انخفاض غير مسبوق في سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار
انخفض سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الاميركي بشكل غير مسبوق، لتفقد العملة الوطنية اكثر من 92 في المئة من قيمتها منذ بدء النزاع قبل اكثر من خمس سنوات.
وتتباين وجهات نظر المحللين ازاء هذا الانخفاض الحاد. وفيما يربطه البعض بالتصعيد العسكري الاخير في شمال سوريا، يعتبره اخرون مؤشرا على "جفاف الاحتياطي" من العملات الاجنبية في المصرف المركزي، بعد اقل من ثلاثة اسابيع على اعلان البنك الدولي ان "انهيار هذا الاحتياطي والصادرات اديا الى تراجع قيمة العملة الوطنية".
وقال المحلل الاقتصادي فراس حداد لفرانس برس "واصل الدولار ارتفاعه منذ ثلاثة اسابيع بشكل غير مسبوق ليصل سعر صرفه اليوم الاحد الى 625 ليرة سورية في السوق السوداء" مضيفا انها "اول مرة يرتفع فيها الدولار الى هذا المستوى منذ بدء النزاع" منتصف اذار/مارس 2011، حين كان الدولار يوازي 48 ليرة سورية.
وحدد المصرف المركزي الاحد سعر صرف الدولار بـ512 ليرة.
وتزامن انخفاض قيمة الليرة السورية مقابل الدولار وفق حداد، "مع بدء العمليات العسكرية في مدينة حلب" موضحا ان "الاسباب لم تعد تتعلق بالوضع الاقتصادي او موارد الدولة كما كان عليه الحال في السنوات الاولى للنزاع".
وشهدت مدينة حلب في شمال البلاد خروقات كبرى لاتفاق وقف الاعمال القتالية الذي بدأ تطبيقه في مناطق عدة نهاية شباط/فبراير بموجب اتفاق روسي اميركي. وقتل في الفترة الممتدة بين 22 نيسان/ابريل الى 5 ايار/مايو اكثر من 300 شخص جراء تبادل القصف بين قوات النظام والفصائل المقاتلة في المدينة.
ونتيجة ضغوط اميركية روسية، اعيد يوم الخميس العمل بهدنة مؤقتة في المدينة لا تزال صامدة.
وذكر مراسل لوكالة فرانس برس في الاحياء الشرقية تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في حلب ان سعر صرف الدولار بلغ الاحد 620 ليرة غداة وصوله الى 650 ليرة، لافتا الى انعكاس ذلك ارتفاعا في اسعار المواد الغذائية والسلع.
واضاف ان سعر كيلو البندورة ارتفع من 200 الى 300 ليرة خلال الايام الثلاثة الاخيرة وكذلك ليتر البنزين الذي بلغ اليوم 450 ليرة بعدما كان بحدود 400 ليرة.
ونقل الاعلام السوري الرسمي عن حاكم مصرف سوريا المركزي اديب ميالة الاربعاء ان التراجع الاخير كان "نتيجة حتمية لتصاعد العمليات العسكرية في حلب".
وفي مطلع العام الحالي، حدد المصرف المركزي سعر صرف الدولار بـ 290 ليرة في حين كان بحدود 390 ليرة في السوق السوداء.
لكن سعر الصرف ارتفع في بداية نيسان/ابريل الى 442 ليرة في السوق الرسمية مقابل 500 ليرة في السوق السوداء.
وعزا حداد سبب التراجع الى "المضاربات في السوق السوداء التي تتحكم للاسف باسعار الصرف" مضيفا "من الصعب ايجاد الية تحكم بسعر الصرف حاليا في وقت لم تؤد جلسات التدخل التي يعلن عنها المصرف المركزي النتيجة المرجوة منها".
في المقابل، اعتبر المحلل الاقتصادي جهاد اليازجي رئيس تحرير النشرة الاقتصادية الالكترونية "سيريا ريبورت" ان "هذا معناه بوضوح ان الاحتياطي جف".
واعلن البنك الدولي في 20 نيسان/ابريل انهيار احتياطي المصرف المركزي من العملات الاجنبية بحيث تراجع من 20 مليار دولار (17 مليار يورو) قبل النزاع الى 700 مليون دولار (616 مليون يورو).
واعلن المصرف المركزي في بيان نشرته وكالة الانباء السورية الرسمية "سانا" الاحد أنه "يسعى جاهدا وبكامل كوادره للدفاع عن سعر صرف الليرة السورية"، مؤكدا "جاهزيته لتلبية كامل حاجة السوق من القطع الاجنبي مهما بلغت".
وذكرت صحيفة الوطن السورية المقربة من السلطات الاحد نقلا عن مصادر مصرفية أن "المصرف المركزي سيعقد اجتماعا غدا (الاثنين) مع شركات الصرافة لتقييم الوضع الحالي ودراسة أسباب الارتفاع الأخير".
ونقلت عن مدير إحدى شركات الصرافة المرخصة ان "المركزي توقف عن تزويد شركات الصرافة بالدولار بقصد البيع للمواطنين، بعد ان تبين ان قسما كبيرا منهم تحولوا للمتاجرة به وبيعه للسوق السوداء لتحقيق مكاسب نتيجة فرق السعر الكبير".
ويشكل انخفاض قيمة العملة السورية دليلا ملموسا على الاقتصاد المنهك جراء استمرار الحرب منذ اذار/مارس 2011، في ظل تقلص المداخيل والايرادات وانخفاض احتياطي القطع الاجنبي.