احياء الذكرى الـ " 1350 " لوفاة "الخنساء" .. صور
رؤيا - علي الأعرج - نظمت وزارة الثقافة الأردنية بالتّعاون مع منظّمة اليونسكو الاربعاء احتفالاً بمناسبة مرور 1350 عامًا على وفاة الشّاعرة العربيّة تماضر بنت عمرو الملقبة بـ "الخنساء" وذلك في المركز الثقافي الملكي.
وجاء الاحتفال تحت رعاية وزيرة الثقافة الاردنية د.لانا مامكغ، وبحضور العديد من الادباء والشعراء وطلبة الجامعات المهتمين بالشعر.
الخنساء في سطور :
الخنساء واسمها تماضر بنت عمرو السلمية (575م - 24 هـ / 645م)، صحابية وشاعرة مخضرمة من أهل نجد أدركت الجاهلية والإسلام وأسلمت، واشتهرت برثائها لأخويها صخر ومعاوية الذين قتلا في الجاهلية. لقبت بالخنساء بسبب ارتفاع أرنبتي أنفها.
الكنية
لقبت بالخنساء لقصر أنفها وارتفاع أرنبتيه. قال الحُصري في كتاب زهر الأدب: لقبت بالخنساء كناية عن الظبية وكذلك الذلفاء والذلف قصر في الأنف ويريدون به أيضًا أنه من صفات الظباء.
نسبها
هي : أم عمرو تماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد وهو عمرو بن رياح بن يقظة بن عصية بن خفاف بن امرئ القيس بن بهثة بن سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. من آل الشريد من سادات وأشراف العرب وملوك قبيلة بني سليم في الجاهلية.
سكنوا بادية الحجاز في الشمال الشرقي من مدينة يثرب، حيث تمتد مضارب بني سليم.
كما اعتز النبي محمد بالانتساب إلى بني سليم، فكان يقول: " أنا ابن الفواطم من قريش، والعواتك من سليم، وفي سليم شرف كثير "، وآل الشريد كانوا سادة بني سليم. وعمرو بن الحارث -أبو تماضر- كان من وفود العرب على كسرى، وكان يأخذ بيدي ابنيه معاوية وصخر في الموسم حتى إذا توسط الجمع قال بأعلی صوته: أنا أبو خيري مضر، فمن أنكر فليغير. فلا يغير عليه أحد. وكان يقول: من أتى بمثلهما أخوين من قبل فله حكمه. فتقر له العرب بذلك.
نشأتها
في يوم من أيام العصر الجاهلي تسلل التاريخ - على عادته- في غفلة من الناس، إلى بيت من أكبر بيوت بني سليم إلى بيت عمرو بن الحارث الشريد، ليحتفظ لنفسه بتاريخ ميلاد تماضر.. تماضر بنت عمرو. ولم يكن التاريخ في ذلك ساذجاً! فبيوت بني سليم من البيوت المعدودة، الجديرة بالملاحظة، والجدية بتسجيل ما يدور بها من أحداث. ولدت الخنساء، وانتقلت من طفولتها إلى صباها فشبابها، ولا شيء يثير الانتباه أو يلفت النظر غير ما كانت تمتاز به من جمال وما كانت تحسه من أبويها وأخويها من عطف ومحبة، حتى وصل بها الإحساس إلى درجة الاعتداد، أو قل إلى مرتبة الأنفة والكبرياء. ولم يكن ذلك غريباً على من ينشأ في مثل ظروفها. أب شريف، وأخوان سيدان يتباهى بهما الأب ويفاخر العرب ولا أحد يجرؤ على نقض ما يقول. وكان لذلك أكبر الأثر في حياة الخنساء، وفي تكّون شخصيتها.
بيئتها
البيئة زمان ومكان وطبيعة وأشخاص، يتفاعل معها تكون الشخص، ويتأثر بها أبناؤه. إنما تتضح شخصية إنسان بوضوح بيئته، وخصوصاَ أولئك الذين طواهم التاريخ، ولم نستطع أن نعرف إلا مظاهر بدأت في سلوكهم أو أقوالهم. والخنساء واحدة من هؤلاء، فقد تبين كيف أنها ولدت قبيل الإسلام وعاشت بعده، ولا أحد يعرف عنها، ولا يذكر من أوصافها شيئاً، الا حين تعرض لها " دريد بن الصمة" طالباً الزواج منها، وعندها فقط التفتنا إلى أنها جميلة،أسر جمالها فارس طالما أسر الفرسان.
- كان لها من الابناء أبن واحد من زوجها عبد العزى هو:
"أبو شجرة" عبدالله: الذي وقف حائراً بين امه وابيه.. تلك الحيرة التي ولدت فيه صعفاً، جعله انتهازياً، لا تهمه المبادئ بقدر ما تهمه المنفعة الشخصية والكسب الخاص، وكان من نتيجة ذلك موقفه - وقد اسلم- بعد وفاة الرسول، حيث ارتد مع المرتدين الذين اشتراهم مال اعداد الإسلام ممن يقيمون على حدود الجزيرة ويحاورون بني تميم وغطفان.
- انفصال عبد العزى عن اخت معاوية شي ووقوفه بجوارة في المعركة شي اخر، لا يتعلق احدهما بالاخر، اذا الامر هنا مرتبط بعرف القبيلة وعاداتها ولقد وقف نفس الموقف "دريد"، فليم ينسى - رفض الخنساء خطبته- ما بينه وبين معاوية اخيها من صداقة
زواجها من مرداس
لم يطل بالخنساء المطال حتى تقدم اليها مرداس بن أبي عامر السلمي، الملقب بالفيض لسخائة.. ذلك بعد مقتل صخر، وفي اثناء حدادها على أخيها وابيها وكان مرداس إلى سخائة رجل جد وعمل لم يترك فرصة إلا اهتلبها، ليوفر لأسرته اسباب الحياة، حتى مات في احدى مغامراته تاركاً للخنساء أربعة بنين هم: العباس، وزيد، ومعاوية، وبنتٌ اسمها عمرة.
وتهتز الخنساء لفقد مرداس اهتزازة، يتولد عنها قصيدة ترثيه بها.. والقصيدة - وان لم تصل إلى اعوار نفسها لتفصح عن الاسى والحزن لفراق زوج عاش معها فترة من حياتها، وسجلت له الأحداث ذكريات- إلا انهاتعتبر في ميزان شعرها من احسن مراثيها فهي لا تبعد عن نهجها العام في مراثيها الترى ترددها بن الندب والتأبين، فتعدد المناقب وتذكر المآثر.
الخنساء الأم
لم تكن الخنساء الأم بأوضح كثيراً من الخنساء الطفولة، أو الخنساء الشابة او الخنساء الزوجة. يبدأ الغموض في هذا الجانب من حياة الخنساء بحصر بنيها من مرداس بن ابن عامر السلمي. فهم ولدان وبنت او ثلاثة وبنت او اربعة وبنت. وعليه فلا مناص من القول بأن بنيها من مرداس هم: العباس زيد، ومعاوية، وعمرة.
هناك من لا ينكر وجود العباس أكبر الأربعة سنا، ولكنه لا يعتبره ابنا للخنساء، وانما هو ابن زوجها من امرأة اخرى سابقة عليها. ويؤيد القول بأن الاربعة ابناء الخنساء من مرداس، ما روى من انها حضرت القادسية، ومعها بنوها الاربع. وقد يكون احدهم أبو شجرة بن عبد العزى، ما جاء على لسانها في خطبتها ليلة القادسية تحث ابناءها: " ... إنكم لبنو رجل واحد, كما أنكم بنو امرأة واحدة, ما خنت أباكم ولا فضحت خالكم, ولا هجنت حسبكم ولا غيرت نسبكم... " هذا إلى موقف ابي شجرة من الارتداد وهو ان رجع إلى الإسلام ولم يكن يضحي بنفسه، ويؤكد ذلك ما كان بينه وبين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
اما العباس فقد طفى طفوتين اثناء اسلامه لا يشرفان مسلماً ولا يشرفان من يتصل به من المسلمين، حتى ليعلن فومه في احداهما مخالفته- وهو السيد المطاع- بينما الأم صامته لا تبين، بل لا نسمع لها في ذلك الحين صوتا، ولا نعرف لها رأيا، وما اكن اجدر الخنساء بان نسمع صوتها عند ذلك.
الطفوة الأولى: كانت حين قرر الرسول صلى الله عليه وسلم رد سبايا هوازن- بعد تقسيمها، ثم إسلام هوازن- بادئا بنفسه وبني المطلب، وانصاع لذلك القرار المهاجرون والأنصار. اما الأقرع بن حابس عن تميم، وعيينة بن حصن فرفضا، ورفض العباس بن مرداس بن سليم. ولكن بني سليم لم يقروا العباس على رفضة.
واما الطفوة الثانية فحينما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم في هوازن[27] ودعا فوزع خمسة على الذين كانوا إلى ايام اشد الناس عداوة له، نصيباً فوق نصيبهم - تأليفا لقلوبهم-، فاعطى العباس بن مرداس عددا من الإبل لم يرضه، وعاتبه على ان فضل عليه عيينة بن حصن والأقرع بن حابس وغيرهما.
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ادهبوا به فاقطعوا عني لسانه، فاعطوه حتى رضى.
ولا ينقضي بضعة اعوام على ذلك حنى يلقى الرسول ربه، ويبتلى اهل الشمال بالارتداد عن الإسلام، فنرى ابن الخنساء البكر" أبو شجرة بن عبد العزى " واحد من حاملي لواء الارتداد، يحرض بشعره المرتين على المسلمين وقاتلهم. فلما رأى تحريضة على خالد لم يثمر، ورأى الناس يرجعون إلى الإسلام رجع هو كذلك إليه، وقد قبل منه أبو بكر عودته، وعفا عنه فيمن عفا.
ويبدوا ان عودته إلى الإسلام لم تكن عن صدق، فقد اتى عمر - في خلافته- وهو يعطي المساكين من الصدقة، ويقسمها بين فقراء العرب، فقال: يا امير المؤمنين، اعطني فإني ذو حاجة. قال: ومن أنت؟ قال: أبو شجرة بن عبد العزى السلمي.
احداث ثلاثة تمر بابني الخنساء الأكبرين، فما اختلجت فيها خالجة، ولا رويت عنها كلمة تشير إلى انها اهتمت لذلك، ويبدو انها حتى ذلك الحين لم تفق من صدماتها المتواليات في اسرتها فهي في شغل عن كل ما هولها من احداث، ربما كان نتيجة انهيار اصاب منها صبلابتها، ومضى بعزيمتها على توالي توالي الأحداث.
لم تتكلم الخنساء حين اخطأ ابناءها أبو شجرة والعابس، فقد كانت قريبة العهد بمصائبها، مما يشغل عن تتبع اخطاء الابناء. كما انها كانت حديثة العهد بالإسلام، كما انها رأت كلامها في هذا الموقف غير ذي موضوع. فبعد ان تكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومع صنيع ابي بكر وعمر - رضي الله عنهما- اصبح ما تأتيه وما تقوله عبثا، لا قيمة لهـ وخطأ يجدر بالعاقل ألا يقع فيه.
لم نراهم معها، ولا نراه معهم الا في نحو سنة 638 م ليلة خرج المسلمون لتأديب الفرس الذين حاولوا كثيرا تأليب الحدود على المسلمين الآمنين، وخرج هؤلاء مع الخارجين، نراها تتوسط بنيها الأربع - وليس من بينهم أبو شجرة - تحرضهم على الحرب وتمسح عن نفوسهم الخوف او القلق على مصيرها فهي في الإسلام لن تضاع اذا ما فقدت العائل المعين.
إسلامها
حين انتشر نور الإسلام، صحبت بنيها وبني عمها من بني سليم وافدة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلنوا دخولهم في الدين الجديد.
أسلمت في عام 8 هـ - 630 م وهي في طلائع شيخوختها لم تقل عن الخمسين، ولن تزيد على الستين عندما قدمت على النبي مع قومها بني سليم وأعلنت إسلامها وإيمانها لعقيدة التوحيد وحسن إسلامها.
الخنساء الشاعرة
الخنساء شاعرة مخضرمة.. ينطبق عليها التحديد الأصيل لمعنى الكلمة ومدلولها، حيث تطلق كلمة مخضرم عند العرب في الأصل على من ادرك الجاهلية والإسلام ثم اطلقت على طبقة الشعراء الذين أدركوا الجاهلية.
ولدت من آباء شعراء.. ليسوا بني سليم، آباءها الأفربين فحسب، بل ذلك يرجع إلى ابعد الآباء في قييس كلها، وكان فيهم خمسا شعراء العرب، فقد نبغ منهم جماعة من فحول الشعراء، ومنهم النابغتان ( الذيباني و الجعدي ) وزهير بن ابي سلمى، وكعب ابنه، ولبيد، والحطيئة، والشماخ، وخداش بن زهير وغيرهم. قال ابن قتيبة وهي جاهلية، كانت تقول الشعر في زمن النابغة الذبياني، ويرى ابن سلام هذا الرأي نفسه.
وفاة الخنساء
ماتت الخنساء -رضي الله عنها- سنة 24 هـ/645م. عمرت إلى أن أدركت نصر الإسلام المبين كان موتها في عامها الحادي والسبعين، وقد طبقت شهرتها الآفاق، إن لم يكن ببكائها على السادات من مضر فباستشهاد بنيها الأربعة. ماتت ومعها شاهد تضمن به تسجيل يوم موتها، ولا يعتمد فيه على الروايات، وإنما اعتمد فيه سجلات الدولة المدون فيها اسمها، لتستلم أرزاق بنيها الشهداء الأربعة من ديوان بيت المال، وكان عمر قد قدر لها عن كل واحد مائتي درهم إلى أن قبض رضوان الله عليه.