صحيفة: مؤشرات تشكك بالتحقيق الفرنسي في استشهاد عرفات
رؤيا - صفا - أبرز تحقيق نشرته صحيفة فرنسية مؤشرات إضافية تشكك في التحقيق الفرنسي بملف وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات بما في ذلك اتهامات بحجز متعمد للمعلومات.
وأوردت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية أمس الخميس، أن محاميَي سهى عرفات وجّها رسالة إلى القضاة المكلفين بالقضية، تحدثا فيها عن حجز متعمد لمعلومات، ومناورات وعدم نزاهة في توجيه التحقيق القضائي.
ويقدّر المحاميان فرانسيس سبينر ورونو سيميردجيان، أن مسألة سحب القضية من القضاة تطرح نفسها بشكل شرعي، خاصة أنهما اكتشفا الكثير من العناصر التي تشكك بشكل جدي في تحقيق القضاة.
في المقام الأول ظهور نتائج عيّنات بَول عرفات، فهي لم تكن موجودة في الملف المختوم والذي لم يكشف الادعاء عن وجوده إلا يوم 16 مارس الماضي، علماً بأن تحليل البول هو الذي سمح للخبراء الفرنسيين أن يقولوا في كشفهم الإضافي بأن وفاة عرفات لا تعود إلى التسميم.
ومنذ نهاية شهر أغسطس عام 2012، انهمك ثلاثة قضاة فرنسيين في المحكمة الابتدائية الكبرى في نانتير (ضاحية باريس) في التحقيق في وفاة عرفات الذي استشهد في المستشفى العسكري في بيرسي يوم 11 نوفمبر 2004.
غياب المتهم
ولم يتم تشريح جثمان عرفات أما الشكوى القضائية التي قدّمتها أرملته سهى فجاءت بعد اكتشاف آثار البولونيوم على أغراض زوجها.
في 30 من شهر أبريل الماضي أغلق القضاة تحقيقهم المفتوح حول الاغتيال، فيما لدى هيئة الادعاء ثلاثة أشهر لكتابة قرار الاتهام إمّا من أجل إعلان البراءة أو عرضه أمام القضاء، ولكن في ظل غياب شخص متهم، فإن عدم وجاهة المحكمة (البراءة) هي النتيجة المرجّحة.
وفي ديسمبر عام 2013 أعلن خبراء فرنسيون كلَّفهم قضاة التحقيق بالبحث أن "نتيجة التحليلات الإشعاعية الفيزيائية لا تسمح بتأكيد تسميم بمادة البولونيوم 210"، ومن بين العناصر التي كانت تحت أيديهم، نتيجتان لعيّنات بول مختومة تحت رقمي 1324 و1325.
من جهته طلب الادعاء من خبراء سويسريين من مركز الطب الشرعي في لوزان إنجاز دراسة أخرى. وفي نتائج الدراسة الأخيرة "تأكيد على أن استشهاد عرفات كانت نتيجة التسميم بواسطة بولونيوم 210".
ثم أجرى الخبراء نفسهم دراسة مقارنة بين التقريرين الفرنسي والسويسري، وكانت النتيجة من جديد لصالح "الفرضية التي تقول بأن الوفاة كانت نتيجة تسميم بواسطة بولونيوم 210".
وبعد ظهور التقريرين الفرنسي والسويسري طالب محاميا سهى عرفات بأن يُجرى فحصٌ مضاد، ولكن القضاة اختاروا فقط طلب فحص إضافي وعهدوا به إلى خبراء فرنسيين. وكانت النتيجة لصالح فرضية الوفاة العادية ولكن على قاعدة تحليل بول "عُثِرَ عليه"، وتم نقلهُ إليهم من مستشفى بيرسي "بصفة تلقائية".
تحاليل جديدة
ومما يثير التساؤل والريبة هو إقدام قسم الحماية الإشعاعية للجيوش الذي يُعتبر الخبير في الحماية الإشعاعية في وزارة الدفاع والموجود في مستشفى بيرسي الفرنسي على إجراء تحاليل جديدة، على الرغم من أنه لم يكن مُفوَّضاً من القضاء.
وتناولت هذه الأبحاث عيّنة من بول مسجل تحت رقم 1323 وهو غير موجود بين عناصر التحقيق، ما يطرح تساؤلاً حول درجة صدقية وأصالة هذه العيّنة؟
عناصر جديدة جاءت لتضيف البلبلة حول الموضوع القضائي، ففي 16 مارس الماضي سلّم القضاة للادعاء الفحص الإضافي (إضافة إلى عينة من بول جِيءَ به من حيث لا يتوقع أحد).
وبعد 11 يوما من ذلك أطلع القضاة الادعاء بعودة الإنابة القضائية في ما يخص الاستماع إلى موظفي مستشفى بيرسي. ثم وبينما كانت القاضية فابيان بيرنارد في إجازة أعلن القضاة عن الانتهاء من التحقيق، وهذا ما يطرح تساؤلاً حول كيفية تمكّن القاضية، في عطلتها، من التوقيع على قرار الانتهاء؟.
مؤشر غامض
كما برز مؤشر آخر غامض يتمثل في احتماء 25 من بين 27 طبيباً عسكرياً، من الذين تم الاستماع إلى شهادتهم خلف السر الطبي وتأكيدهم أن الأجوبة على أسئلة المحققين يجب أن تظهر في الملف الطبي، أو بالأحرى كان عليها أن تظهر لأنه فيما يخص التلوّث من خلال العناصر الكيماوية، مثلاً، فإن الوثائق التي سلمت للعائلة، لا تتضمن أي رقم.
فهل تعرَّضَ الملف الذي سُلّم للعائلة للرقابة وسُحبَت منه بعض العناصر؟ وعلى النقيض، يُقدّر الأطباء المدنيون أنه لا يمكن إقصاء فرضية تسميم عرفات.
وفي ما يخص الأطباء الفلسطينيين والتونسيين فإنهم يميلون لفرضية تسميم عرفات، والشيء الوحيد المؤكد في هذه القضية، هو أنه حتى الطاقم الطبي الذي يُقدّر أن عرفات لم يَمُت مسموماً، عاجزٌ عن توصيف أيّ مرض كان يعاني منه.