الحلي الفضية
الفضة تتجاوز 50 دولارا للأونصة في صعود تاريخي.. هل هي فرصة استثمارية أم فقاعة وشيكة؟
- الفضة تتألق.. تتجاوز حاجز 50 دولارا للأونصة لأول مرة منذ 1980
سجلت أسعار الفضة ارتفاعا تاريخيا خلال التعاملات الأخيرة، حيث تجاوزت حاجز 50 دولارا للأونصة للمرة الأولى منذ عام 1980. ويأتي هذا الصعود اللافت في وقت يشهد فيه العالم تحولات اقتصادية وجيوسياسية عميقة، مما يطرح تساؤلا جوهريا في أوساط المستثمرين: هل هذا الارتفاع مدعوم بأسس اقتصادية قوية أم أنه مجرد فقاعة مضاربة على وشك الانفجار؟
ويعيد هذا الإنجاز إلى الأذهان موجة الصعود الشهيرة في عام 1980، التي ارتبطت بتضخم قياسي واضطرابات عالمية. واليوم، ورغم أن معدلات التضخم قد تكون في مرحلة تبريد نسبي، إلا أن تآكل القوة الشرائية، والعجز الحكومي القياسي، وتصدع الثقة في استقلالية البنوك المركزية، دفعت المستثمرين مجددا نحو الملاذات الآمنة. ففي الشهر الماضي فقط، أدت التدخلات السياسية في سياسات الاحتياطي الفيدرالي إلى قفزة في سعر الذهب فوق 4000 دولار، مما أعطى الفضة زخما للوصول إلى مستويات لم تشهدها الأسواق منذ جيل كامل.
إلا أن ما يميز موجة الصعود الحالية عن سابقتها هو الطلب الصناعي غير المسبوق الذي يدعمها. فالفضة لم تعد مجرد معدن استثماري، بل أصبحت عنصرا لا غنى عنه في الاقتصاد الحديث، حيث يتزايد استخدامها بوتيرة متسارعة في صناعة الألواح الشمسية، ومراكز البيانات التي يعتمد عليها الذكاء الاصطناعي، والمركبات الكهربائية، والبنية التحتية المتقدمة. فعلى سبيل المثال، يتطلب كل ميغاواط جديد من الطاقة الشمسية حوالي 20 كيلوجراما من الفضة، ومع توقع نمو تركيبات الطاقة الشمسية عالميا بنسبة 30% هذا العام، يبدو أن الطلب الصناعي سيظل محركا رئيسيا للأسعار.
وعلى الصعيد الجيوسياسي، يعزز هذا الاتجاه توجه الاقتصادات الناشئة، وعلى رأسها الصين والهند، نحو تنويع احتياطياتها بعيدا عن الدولار الأمريكي وشراء كميات كبيرة من الذهب والفضة.
وفي الوقت نفسه، يعاني جانب العرض من ضغوط كبيرة، حيث لا يزال سوق الفضة المادي ضيقا تاريخيا، مع انخفاض المخزونات وصعوبة زيادة الإنتاج لدى شركات التعدين بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة وتراجع جودة الخام. هذا الخلل بين العرض والطلب يخلق بيئة مثالية لدورة صعودية مستدامة.
لهذه الأسباب، يرى محللون أن الارتفاع الحالي ليس فقاعة مضاربة، بل هو إعادة تقييم حقيقية لقيمة الفضة في ظل ندرة العرض، وتزايد الطلب المزدوج (الصناعي والاستثماري)، وتآكل الثقة بالعملات الورقية. ورغم أن التقلبات السعرية ستستمر، فإن كل تراجع قد يمثل فرصة للمستثمرين الذين ينظرون إلى الأسس الاقتصادية القوية التي تدعم هذا الصعود على المدى الطويل.
