ملاحظتها".
وأكد أن الحكومة الأردنية بذلت جهودا هائلة لبناء مؤسساتها العامة بما يتماشى مع افضل الممارسات العالمية بحيث ساهمت هذه الجهود كثيرا في العقود الماضية في خدمة مصالح المواطنين وحماية وتأمين مصالحهم، فالمؤسسات العامة والسياسات والبرامج لعبت دورا مركزيا في تطور ونمو الأردن كدولة عصرية، ولكن الأردن كان معرّضا للعديد من الصدمات الخارجية بما في ذلك موجة اللجوء الأخيرة لنحو 1.3 مليون سوري التي ساهمت في نمو سكاني غير مسبوق، وأدى ذلك الى ضغوطات كبيرة على القطاع العام الذي أصبح أكثر تعقيدا وكلفة من ان يدار ويدام.
وأشار الى أن اصلاح القطاع العام في الأردن بدأ في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، ومنذ ذلك الوقت تبنت الحكومة الأردنية ونفذت مبادرات مهمة للإصلاح بدعم من شركاء متعددين بهدف تعززي قدرات المؤسسات العامة وادماج الجهود والإجراءات الحكومية في خط واحد لتحسين الخدمات المقدمة الى المواطنين. كما تطلب هذا رفع قدرات وزاراتنا ومؤسساتنا العامة بما يتماشى مع الممارسات الفضلى، ولكن المفهوم استمد زخما بعد انشاء وزارة تطوير القطاع العام سنة 2006، والتي منحت صلاحية الاشراف على إعادة هيكلة القطاع العام وتبسيط الخدمات وتطوير الموارد البشرية.
وبموجب قانون إعادة الهيكلة (قانون إعادة الهيكلة للمؤسسات والدوائر الحكومية)، قمنا بإنجاز خطة قوية لإعادة الهيكلة لتخفيض حجم الهيكل الحكومي.
وتضمنت الخطة الغاء ودمج العديد من المؤسسات العامة في مختلف القطاعات لجعلها أكثر فاعلية وأكثر كفاءة مالية. وبفضل نظام داخلي معين (انشاء دوائر حكومية جديدة وتطوير البنية التنظيمية)، فان البنى التنظيمية والشؤون الداخلية للدوائر أصبحت أكثر كفاءة.
كما يحكم تحسين الخدمات العامة وتبسيط الإجراءات الان تشريع هو نظام تحسين الخدمات الحكومية رقم 64 للعام 2012. وقد طورت وزارة تطوير القطاع العام إرشادات لأكثر من الفي خدمة حكومية بهدف ادماج الإجراءات الحكومية في خط واحد وجعلها أكثر استجابة لاحتياجات المواطنين والمؤسسات والاعمال. إضافة الى ذلك، تقوم وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات حاليا بتنفيذ خطة الحكومة الالكترونية التي تسمح بتقديم 350 خدمة حكومية مباشرة على الانترنت او ان يتم تمكين الكمبيوتر من القيام بها. ويمكن الوصول حاليا الى مائة خدمة حكومية على الانترنت وستتوفر ال 250 خدمة الأخرى بحلول العام 2019.
وعلى صعيد الموارد البشرية، استثمرت وزارة تطوير القطاع العام الكثير من الجهود لجعل الموارد البشرية تقوم بأدوارها ووظائفها المؤسسية في معظم الهيئات الحكومية، وعالجت كلا من حالات النقص والفائض في القطاع العام، إضافة الى تعزيز القيادة وتمكين النساء في الخدمة المدنية وبناء قدرات وحدات حقوق الانسان في مختلف الهيئات الحكومية. وفوق كل هذا أدخلت الحكومة تعديلات ملموسة على نظام الخدمة المدنية لتمكين الحكومة بشكل رئيسي من جذب موظفين مناسبين بشكل أكبر وإعطاء المزيد من الصلاحيات للإدارة العليا بينما تحد من استخدامهم لسلطاتهم التقديرية.
ولاستكمال برنامج اصلاح القطاع العام قامت هيئة ملكية وطنية بتبني الميثاق الوطني للنزاهة عام 2013، والذي يتضمن المبادئ الأساسية والمعايير المهنية والأخلاقية التي من شأنها تنظيم العمل في كل من القطاعين العام والخاص وتعزيز النزاهة والشفافية وحكم القانون والمساءلة. وتقوم هيئة مستقلة بتتبع الميثاق حسب الخطة التنفيذية التي وضعت له ببرنامج زمني محدد.
إضافة الى ذلك اقر البرلمان قانونا جديدا للنزاهة وديوان المظالم ومكافحة الفساد في خطوة تهدف الى توحيد العمل للهيئات الرقابية وتعزيز نظام النزاهة الوطني. وبموجب هذا القانون، سيتم انشاء هيئة في المملكة تكون خلفا قانونيا لهيئة مكافحة الفساد وديوان المظالم. ويبني هذا الإصلاح التشريعي على الجهود الأخيرة التي أنشأت مؤسسات ديموقراطية جديدة مثل المحكمة الدستورية والهيئة المستقلة للانتخابات.
كما أطلقت الحكومة إضافة الى خطط الإصلاح رؤية اجتماعية اقتصادية عشرية للبلاد، اسمها الأردن 2025، والتي تهدف من بين أمور أخرى الى بناء اقتصاد مزدهر منيع يشمل الجميع بينما تعمق الإصلاح والشمول. و رؤية الأردن 2025 تضع مواطننا في قلب نموذجنا التنموي وتركز على زيادة تنافسية وانتاجية اقتصادنا. وان اصلاح القطاع العام والحكومة الالكترونية هي أعمدة مهمة لهذه الرؤية بهدف تحسين الخدمات المقدمة الى المواطنين وتعزيز وحدة الإنجاز في رئاسة الوزراء.
ويفخر الأردن بتملكه مركزا مستقلا للتميز هو مركز الملك عبد الله الثاني للتميز لتشجيع ثقافة التميز في القطاعين العام والخاص وفي قطاع المجتمع المدني، ومن خلال جوائز الملك عبد الله الثاني.
القطاع العام في الأردن ما يزال يواجه تحديات كبيرة
وأشار الفاخوري الى أنه ورغم جهود الإصلاح التي بذلناها خلال السنوات الماضية ورغم النجاح الذي اصبناه في بعض النواحي الفردية للعملية الا أن القطاع العام في الأردن ما يزال يواجه تحديات كبيرة للتأقلم مع المتطلبات العامة لاقتصادنا. فحجم الحكومة ما يزال غير متناسب مع الاقتصاد الوطني ويجب تصحيحه، ومستوى تقديم الخدمات يجب ان يتناسب مع المطالب المتزايدة ابدا خاصة بوجود ازمة اللاجئين السوريين. وهذا يتطلب إطار عمل طويل الأمد وأكثر شمولية للإصلاح.
وقال ان المبادئ التي تطلقها سيجما اليوم يمكن ان تصبح الدليل للوصول الى ممارسات جيدة في الإدارة العامة، وهذا ما تطمح اليه كل دولنا، ونحن حريصون على ان نتعلم أكثر عن المبادئ وان نعمل معا لنجرب النموذج ونطبقه على الحالة الأردنية، آملين ان تساعد النتائج والتوصيات الحكومة في تصميم وتنفيذ إصلاحات أكثر عمقا. وبموجب أهداف رؤية الأردن 2025.
وشارك في المؤتمر ممثلين عن كافة الدول المشاركة بهدف نقل تجربة افضل الممارسات والمبادىء التي تم تبنيها على مستوى عالمي لعملية قيام الدول الاستفادة منها من خلال ادماجها في برامج تطوير واصلاح القطاع العام المختلف.
والجدير بالذكر ان العلاقات بين الأردن والاتحاد الأوروبي بنيت على اتفاقية الشراكة التي دخلت حيز التنفيذ عام 2002، وتحدد خطة العمل الأردنية الأوروبية المشتركة الإطار السياسي للحوار وتضع مجموعة من الأولويات التي تدعم الاجندة الوطنية للأردن وتركز على الحوار والإصلاح السياسي، والتجارة والقضايا الاجتماعية، حيث اتفق الأردن والاتحاد الأوروبي في عام 2010 على شراكة "الوضع المتقدم".
وتعمل سيجما حاليا لعام (2016) مع عدة جهات، حيث تعمل مع وزارة تطوير القطاع العام على تقوية الحكم الرشيد والممارسات الإدارية في القطاع الخاص، وتعمل مع هيئة مكافحة الفساد على مراجعة نظام العطاءات العامة للتعرف على مخاطر وقوع الفساد في النظام وتحسين الشفافية والنزاهة في نظام العطاءات، وتعمل مع ديوان الخدمة المدنية لتطوير إطار للكفاءة لدعم إدارة الموارد البشرية بما فيها التوظيف والتدريب وتقييم الأداء.
من جهة اخرى وافقت سيجما على العمل مع ديوان المحاسبة لتطوير تقريره السنوي من ناحية صلته بالقضايا وإمكانية قراءته وفائدته للبرلمان، ومع وزارة المالية لتقوية الرقابة الداخلية من خلال الإدارة.