صورة تعبيرية لشيخوخة القلب بسبب الفقر
"جيوب خاوية وقلوب متعبة".. دراسة تكشف دور الفقر في تسريع شيخوخة القلب
- تبين أن القلب الذي يبدو "أكبر سنا" من صاحبه يعود في الغالب لأشخاص يعانون من تعثرات مالية أو صعوبة في تأمين الغذاء
في كشف علمي يعيد ترتيب أولويات الطب الحديث، خلصت دراسة رائدة نشرتها دورية "مايو كلينك" إلى أن الضغوط المالية وانعدام الأمن الغذائي يمثلان "المحرك الخفي" لتسارع الشيخوخة البيولوجية للقلب.
وأظهرت النتائج أن هذه العوامل الاجتماعية تتجاوز في فتكها بعضلة القلب الكثير من المخاطر الطبية التقليدية، مما يضع محفظة المواطن وطبقه الغذائي في كفة واحدة مع ضغط الدم والكوليسترول.
ومع التوقعات التي تشير إلى أن نحو ربع سكان الولايات المتحدة سيتجاوزون سن الخامسة والستين بحلول عام 2050، بات الانتقال نحو مفهوم "الجودة المعيشية" ضرورة ملحة.
وفي هذا الصدد، أوضح الباحث الرئيسي الدكتور أمير ليرمان أن هذا التحول الديموغرافي دفع الفريق للبحث عن مؤشرات حيوية تتخطى العمر الزمني، خاصة وأن الفحوصات الروتينية غالبا ما تغفل الجوانب المعيشية التي تنحت في جسد المريض بصمت.
اعتمد باحثو "مايو كلينك" على قاعدة بيانات ضخمة شملت أكثر من 280 ألف مريض، مستعينين بتقنيات الذكاء الصناعي لتحليل تخطيط القلب الكهربائي.
وتمكنت الخوارزميات المتقدمة من رصد ما يسمى "فجوة العمر القلبي"، وهي الفرق بين سنوات عمر الفرد والحالة الوظيفية لقلبه.
وتبين أن القلب الذي يبدو "أكبر سنا" من صاحبه يعود في الغالب لأشخاص يعانون من تعثرات مالية أو صعوبة في تأمين الغذاء، حيث تلتقط الآلة إشارات كهربائية دقيقة تعجز العين البشرية عن تمييزها.
ولم تقتصر خطورة هذه المحددات الاجتماعية على إتلاف أنسجة القلب فحسب، بل ارتبطت بشكل طردي بارتفاع معدلات الوفاة.
ورغم أن الدراسة تمت في بيئة ديموغرافية محددة، إلا أن رسائلها تتجاوز الحدود الجغرافية؛ إذ تؤكد أن علاج أمراض القلوب لا يبدأ من غرف العمليات فقط، بل من تحسين الظروف الاقتصادية للمجتمع.
تضع هذه النتائج صناع القرار الصحي أمام مسؤولية جديدة، تقضي بضرورة أنسنة الرعاية الطبية وتوسيع نطاق التدخل الوقائي ليشمل الأمن المعيشي، باعتباره الركيزة الأولى لحماية نبض المجتمع من تهالك الشيخوخة المبكرة.
