جنود من الجيش الامريكي يستهدفون قارب-أرشيفية
الولايات المتحدة تشن ضربة على زورق مشتبه بتهريب المخدرات في المحيط الهادئ.. فيديو
- وزير الحرب الأمريكي: لا قوات أمريكية تضررت في الضربة
أعلن وزير الحرب الأمريكي بيت هيغسيث الخميس عن تنفيذ قوات الولايات المتحدة ضربة عسكرية دقيقة أسفرت عن تدمير زورق مشتبه في تهريب المخدرات في شرق المحيط الهادئ، مما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص وصفهم هيغسيث بـ"الإرهابيين المتاجرين بالمخدرات".
وقال هيغسيث في بيان نشر على حسابه في منصة "إكس" إن الضربة نفذت بتوجيه من الرئيس دونالد ترمب، واستهدفت زورقا يديره تنظيم إرهابي مصنف يقوم بتهريب المخدرات عبر طريق معروف للتهريب
وأوضح هيغسيث أن الزورق كان يحمل كميات كبيرة من المخدرات، وكان يسير في مياه دولية قبالة ساحل كولومبيا، وفقا لمعلومات الاستخبارات الأمريكية.
وأرفق البيان فيديو قصير يظهر الزورق يتحرك عبر المياه قبل أن يتعرض لصاروخ يؤدي إلى انفجاره وتحوله إلى كتلة مشتعلة.
وأكد هيغسيث أن "لا قوات أمريكية تضررت في الضربة"، مشيرا إلى أن هذه العملية تمثل الثانية في المحيط الهادئ خلال يومين فقط، مما يعكس توسعا في نطاق حملة الولايات المتحدة ضد تهريب المخدرات.
يأتي هذا الهجوم كجزء من حملة عسكرية أطلقها الرئيس ترمب في سبتمبر الماضي، والتي تستهدف زوارق التهريب في منطقة أمريكا الجنوبية.
ووفقا لتقارير البنتاغون، نفذت الولايات المتحدة حتى الآن ثماني ضربات مماثلة، سبع منها في بحر الكاريبي وواحدة سابقة في المحيط الهادئ يوم الثلاثاء الماضي، أسفرت عن مقتل شخصين.
وأدت هذه العمليات إلى مقتل ما لا يقل عن 34 شخصا على الأقل، مع تركيز الجهود على تنظيمات مصنفة كإرهابية مثل "ترين دي أراغوا" الوفنزويلي وجيش التحرير الوطني الكولومبي (ELN).
وفي إحدى الضربات السابقة يوم 19 أكتوبر، أعلن هيغسيث عن تدمير زورق آخر في الكاريبي مرتبط بالـELN، مما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص آخرين.
تشير الخلفيات الحقيقية للحملة إلى أنها بدأت في 2 سبتمبر 2025، عندما نفذت القوات البحرية الأمريكية أول ضربة جوية على زورق قرب جزيرة ترينيداد، مما أسفر عن تدمير السفينة ومقتل أربعة أشخاص.
وكان ذلك ردا على تقارير استخباراتية تشير إلى أن هذه الزوارق تستخدم لنقل الكوكايين من كولومبيا وفنزويلا نحو الولايات المتحدة عبر الكاريبي، حيث يقدر أن 25% من الكوكايين العالمي يمر عبر هذه المنطقة.
وفقا لتقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) في يوليو 2025، بلغ إنتاج الكوكايين في كولومبيا وحدها 1,738 طنا في 2024، معظمها يهرب عبر البحر، مما يجعل المنطقة نقطة عبور رئيسية.
ومع ذلك، أثارت الحملة جدلا قانونيا ودبلوماسيا واسعا.
فقد أصدرت إدارة ترمب مذكرة سرية في 1 أكتوبر 2025 إلى الكونغرس، تصف التهريب كـ"نزاع مسلح غير دولي" مع "مقاتلين غير قانونيين"، مما يبرر استخدام القوة الفتاكة دون اعتقال أو محاكمة.
وهذا النهج يختلف عن الإدارات السابقة، التي اعتمدت على حرس السواحل لاعتراض الشحنات واعتقال المشتبهين.
وفي تقرير نشرته CNN في 18 أكتوبر 2025، أفادت بأن اثنين ناجين من ضربة في الكاريبي تم ترحيلهما إلى كولومبيا وإكوادور لمحاكمتهما، مما يثير تساؤلات حول التوافق مع الاتفاقيات الدولية.
على الصعيد الدولي، أدانت كولومبيا الضربات المتكررة، حيث اتهم الرئيس غوستافو بيترو الولايات المتحدة بـ"القتل والانتهاك للسيادة" في تصريح على "إكس" يوم 18 أكتوبر، مشيرا إلى مقتل صياد كولومبي في إحدى الضربات السابقة.
كما أعربت فنزويلا عن احتجاجها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، واصفة الوجود العسكري الأمريكي في الكاريبي بـ"التهديد غير الشرعي".
وفي الوقت نفسه، نشرت الولايات المتحدة قوات بحرية كبيرة في المنطقة منذ أغسطس 2025، تشمل مدمرات صواريخ موجهة وطائرات F-35 وغواصة نووية و6,500 جندي، تحت قيادة القيادة الجنوبية الأمريكية (SOUTHCOM).
وأكد هيغسيث في بيانه الأربعاء أن هذا النشر "يهدف إلى منع وصول السموم إلى شواطئنا"، مقارنا المتاجرين بـ"القاعدة" في حربها على الولايات المتحدة.
من الناحية الاقتصادية والأمنية، ترتبط هذه الحملة بأزمة المخدرات في الولايات المتحدة، حيث سجل مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) أكثر من 100 ألف وفاة بسبب جرعات زائدة في 2024، معظمها من الفنتانيل الذي يهرب برا من المكسيك، لكن الكوكايين يشكل جزءا كبيرا من التهريب البحري.
ووفقا لتقرير مكتب السياسة الوطنية بشأن المخدرات (ONDCP) الصادر في سبتمبر 2025، يقدر أن 75% من الكوكايين الكولومبي يمر عبر المحيط الهادئ الشرقي، مما يفسر توسع الضربات إلى هذه المنطقة.
ومع ذلك، حذر خبراء مثل مايكل شيفتر من معهد الحوار بين الأمريكتين في تقرير للـLos Angeles Times يوم 22 أكتوبر، من أن الضربات قد تؤدي إلى تصعيد التوترات الإقليمية دون تقليل كبير في تدفق المخدرات، حيث يتكيف المتاجرون بسرعة بتغيير طرقهم
داخليا، أثار النهج انتقادات من الديمقراطيين في الكونغرس، حيث قال السناتور مارك كيلي في مقابلة مع CBS News يوم 19 أكتوبر إن "طرق الكاريبي تستخدم أساسا لتهريب الكوكايين إلى أوروبا، لا إلى الولايات المتحدة"، مشككا في فعالية التركيز على هذه المنطقة.
كما استقال الأميرال المسؤول عن العمليات في الكاريبي يوم 17 أكتوبر، في خطوة وصفت بـ"الصادمة"، وفقا لتقارير Al Jazeera. ومن المتوقع أن يناقش الكونغرس في جلسة الأسبوع المقبل شرعية هذه العمليات، مع مطالبات بمزيد من الشفافية حول الأدلة الاستخباراتية.
يعد هذا التوسع في المحيط الهادئ خطوة استراتيجية لإدارة ترمب، التي ترى في التهريب تهديدا أمنيا قوميا، لكنه يثير مخاوف من تحول المنطقة إلى ساحة صراع عسكري.
وفي تصريح للـNew York Times يوم 22 أكتوبر، أكد ممثل عن البنتاغون أن "الضربات ستستمر حتى ينتهي الهجوم على شعبنا"، مشيرا إلى أن التركيز الآن يشمل كولومبيا وإكوادور وبيرو كمصادر رئيسية للإنتاج.
ومع استمرار الضغط الدبلوماسي من دول المنطقة، تبقى فعالية هذه الحملة موضع تساؤل، خاصة مع تقديرات تشير إلى أن التهريب البحري يشكل 90% من إجمالي الكوكايين المتجه إلى أسواق العالم.
