18 % من الأردنيين "فقراء عابرون"
رؤيا - الغد - بينما تعتزم الحكومة إعلان نسب الفقر في المملكة خلال الأسابيع المقبلة، يشير تقرير للبنك الدولي إلى أن 18.6 % من مجموع السكان الأردنيين مهددون بالانضمام إلى الفقراء الذين تبلغ نسبتهم 14.4 %.
ويفرز تقرير البنك الدولي فئة جديدة من الفقراء في المملكة، أطلق عليهم "الفقراء العابرون" ونسبتهم 18.6 % من مجموع السكان الأردنيين.
وهذه الفئة التي تطرق إليها التقرير مختلفة عن الفقراء؛ إذ يؤكد التقرير أن هؤلاء يختبرون الفقر لفترة 3 أشهر في السنة أو أكثر وتبلغ نسبتهم 18.6 %، بينما الفقراء الذين يبقون فقراء طول السنة تبلغ نسبتهم 14.4 %، فيما يبلغ مجموع الفئتين 33 % (ثلث الأردنيين). التقرير الذي صدر منتصف العام الماضي؛ كان أكد أن ثلث السكان في الأردن عاش دون خط الفقر؛ أقله خلال ربع واحد من أرباع السنة.
يأتي هذا في الوقت الذي تشير فيه الأرقام الحكومية إلى أن نسبة الفقر على مستوى المملكة بلغت 14.4 % العام 2010 (وهي آخر دراسة عن الفقر).
ويقول البنك إن الفقراء العابرين اختبروا الفقر أقله خلال ربع واحد من أرباع السنة رغم أنهم لا يصنفون كفقراء لأن نصيب الفرد من الاستهلاك في هذه الفئة يتجاوز خط الفقر سنويا.
ويذهب البنك الى أنّ "ظاهرة الفقر العابر" تشير الى أنّ مقاييس الفقر السنوية لا تعكس حجم الفقر الصحيح؛ فمعدلات الفقر القائمة على مستويات الاستهلاك السنوية تقنّع حدة التأثر التي تواجه عددا كبيرا من الأسر كما تختلف فعالية التدخلات السياسية للحد من حدة التأثر مقابل الفقر.
فعلى سبيل المثال؛ يمكن معالجة حدّة التأثر جزئيا عن طريق تدخلات تساعد الأسر على تقليل نفقات الاستهلاك الخاصة بهم (التحويلات النقدية على سبيل المثال)، في حين أن الاستثمارات الطويلة الأجل في قضايا الفقراء، كتلك الرامية إلى تعزيز أصولهم البشرية والمادية، أو عائدات هذه الأصول، قد تكون أكثر ملاءمة للحد من الفقر المزمن.
ويشير البنك الى أنّ التقديرات الرسمية قدرت نسبة الفقراء بالأردن بـ14.4 % في 2010، وتشير دراسة أجراها البنك الدولي خلال العام عن جوانب الفقر، إلى أنّ ثلث السكان في الأردن عاش دون خط الفقر، أقله خلال ربع واحد من أرباع السنة.
يأتي هذا في الوقت الذي يرى فيه خبراء أنّ الفقر العابر "موسمي يرتبط بحالة الاقتصاد إن كان في انتعاش أو ركود"، على أنهم "يصرّون على أنّ أرقام الفقر المعلنة هي التي تؤخذ كمعيار لقياس الفقر في البلد".
على أنّ البعض يشير الى أنّ ارتفاع نسبة "الفقراء العابرين" قد تشي بـ"هشاشة الاقتصاد"، وتدلل على عدد المنتمين للطبقة الوسطى والمهددين بالانضمام للطبقة الفقيرة.
وزير تطوير القطاع العام الأسبق د.ماهر مدادحة، يرى أنّ "الفقر العابر" هو موسمي، ولا يعطي دلالة واضحة حول الفقر.
ويشير المدادحة الى أن هذا يعتمد على "هشاشة الاقتصاد والوضع الاقتصادي بشكل عام؛ حيث إن أي تغيّر في الوضع الاقتصادي للأسوأ يعني انزلاق مجموعة من المواطنين الى ما دون خط الفقر".
ويشير المدادحة الى أنّ حجما كبيرا من الطبقة الوسطى يحوم حول الخط الفاصل بينهم وبين الفقر؛ فأي تراجع في الاقتصاد يعني أن هؤلاء سيتراجعون الى الطبقة الفقيرة.
ويؤكد المدادحة أنّ هذه النسبة من الفقر العابر تحتاج الى مزيد من السياسات الإصلاحية التي تحفّز النمو الاقتصادي.
الخبير الاقتصادي ورئيس هيئة المديرين لشركة "إسناد" للاستشارات د.خالد الوزني، يرى أنّ الفقر العابر له علاقة بمستويات المعيشة بين فترة وأخرى، ويدخل فيه مواطنون لفترة مؤقتة تطول أو تقصر.
ويرى الوزني أنّ وجود هذه النسبة من "الفقر العابر" يرتبط بمدى انحدار فئات من الطبقة الوسطى الى ما دون خط الفقر.
ويشير الوزني الى أنّ الجزء الأكبر من الطبقة الوسطى في الأردن قريب من الفقر، وهي الطبقة الوسطى الدنيا، وبالتالي فإن جزءا كبيرا من المجتمع معرض للهبوط الى الطبقة الفقيرة.
ويبين الوزني أن هذا يدلل على "هشاشة" الطبقة الوسطى والتي تسمح بدخول هذا العدد الكبير من منتمي الطبقة الوسطى الى ما دون خط الفقر، ما يشكل عبئا اجتماعيا كبيرا.
ويرى الوزني أن انضمام هذه النسبة الى الفقراء قد تكون بسبب الإجراءات والسياسات الحكومية من رفع الدعم وعدم الاهتمام بتحريك عجلة الاقتصاد، مشيرا الى أنّ هذا يعكس "فقر السياسات الاقتصادية وانعكاسها على حياة المواطن ومستوى معيشتهم".
ويشدد الوزني على ضرورة تحريك عجلة الاقتصاد وجذب الاستثمارات وتحريك الاستثمارات القائمة وتحفيز الاقتصاد، ما يمنع انحدار هذه الفئة من الطبقة الوسطى الدنيا الى الطبقة الفقيرة.
أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك د.قاسم الحموري، أشار الى أنّ وجود الفقر العابر يرتبط بمدى النشاط الاقتصادي، ويضيف غالبا ما يكون هؤلاء ممن فقدوا وظائفهم أو التجار الذين أعلنوا حالة الافلاس، وغيرهم؛ حيث إنهم يخرجون من تصنيف الفقر بمجرد زوال هذا السبب.
وتشير الأرقام الرسمية الى أنّ نسبة الفقر على مستوى المملكة بلغت العام 2010 (وهي آخر دراسة عن الفقر) حوالي 14.4 % وهي نسبة مرتفعة عن نسبة الفقر في دراسة الفقر التي سبقتها في العام 2008 والتي قدرت بـ13.3 %.
ووفق الدراسة ذاتها، فإنّ نسبة الفقر في 2010 كانت ستصل الى 17 % لولا أشكال المساعدات كافة المقدمة من المؤسسات الحكومية كافة لدخل الأسر، وبالتالي إنفاقها؛ بما في ذلك المقدَّمة من صندوق المعونة الوطنية والتحويلات الحكومية المختلفة والبالغة 219.1 مليون دينار بدون احتساب دعم السلع الغذائية، كما كانت هذه النسبة ستصل إلى 15.8 % لولا تدخل صندوق المعونة الوطنية وحده؛ والذي بلغ حجم تحويلاته 79.2 % مليون دينار من دخول وإنفاق الأسر.