أبو عبيدة، الناطق العسكري باسم كتائب عز الدين القسام
"الأرض المقدسة بين اليهودية والنصرانية والإسلام""حبر العالم ودم الشهيد".. رسالة "أبو عبيدة"
- خصص الكحلوت الفصل الأول من رسالته لنسف المرتكزات الفكرية التي قامت عليها دولة الاحتلال.
مع إعلان كتائب القسام، مساء يوم الاثنين، عن استشهاد ناطقها العسكري "أبو عبيدة"، والكشف عن هويته الحقيقية باسم "حذيفة سمير الكحلوت"، عاد إلى الواجهة وبقوة السجل الأكاديمي للرجل الذي أدار الحرب الإعلامية والنفسية لسنوات.
فقد تداول نشطاء وباحثون مقتطفات من رسالته للماجستير التي نوقشت في الجامعة الإسلامية بغزة عام 2013، والتي حملت عنوان "الأرض المقدسة بين اليهودية والنصرانية والإسلام".
الرسالة التي كانت حبيسة رفوف المكتبات، تحولت اليوم إلى "وصية فكرية" ووثيقة استشرافية، حيث أظهرت أن "الملثم" لم يكن مجرد متحدث عسكري، بل باحثا عقديا شيد بنيانه المقاوم على أساس معرفي صلب، مفندا الرواية الصهيونية من جذورها، ومؤصلا لـ"حرمة التنازل" التي قاتل وقضى نحبه لأجلها.
صراع عقيدة لا حدود
في قراءة جديدة لرسالته على ضوء إعلان خبر استشهاده يوم الإثنين، يظهر أن الكحلوت استهل بحثه بتقرير حقيقة جوهرية، وهي أن أرض فلسطين "سرقت واستبيحت" عبر التاريخ ليس لدوافع سياسية أو إنسانية فحسب، بل تحت شعارات دينية "توراتية تلمودية صليبية".
وأكد الباحث الشهيد أن الصراع القائم هو صراع بين الحق والباطل، وساحته الأساسية هي "العقيدة"، رافضا اختزاله في نزاع على "دولة" أو "تقرير مصير".
وقد بدت كلمات إهدائه اليوم وكأنها نعي مبكر لنفسه، حيث أهداها إلى "كل مسلم حبا وولاء، وإلى كل يهودي ونصراني حجة وبرهانا"، وهو ما طبقه عمليا في خطاباته العسكرية.
تفكيك "لأسطورة اليهودية"
خصص الكحلوت الفصل الأول من رسالته لنسف المرتكزات الفكرية التي قامت عليها دولة الاحتلال، محددا مصادر فكرهم في أربعة: "التوراة المحرفة، التلمود، فتاوى الحاخامات، وبروتوكولات حكماء صهيون".
وخلص عبر استقراء نصوصهم إلى عدة نتائج كانت بمثابة "الذخيرة الفكرية" للمعركة الحالية:
- انقطاع السند والتحريف: أثبت الباحث بالأدلة أن التوراة الحالية "منقطعة السند" تاريخيا، وتعرضت للتحريف والتبديل، ولا يمكن نسبتها لموسى عليه السلام، مستدلا بتناقضاتها ومخالفتها للعلم والمنطق.
- أكذوبة الوعد الإلهي: فند الكحلوت "الوعد بالأرض" المزعوم لإبراهيم عليه السلام، موضحا أنه حتى وفق نصوصهم، فإن الوعد يشمل نسل إبراهيم كافة، وإسماعيل (جد العرب) هو الابن البكر، مما يسقط احتكار اليهود للوعد.
كما أكد أن الوعد كان مشروطا بالطاعة، وهم "نقضوا العهد وكفروا"، مما يسقط حقهم الديني.
- أطماع "إسرائيل الكبرى": حذر الباحث منذ عام 2013 من أن حدود الأرض الموعودة في التوراة المحرفة تمتد من "نيل مصر إلى نهر الفرات"، مما يكشف الأطماع التوسعية التي تتجاوز فلسطين.
- الوحشية كعقيدة: ربط الكحلوت بين النصوص التوراتية التي تأمر بـ"قتل كل نسمة" وبين المـمارسات الصهيونية المعاصرة من مجازر واستيطان، معتبرا إياها تطبيقا حرفيا لعقيدة دينية دموية.
"الصهيونية المسيحية".. التحالف المقدس
وفيما يفسر الدعم الغربي اللامحدود الذي واجهه "أبو عبيدة" ورفاقه في الحرب الأخيرة، كان الكحلوت قد خصص الفصل الثاني من رسالته لتشريح "النصرانية" و"الصهيونية المسيحية".
أوضح الكحلوت كيف تم اختراق المسيحية من قبل اليهودية عبر التاريخ، وكيف مهد "بولس" لتحريف ديانة المسيح التوحيدية.
وتوسع في شرح ظاهرة "الصهيونية المسيحية" في الغرب، ولا سيما في الولايات المتحدة، مؤكدا أن دعمهم للكيان الصهيوني ليس سياسيا فحسب، بل هو "واجب ديني"، وكشف أنهم يؤمنون بضرورة تجميع اليهود في فلسطين كشرط مسبق لعودة المسيح ووقوع معركة "هرمجدون" ونهاية العالم.
الحق الإسلامي: "وقفية" دافع عنها حتى الموت
في الفصل الثالث، والذي يبدو اليوم كدستور عمل للمقاومة، أصل الكحلوت للحق الإسلامي في فلسطين، مستندا إلى القرآن والسنة، وخلص إلى حقائق شرعية وتاريخية لا تقبل المساومة:
- وراثة الأرض: أكد أن الأرض لله يورثها لعباده الصالحين، وأن المسلمين هم الورثة الحقيقيون لميراث الأنبياء جميعا؛ لأنهم حملة راية التوحيد.
- أرض وقف إسلامي: استند إلى قرار الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وإجماع الصحابة على جعل أرض فلسطين وقفا على أجيال المسلمين.
- حرمة التنازل: نقل فتاوى علماء الأمة التي أجمعت على حرمة بيع الأرض أو التنازل عنها.
- وجوب الجهاد: خلص إلى أن الجهاد لاسترداد فلسطين "فرض عين".
خاتمة وتوصيات.. الوصية الأخيرة
اختتم الكحلوت رسالته بالدعوة إلى تربية الأجيال على أن الصراع "صراع وجود لا صراع حدود"، محذرا من شعارات "التعايش وحل الدولتين"، ومؤكدا أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، وأن الحق الإسلامي في فلسطين غير قابل للتصرف أو التقادم.
