فيلم " ذيب " رحلة عبر الرمال حطت في الأوسكار .. مقابلة خاصة
رؤيا - خاص - حاتم الشولي - في جنوب الأردن وتحديدا في قرية الشاكرية بوادي رم، وثّقت كاميرا متواضعة أولى لحظات العالمية، للفيلم الأردني "ذيب" الذي انتج في العام 2014 ليجري ترشيحه لجائزة الأوسكار في العام 2016 عن أفضل فيلم أجنبي.
" رؤيا " اجرت مقابلة خاصة مع ناصر قلعجي المنتج المشارك في فيلم ذيب، تالياً نصها:
بعد مرور 100 عام على الثورة العربية الكبرى، لماذا تم اختيار عام 1916 كحقبة زمنية للفيلم ذيب ؟
قلعجي: في فيلم مثل ذيب والذي يعتبره البعض أنه من أفلام نمط الغرب الأمريكي، توجد دائماً في الخلفية تغيرات سياسية كبيرة، وفي هذا النوع من الأفلام، تجد أن الحقبة التاريخية هي الحرب الأهلية الأمريكية أو جنون الذهب على الساحل الغربي، وعندما طبق اليابانيون هذا النمط من الأفلام على ثقافتهم اختاروا حقبة نهاية الساموراي.
ولذا إختار ناجي وباسل هذا العام، لأنه شهد تغيرات سياسية كبيرة، بدايات الثورة العربية الكبرى، نهاية الإحتلال العثماني، الحرب العالمية الأولى وتداعياتها.
من قرية الشاكرية إلى العالم، كيف كانت الطريق؟
قلعجي: في الأيام الأولى، لم تكن وتيرة الإنتاج مقبولة أبداً، وأذكر أحاديث دارت بيني وبين المنتجين الآخريين والمخرج وكان الحديث عن الورطة التي وجدنا أنفسنا فيها.
نتحدث هنا عن أيام أتت بعد معاناة كبيرة لفترة السنتين في البحث عن التمويل، و في الأيام التي تلت أيام التصوير الأولى، جاءتنا مصائب أكبر، منها عواصف رملية وفيضانات، وانقطاع المياه والكهرباء عن المخيم، وأخطاء المنتجين وغيرها.
كان الواحد منا " فريق الإعداد " يقضي اسابيع وهو يرتدي نفس الملابس، ولا قدرة على حلاقة الذقن، لدرجة يصبح منظرك أقرب إلى الإنسان البدائي.
وبعد أن انتهينا من كل هذا ، تمر سنتين قبل أن نستطيع عرض الفيلم أمام جمهور وكان ذلك بمدينة البندقية في إيطاليا، أقدم مهرجان أفلام في العالم وأحد أهم ٥ مهرجانات للسينما في العالم.
يكمل قلعجي " فجأة تجد نفسك مع فريق العمل على السجاد الأحمر و أنت ترتدي بدلة، وتدخل لتعرض الفيلم لأول مرة ، وعندما ينتهي العرض، يقف الجمهور ويصفق للفريق لمدة ١٠ دقائق، هنا تأتي دموع الفرح والفخر من حيث لا تدري وأنت تشاهد مئات الناس تطلب من جاسر وحسن وحسين وناجي التقاط الصور معهم وأخذ التواقيع .
فاز الفيلم بأكثر من 19 مسابقة حول العالم، والآن مرشح للأوسكار، ما هي الجائزة التي كان يبحث عنها "الذيب" قبل تصويره؟
قلعجي: صدقاً، لم تكن هناك جائزة معينة يبحث عنها الفيلم، هدفنا كان صناعة فيلم أردني على مستوى عالي من الإنتاج، يجعل الأردنيين على ثقة بقدرتهم إنتاج أفلام محلية على مستوى عالمي وأن يكون الفيلم سبباً بذهابهم إلى السينما لحضور أفلام اردنية.
وكذلك أن يكون كل هذا سبباً لشعور الأردنيين بالفخر بمنتج أردني..كنا على قناعة اننا إذا استطعنا صناعة الفيلم بالطريقة التي نريدها فإنه من الممكن الوصول إلى مهرجانات كبيرة وجوائز غير مسبوقة، لكن لم يكن هذا الهدف الأساس.
بعيدا عن الاوسكار، هل تعتبر أن "ذيب" حقق إيمان الأردنيين ان باستطاعة ابنائهم صنع سينما محلية بنكهة عالمية؟
قلعجي: لقد تواصل معنا العديد من صناع الأفلام الأردنيين، و اخرين يعملون بمجالات أخرى مختلفة تماماً، وبالنسبة لي شخصياً، هذا أجمل ما بقصة نجاح الفيلم، كثير من الأردنيين ينظرون لذيب كمشروع أردني ناجح وليس فقط كفيلم، وكانت معظم هذه الرسائل تتحدث عن أهمية ذيب بإعطاء الأردنيين الثقة والقناعة على أنهم قادرون على صناعة منتجات ومشاريع محلية قادرة على الوصول لأعلى المستويات من الحرفية.
"ذيب" يعكس الهوية الوطنية للأردن، وهوية المكان "صحراء - وادي رم" كيف يمكن ان تصل أفكار الصحراء والبداوة الى العالم الذي أصبح "متحضرا" وبعيدا عن الصحراء؟
قلعجي: بدايةً ، أود القول أنا مهمتنا الأساسية هي نقل ثقافتنا سواء تلك من الصحراء أو من القرى والريف والمدن لأنفسنا أولاً، قبل الحديث عن نقلها للعالم، في الأردن لدينا مشكلة كبيرة بموضوع الهوية، معظمنا لا يعرف التاريخ، و الإرث والفن الأردني، الموضوع غائب تماماً في الإعلام والمناهج وخطاب الدولة وخطاب الأحزاب ... إلخ.
ثانياً بالنسبة للحديث عن العالم المتحضر، أنظر إلى العسكري الأردني على الحدود، فهو يتصرف مع اللاجئين السوريين بتحضر وإنسانية لم نراها من قبل جنود العالم المتحضر، وهنا مربط الفرس، يجب علينا تقديم هذا التصرف النبيل بإطار أنه يمثل قيم الهوية الأردنية الجامعة والتي منها الحضارة البدوية.
هل كان هناك جانب ترويجي في الفيلم، تحديدا لانه صور في اكثر مناطق الاردن سياحيا؟
كلا لم يكن هذا بالحسبان، لكن وادي رم من أجمل بقاع الأرض ولذا تلقائياً سيخلق فضول لدى المشاهد بزيارة المنطقة .
لو تم اختيار ممثلين من اصحاب المهنة، بدلا من ابطال الفيلم الحقيقيين .. هل كانت ستكون النتيجة واحدة؟
لا أعتقد هذا ، من ناحية الشكل واللهجة وتقمص الشخصية، هل يوجد ممثل عربي مستعد أن يعيش في الشاكرية لمدة سنة ليستطيع أن يجسد ثقافة وشخصية البدوي ؟ لا أعتقد .
في قياس حجم الرضا والتكريم، من الأهم: الأردن أم العالم؟
قلعجي: في النهاية ، الفن رسالة إنسانية ، وإذا قدر الياباني أو الإيطالي أو المغربي عملك ، فإن ذلك حتماً يشعرك بالرضى ، ولكن رضا وتكريم الأردنيين له مذاق خاص، يوم تأتيك قصيدة شعر عن فريق عمل ذيب من شاب من السلط، تأتيك رسائل من أشخاص لا تعرفهم يقولون لك أنهم يشعرون بالفخر، يقول لك عسكري أنه شعر بالقشعريرة عند سماع الخبر ، أو ذلك الصديق الذي عندما شاهد الفيلم قال لك، احتاج لبعض الوقت للحديث عن مشاعري بخصوص الفيلم.
وهناك مجموعة من الأصدقاء والصديقات الذين نهتم لأرائهم، رضاهم بالنسبة لنا فوق كل اعتبار .
هل حقق "ذيب" نجاحه الكلي أم أن الاوسكار ستكون مقياسا لهذا النجاح؟
قلعجي: ذيب هو الفيلم الغير ناطق بالإنجليزية الوحيد في العالم المرشح للاسكار والبافتا، وهذا من أكبر مقاييس النجاح في عالم السينما، فهذا يعني أن المدرسة السينمائية الأوروبية والأمريكية، اعتبرت ذيب من أفضل ٥ أفلام غير ناطقة بالإنجليزية في العالم هذا العام.
لذا لا يمكن أن نعتبر عدم الفوز في الأوسكار أو البافتا بمثابة الفشل،، إذا حصدنا إحدى هذه الجوائز فسيكون أمر جنونياً و لكن يبقى المقياس هو مدى تأثير ذيب كمشروع على الأردن بشكل عام وليس فقط في صناعة الأفلام .
كيف ستكون مرحلة "ما بعد فيلم ذيب"؟
هناك عدة مشاريع في المراحل الأولية من الإنتاج ، و سنتحدث أكثر عنها في الوقت المناسب ، لكن اتمنى أن أرى أفلاماً أردنية وعربية أقوى وأكبر من ذيب، واتوقع ذلك .