القدس العربي تكشف سر الإندماجات والإتصالات بين القصر وقوى البرلمان في الاردن
رؤيا - رصد - قاسم صالح - نشرت صحيفة القدس العربي خبرا تحت عنوان " الأردن: زواج سياسي يقود لأول 'حكومة برلمانية' بدون الحرس القديم " ، كما كشفت الصحيفة سر الإندماجات والإتصالات بين القصر وقوى البرلمان في الاردن، وتاليا النص الكامل للخبر كما نشرته الصحيفة :
وقف عضو البرلمان الأردني الناشط والمؤثر مصطفى حمارنة عند أقرب مسافة للخط السياسي الملكي عندما تحدث عن ‘نقطة تواصل’ منتجة حصلت مؤخرا يمكنها أن تغير شكل وملامح المشهد السياسي الداخلي.
حمارنة وهو مؤسس المبادرة النيابية التي شغلت الرأي العام والنخب السياسية مؤخرا تحدث لـ’القدس العربي’ بحماس شديد بعد اللقاء التواصلي الأول بين أبرز إطارين في البرلمان تشكلا عمليا بعيدا عن الحرس القديم والقوى الكلاسيكية ومراكز النفوذ المحافظة وهما الإئتلاف النيابي الديمقراطي ومجموعة المبادرة النيابية للشراكة.
كلاهما- أي المبادرة والإئتلاف- ولدا في مكانين مختلفين داخل البرلمان وبينهما مساحة من ‘عدم الفهم’ واحيانا من ‘الخصومة والمناكفة’.
اللقاء التشاوري الذي حصل مؤخرا أظهر قدرا من المرونة في تجاهل العمل المنفرد مع إحتمالية التوافق مما سيشكل برأي حمارنة إن إكتمل، مفصلا تاريخيا على المستوى الوطني قوامه حسب مراقبين أول أغلبية برلمانية ساحقة عمليا لديها برنامج سياسي وديمقراطي ومدعومة من مؤسسات مرجعية.
عدد أعضاء المبادرة 33 نائبا، خمسة جدد طلبوا الإنضمام كما قال الحمارنة لـ’القدس العربي’ وعدد أعضاء الإئتلاف الديمقراطي الجديد برئاسة النائب مصطفى عماوي ودعم مباشر من رئيس المجلس عاطف طراونة يقترب من 38 نائبا سيجتمعون على برنامج عمل يعنى بـ’مراقبة’ السلطة التنفيذية أكثر من الشراكة معها كما أفاد منسق الإئتلاف، النائب النشط خالد البكار.
فكرة الإندماج أو التوحد بسيطة وقوامها ان يقدم كل إطار للشراكة ما ينقص عند الشريك. أحدث عضو في المبادرة وهو النائب محمد حجوج يتحدث عن زخم سياسي وغطاء سيقدمه الإئتلاف مقابل أوراق عمل وبرامج إنشغلت بها المبادرة طوال الأشهر الستة الماضية.
مستعدون للأنفتاح على المبادرة والتعاون معها لأقصى حد.. هذا ما قاله البكار لـ’القدس العربي’ بشكل غير متزامن مع كلام الحمارنة لـ’القدس العربي’ ايضا بإسم المبادرة عن الإستعداد لأكبر حد ممكن من ‘إنكار الذات’ مقابل نجاح هذه الشراكة الجديدة المنتجة.
عمليا إذا تطور اللقاء بين المؤسستين فالمشهد الداخلي وعشية الدورة العادية المقبلة المتوقعة في شهر تشرين الاول/اكتوبر المقبل سيكون في مواجهة ‘قوة ضاربة’ في البرلمان لديها ولأول مرة برنامج سياسي واضح وقوامها ما بين 80- 90 نائبا.
عنصر الإعاقة اليتيم لبرنامج مشترك من هذا الحجم سيتمثل في حسابات مستقلة إزاء إنتخابات رئاسة المجلس واللجان على أعتاب الدورة العادية المقبلة وهو أمر سيستقر عمليا خلال الدورة الصيفية الإستثنائية المتوقعة في الثلاثين من الشهر الجاري.
هنا حصريا يمكن ملاحظة طموح رئيس المبادرة النائب المخضرم سعد هايل السرور في العودة لسدة الرئاسة، فيما لا يمكن إنكار طموح الأب الروحي الداعم للإئتلاف عاطف طراونة في البقاء في كرسي الرئاسة.
قواعد إنكار الذات التي يتحدث عنها الحمارنة ستكفل الإتفاق في نهاية الأمر ما دامت النوايا طيبة والهدف مشترك ويتمثل في الوصول إلى صيغة تجدد في الحياة السياسية وتدفع القصر الملكي إلى تأخير سيناريوهات حل البرلمان خصوصا مع وجود 150 نائبا مشتتين يمثل كل منهم حزبا مستقلا كما يشخص السرور.
لكن ثمة في الأفق ‘ضمانات’ أخرى أكثر فعالية وما زالت سرية وستبرز عندما يتمكن الإطاران في الإئتلاف والمبادرة من إجراء مراسم اولية للزواج السياسي وبصورة تقنع المؤسسات المرجعية الأساسية.
هذه الضمانات تتعلق بوجود ‘غطاء محتمل’ لأن يتقاسم الإئتلاف العريض برلمانيا الرئاستين التشريعية والتنفيذية إذا ما نضجت الظروف الموضوعية التي تسمح للقصر الملكي بإصدار الضوء الأخضر لتجربة جديدة ومثيرة في الحياة السياسية غادرتها المملكة منذ اكثر من 60 عاما وهي ‘حكومات البرلمان’.
أحد المسؤولين في القصر الملكي همس في أذن عضو بارز في البرلمان قائلا ‘رتبوا اوراقكم’ تعني هذه الهمسة بأن الضوء الأخضر سيظهر قريبا لكي يسمح بإعادة إنتاج المشهد السياسي الداخلي برمته تحت عنوان الإتجاه الفعلي نحو اول حكومة برلمانية منذ عقود.
إلى حد ما، تعتقد الأوساط السياسية بأن لقاءات الملك عبدالله الثاني الداعمة منذ ثلاثة أسابيع للكتل البرلمانية قد تهدف لخدمة مضمون خط الحكومة البرلمانية بالكامل إذا ما أظهر مجلس النواب قدرة وطاقة على العمل الجماعي.
الملك إلتقى كتلة العمل الوطني وبعدها كتلة وطن ولاحقا سيلتقي بقية الكتل في إطار مشاورات تعزز الشراكة وتدعو للتعاون.
طموح الملك شخصيا بتجرية تشكيل وزارة على نمط البرلمانات الغربية والعصرية لا يمكن إلا ملاحظته لكن مع لعبة برلمانية بائسة وفردية ومشتتة من النوع السائد لا يمكن السماح بولادة وزارة برلمانية مشوهة.
على هذا الأساس يعتقد وعلى نطاق واسع بان الإسناد الخلفي الذي تلقاه مبادرات برلمانية برامجية لا يتعلق في أجندات سياسية بقدر ما يتعلق في رؤية تطمح فعلا في الإنتقال بالبلاد خطوة نحو ‘وزارة برلمانية’ على إعتبار أن هذا الإنتقال خطوة في الإتجاه السليم بعد تشكيل أول حكومة بمشاورات برلمانية ترأسها عبدألله النسور وهو برلماني عريق بكل الأحوال.
أعداء وخصوم تجربة من هذا النوع متعددون ونافذون في اوساط الحكم وأغلبهم رواد المدرسة الكلاسيكية المحافظة التي لا تؤمن بالدولة المدنية والديمقراطية من حيث المبدأ.
لكن كلمة السر في التفاعلات البرلمانية الحالية تؤشر بوضوح على الهدف الأعمق المتمثل في إنتاج بنية تشريعية مؤسسية تسمح بتجربة مختلفة تبدأ بحكومة ظل وتنتهي بحكومة برلمان لإن مؤسسة البرلمان هي الوحيدة القادرة على إحتواء التجاذبات الداخلية كما يؤكد عضو لجنة الحوار الوطني والبرلماني مبارك أبو يامين.
لا أحد بطبيعة الحال يمكنه توقع المدى المنظور الذي يمكن ان تذهب إليه طموحات من هذا النوع لكن الإنطباع يتكرس وسط حلقات الحكم الأساسية بأن الخطوة التالية في تكتيك القصر الملكي وبعد غرق الإقليم في حسابات الصراع لم يعد بالإمكان أن تكون إلا ما لم يجرب سابقا… وزارة برلمانية تحتوي كل التجاذبات.