الأمم المتحدة: مستويات عدم المساواة في الأردن منخفضة
رؤيا - الغد - يكشف تقرير حديث حول المساواة الاقتصادية والاجتماعية في الأردن عن أنّ نصف شباب المستقبل سيأتون من أفقر الفئات.
تأتي هذه المعلومة في الوقت الذي أشار فيه التقرير الى أنّ مستويات عدم المساواة في الأردن "منخفضة" بالمقارنة مع المعايير الدولية؛ حيث يشير الى أنّ نسبة "عدم المساواة في الأردن" تقدر بحوالي 33.7 % وهي نسبة تقاس بنسبة انفاق الفرد.
التقرير الذي أعدّ من قبل برنامج الأمم المتحدة الانمائي ومنظمة اليونسيف، بالتعاون مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي، أوصى بضرورة تعزيز شبكة الامان المستهدفة للفقراء، ووضع حوافز اقتصادية لزيادة المشاركة في القوى العاملة، مع ضرورة تغيير الأعراف التقليدية للجنسين والتي تحد من مشاركة المرأة.
ويرى التقرير بأنّ هذه النسبة معقولة ومشابهة لدول أوروبية متقدمة، ومنخفضة عن الولايات المتحدة الأميركية، على أنّه يؤكد بأنّ مؤشر "عدم المساواة في الأردن" كان متأرجحا في العقود الماضية بشكل كبير، متأثرا قليلا بالفجوة بين الحضر/ الريف؛ حيث أشار التقرير الى أنّ "عدم المساواة بين المحافظات ملحوظ بشكل أعلى من عدم المساواة بين المناطق الحضرية والريفية".
وأشار التقرير الى أنّ معدلات مشاركة المرأة في سوق العمل هي ثلث مشاركة الرجال في المتوسط، معتبرا بأنّ الأردن كان واحدا من أدنى معدلات مشاركة النساء في القوى العالمة في العالم.
على أنّ الأردن حقق تحسنا في مجال التغطية الشاملة لخدمات المياه بدون فروق في مكان الاقامة، كما أنّ 99ّ % من الأطفال يكملون التعليم الأساسي.
وجاء في التقرير أنّ أكثر من ثلثي الأسر في الفئة الدنيا من الدخل لديها 3 أطفال أو أكثر، وأنّ أكثر من نصف السكان الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة يعيشون في أفقر فئتين من الدخل؛ حيث يعيش 400 ألف طفل ممن أعمارهم أقل من 5 سنوات في الأسر الموجودة في أفقر فئتين من الدخل.
وتزداد الأرقام بالنسبة للأطفال الأكبر سنا؛ حيث أن حوالي 500 ألف طفل من أعمار 6 الى 14 سنة يعيشون في أفقر شريحتين من الدخل، فيما أن الوضع أفضل بالنسبة للشباب (من أعمار 15 الى 24 سنة) ممن يرجح أكثر أن يعيشوا في الشرائح الأفضل حالا.
وعليه يرى التقرير بأنّ نصف شباب المستقبل سيأتون من أفقر الفئات (أفواج الشباب من أعمار 6 الى 14 سنة سيصلون لسن المراهقة في السنوات المقبلة) وديناميكيات السكان التي تضيف قسما أكبر من الشباب الأضعف هو ما يشاهد الآن وما يلزم معالجته من قبل صانعي السياسات.
وقال التقرير الذي جاء بعنوان: "عدم المساواة الاقتصادية والاجتماعية في الأردن" أنّ المملكة أظهرت مقاييس منخفضة نوعا ما لمعالجة عدم المساواة بالمقارنة مع بلدان أخرى لها ناتج محلي اجمالي مماثل للفرد الواحد.
وأضاف أن عدم المساواة في الأردن اذا ما قيس بنسبة انفاق الفرد كما هو في مسح دخل ونفقات الأسرة يبلغ
33.7 % العام 2010 حسب معامل جيني.
وهذا مماثل في المستوى لما هو في اعضاء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للبلدان المتقدمة في أوروبا. وهو أدنى بكثير من عدم المساواة في الدخل في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة (والبالغ حوالي 40 %)، وبالتالي أدنى ايضا من نسبة عدم المساواة في معظم البلدان التي هي قريبة من الأردن من حيث الناتج المحلي الاجمالي للفرد الواحد- بلدان الدخل المتوسط المرتفع.
وبين ان مؤشر عدم المساواة في الأردن تأرجح في العقود الماضية بشكل كبير، ولكنه وصل لأدنى المستويات منذ العام 2006. وتبقى مقاييس عدم المساواة عموما متأثرة قليلا بالفجوة بين الحضر/ الريف، ولكن الفروق بين المحافظات تصل إلى 8 % من اجمال عدم المساواة.
وعدم المساواة في الدخل هو أعلى عند قياسه بالدخل اكثر منه بالاستهلاك. وايضا التحويلات الاجتماعية تخفض مستوى عدم المساواة في الدخل عن طريق خفض مستوى عدم المساواة في الدخل بنسبة 4 نقاط مئوية.
الرجال العاملون، الأقل تعليما والذين في مقتبل العمر ولديهم عائلات كبيرة هم الأسوأ حالا، وفق التقرير، الذي بين أن الأردن يواجه فجوة معكوسة في عدم المساواة بين الأسر التي يعولها الذكور والأسر التي تعولها اناث: أكبر نسبة من الفئات الدنيا في توزيع الدخل هو من الأسر التي يعولها الذكور (90 %) ويظهر التعليم والدخل علاقة نمطية: الفئات الافقر لديها ارباب اسر اقل تعليما.
وتتواجد الأسر الكبيرة بشكل أوسع في الشريحة ذات الدخل الأدنى أكثر من ثلثي الأسر في الفئة الدنيا من الدخل لديها ثلاثة أطفال أو أكثر/ وأكثر من نصف السكان الذين تقل اعمارهم عن 15 سنة يعيشون في افقر فئتين من الدخل. وبعبارة اخرى يعيش 400 ألف طفل ممن اعمارهم اقل من 5 سنوات في الأسر الموجودة في افقر فئة من الدخل.
وتزداد الارقام بالنسبة للاطفال الأكبر سنا؛ حيث حوالي 500 ألف طفل من أعمار 14-6 سنة يعيشون في افقر شريحتين من الدخل. والوضع افضل بالنسبة للشباب- أي الافراد من اعمار بين 15 و24 سنة- ممن يرجح أكثر أن يعيشوا في الشرائح الافضل حالا.
وحقيقة ان نصف شباب المستقبل سيأتون من افقر الفئات (افواج الشباب من اعمار 6-14 سنة سيصلون لسن المراهقة في السنوات المقبلة)، وديناميكيات السكان التي تضيف قسما أكبر من الشباب الاضعف، هو ما يشاهد الآن وما يلزم معالجته من قبل صانعي السياسات.
وأشار التقرير إلى أن الأردن حقق تغطية شاملة تقريبا وتوافرا جيدا لخدمات المياه، من دون تمييز بين اماكن الاقامة وشريحة الدخل. وتوزعت الظروف المعيشية بالتساوي تماما بين اماكن السكن وشرائح الدخل ووصلت خدمات المياه الاساسية لجميع الاسر تقريبا في الاردن.
وبالمقابل، يبدو ان الوصول الى المرافق الصحية يتفاوت حسب شرائح الدخل، مع وصول اقل لشبكة الصرف الصحي والمراحيض الخاصة للفئات الموجودة في الشرائح الاشد فقرا.
وعلاوة على ذلك لم يتأثر الوصول للمرافق التعليمية والطبية كثيرا بحسب شرائح الاقامة او الدخل.
ويضاهي الوضع الصحي والتعليمي للمرأة في الأردن افضل ما لدى البلدان النامية الاخرى. وايضا وضع المرأة الصحي والتعليمي في الأردن يقارن ايجابيا مع وضع الرجل الأردني.
وهذه المساواة تناقض بشدة الاوضاع في شرق وجنوب آسيا ودول جنوب الصحراء الافريقية.
ولكن مقابل الاستثمارات في الحصول على التعليم الاساسي والرعاية الصحية والتي ينظر اليها كحقوق عالمية، فان النتائج في سوق العمل وفي الحياة السياسية ما تزال الى حد كبير خاضعة للمفاضلة والاختيار الفردي ولفرص المشاركة في الحياة الاقتصادية والسياسية.
ويظهر الأردن كأحد اقل البلدان في العالم في معدلات مشاركة المرأة في القوى العاملة.
ان معدلات مشاركة المرأة في سوق العمل هي ثلث مشاركة الرجال في المتوسط. وايضا الفجوة بين الجنسين في المشاركة في السوق هي اعلى بشكل ملحوظ بالنسبة للنساء الأكثر ضعفا، اي ذوات التعليم المتدني أو ممن في الشريحة الافقر. و"فجوة الحالة الاجتماعية" في المشاركة في القوى العاملة (الفرق النسبي في المشاركة في القوى العالمة بين النساء المتزوجات وغير المتزوجات) كبيرة.
ولكن بغض النظر عن الحالة الاجتماعية، فان المرأة الأردنية تطمح للعمل.
التوصيات
ويبقى عدم المساواة منخفضا فيما بين المناطق الجغرافية، فليس هناك فروق جذرية في مستويات عدم المساواة بين المحافظات او بين المناطق الحضرية والريفية.
لكن التحليل الاعمق لمساهمة التحويلات الاجتماعية باجمالي الدخل يظهر ان تحويلات الحماية الاجتماعية ليست موجهة ككل لاشد الناس فقرا.
ومن اجل تقليل عدم المساواة يجب تعزيز برامج الحماية الاجتماعية المستهدفة بشكل صحيح، لكي تصل الى الفقراء بطريقة أكثر كفاءة. وتشمل خطه البرامج بدون حصر ادوات المساعدة الاجتماعية المجربة. أي البرامج التي تأخذ في الاعتبار الثروة قبل التحويلات لتحديد الاهلية.
وبينما تكون لهذه البرامج صيغ محددة بكل بلد، فان عددا من المؤشرات يظهر في العادة مرتبطة بالفقر والاقصاء الاجتماعي، وتكوين الأسرة بما في ذلك وجود الاطفال. ويجب وضع مزيد من الإصلاحات نحو برامج الحماية الاجتماعية الموائمة للطفل.
وحقق الأردن تغطية شاملة تقريبا وتوافرا جيدا لخدمات المياه بدون تمييز بين مكان الاقامة وشريحة الدخل. وبالمثل توزيع الوصول للمرافق الصحية والتعليمية كان بالتساوي بين فئات الدخل. ولكن مع وجود بعض الفروق من حيث الحصول على الخدمات الصحية والتعليم، قد يكون هناك بعض المسائل المتعلقة بجودة الخدمات لا يكشفه هذا التقرير نظرا لمحدودية المعلومات المدرجة في البيانات.
وبالنظر إلى أن الأردن يبدو لديه مقدرة شمولية للوصول لخدمات التعليم والصحة، فان المرء يجب ان يركز على جودة تقديم الخدمة المقدمة لمختلف المناطق الجغرافية وشرائح الدخل.
من ناحية أخرى، فان الوصول لبعض الخدمات مثل الصرف الصحي وشبكة الطرق وانارة الشوارع والربط (الهواتف المحمولة والانترنت)، يبدو انه تفاوت في التوزيع عبر شرائح الدخل.
وبالتالي يجب ان تركز البرامج التي تؤكد الحصول على الخدمات والربط على مجموعة فرعية من الخدمات ليتم ايصالها وهي خدمات الصرف الصحي خدمات النقل الجيد لمن هم غير مخدومين جيداً.
وبالاضافة الى ان خدمات الاتصال تشهد نمواً - انظر مثلاً انتشار الهواتف المحمولة في الهند وأثره على حدوث النمو والتنمية الاقتصادية - والتي ينبغي التأكيد على تعزيز نموها أكثر لصالح الفقراء.
ويرتفع معدل تواجد الاطفال والشباب في شريحة الدخل الدنيا، ولكن عدم تكافؤ الفرص - الحصول على الخدمات الأساسية والتعليم.
ويعيش أكثر من نصف الاطفال في الأردن في أسر من أفقر شريحتين في توزيع الدخل.
لكن عدم المساواة في الوصول الى المدرسة، وكذلك الالتحاق بالمدارس والتحصيل المدرسي منخفض.
ويبين القسم 3 أن تفاوت الفرص للأطفال والشباب تعتمد كثيراً على تعليم رب الأسرة، وكذلك المكان الذي يأتي منه الطفل (في الحضر مقابل الريف).
وبالتالي يجب على الأردن التركيز على تنفيذ برامج تهدف الى إيصال نوعية عالية من التعليم الى المناطق النائية، والتركيز على الدروس الخصوصية للأطفال الذين لا يستطيع اباؤهم مساعدتهم على أداء الواجبات المدرسية.
الوضع الصحي والتعليمي للمرأة في الاردن يضاهي ما في البلدان النامية الاخرى، ولكن مشاركة المرأة في الحياة العامة محدودة جداً.
الوضع الصحي والتعليمي للمرأة في الأردن يقارن ايجابياً مع وضع الرجل الأردني.
ولكن، بالمقارنة مع الاستثمارات في الحصول على التعليم الاساسي والرعاية الصحية، والتي ينظر لها باعتبارها حقوقاً عالمية، فان النتائج في سوق العمل وفي الحياة السياسية تبقى إلى حد كبير نتيجة للتفضيل والاختيار الفردي وفرص المشاركة في الحياة الاقتصادية والسياسية.
ويظهر الاردن أحد أدنى المعدلات العالمية لمشاركة المرأة في القوى العاملة. ومما يثير القلق أيضاً حقيقة أن الفجوة بين الجنسين قد ساءت منذ العام 2006 كما لوحظ من قبل المنتدى الاقتصادي العالمي (2014).
وفي ضوء هذا التقرير ينبغي تناول ثلاث نقاط حسب الأولوية: (1) توفير برامج شبكات الأمان التي تستهدف الفقراء، (2) توفير الحوافز لتعزيز مشاركة المرأة في القوى العاملة، و(3) توفير اطار عمل لشمول منتظم للنساء في الصعيد السياسي والحياة اليومية.
وبين التقرير أنه يجب تعزيز شبكات الامان المستهدفة للفقراء.
يبدو أن الاردن ينفق جزءاً كبيراً من ميزانيته للرعاية الاجتماعية على برامج لا تستهدف على وجه التحديد الفقراء، ويجب أن يركز على برامج المساعدة الاجتماعية لمساعدة الفقراء بالنهوض بأنفسهم للخروج من مأزق الفقر. وتشمل هذه البرامج الوسائل المجربة، والتي تشمل تدخلات بوسائل بديلة مجربة.
وفي مثل هذه الحالات، يتم تحديد أهلية البرنامج على أساس خصائص السكن والأسرة: تكوين الأسرة بما فيه عدد الأطفال وتوزيعهم وخصائص رب الأسرة (تعليمه، ووضع نشاطه، وعمره)، وخصائص الزوج والسكن وملكية الأصول.
ودعا التقرير إلى ضرورة وضع حوافز اقتصادية لزيادة المشاركة في القوى العاملة؛ حيث ان الدور المتقلص للقطاع العام المراعي للأسرة في سوق العمل الاردني ساهم بقوة في زيادة عدم المساواة بين الجنسين، وفي اوقات الانكماش الاقتصادي يحتاج القطاع الخاص ليكون منظماً بطريقة تقدم نفس المزايا التي كان القطاع العام يقدمها سابقاً من أجل النجاح في جذب النساء.
اضافة الى أننا رأينا أن المرأة المتزوجة كانت فرص مشاركتها أقل بكثير في سوق العمل، وذلك لأن معظمهن لديهن عبء رعاية الاطفال: وكلفة وتوافر بدائل الرعاية النهارية هي عنصر مهم في قرار مشاركتها في القوى العاملة.
ويجب وضع خيارات الرعاية النهارية المناسبة في الصدارة. وأخيراً، حتى عندما تعمل النساء، فإنهن غالباً يواجهن عدم المساواة في مكان العمل.
ويجب أن تسير استراتيجيات جذب المرأة للعمل جنباً الى جنب مع سياسات تشجيع النساء على العمل.
وأضاف التقرير أن الأعراف التقليدية للجنسين تحد من تمثيل المرأة؛ حيث ان تصورات دور المرأة في المنزل، والتعليم والتوظيف والسياسات هي بوضوح تصورات أكثر تقليدية من المعدل العالمي.
ان طبيعة الاعراف الجندرية والاطر القانونية وهيكلية الاقتصاد الأردني تؤثر بقوة في حوافز وأفضلية وفرص وقدرة المرأة على المشاركة في العمل، بما في ذلك ودون حصر قوانين الوصاية التي تقيد حركة المرأة وخياراتها المهنية. وقد قام الأردن بتجربة عدد قليل من البرامج لزيادة تمثيل المرأة، ولكنها كانت بعيدة كل البعد عن تغطية جميع الموضوعات التي يلزم معالجتها.
وأشار التقرير إلى أنّ الأردن حقق على مدى السنوات العشر الماضية نجاحا في متابعة الاصلاحات الهيكلية في التعليم والصحة والمخصصة وتحرير التجارة.
كما أدخلت الحكومة الأردنية أنظمة للحماية الاجتماعية واصلاح الدعم بحيث أوجدت الظروف الملائمة للشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال البنية التحتية وعمل الإصلاحات الإدارية والتنفيذية على الضريبة.
ومع ذلك تواجه البلاد تحديات مهمة، فهناك استمرار لضعف الاقتصاد الكلي بسبب اعتماده على استيراد الطاقة وانقطاع امدادات الغاز المصري. واتساع نطاق التوترات الاقليمية في الآونة الاخيرة الى العراق وسوريا الذي يلقي بثقله على الاقتصاد الاردني من خلال اتساع العجز التجاري وضعف ثقة المستثمرين.
وارتفاع البطالة والاعتماد على التحويلات المالية من اقتصادات الخليج هو تهديد اضافي لاستقرار الاقتصاد. واخيرا يواجه الأردن تحديات هائلة على المدى القصير بسبب الآثار غير المباشرة للصراع السوري.