الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي
في خطاب شامل.. الرئيس المصري يعلن عن "فرصة تاريخية" لشرق أوسط مستقر ويرسم ملامح المرحلة المقبلة.. فيديو
في كلمة وصفت بأنها "تاريخية"، وضع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، رؤية شاملة لمستقبل منطقة الشرق الأوسط، معتبرا أن الاتفاق الأخير لوقف إطلاق النار في غزة يمثل "لحظة فارقة وفرصة تاريخية فريدة" يجب استثمارها لإنهاء "صفحة مؤلمة في تاريخ البشرية". وفي خطاب جامع أمام قادة العالم في قمة شرم الشيخ للسلام، لم يكتف السيسي بالترحيب بالاتفاق، بل رسم خريطة طريق واضحة للمرحلة المقبلة، ترتكز على ضرورة تنفيذ الاتفاق للوصول إلى حل الدولتين، وإطلاق عملية إعادة إعمار شاملة لقطاع غزة، داعيا شعوب المنطقة، بما فيها شعب دولة الاحتلال، إلى مد أيديهم لتحقيق سلام حقيقي ودائم.
رؤية مصرية متكاملة للسلام والإعمار
في كلمته، قدم الرئيس السيسي مجموعة من الرسائل والمبادئ المترابطة التي تشكل رؤية متكاملة للمستقبل، أبرزها:
- السلام خيار استراتيجي: شدد السيسي على أن أمن الشعوب لا يمكن أن يتحقق بالقوة العسكرية وحدها، مؤكدا أن "السلام هو خيارنا الاستراتيجي". وأعاد التأكيد على الموقف المصري الثابت بأن "حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق الطموح المشروع للشعب الفلسطيني" في تقرير مصيره ونيل حريته.
- دعوة للشعوب: في لفتة لافتة، تجاوز الخطاب الرسمي التقليدي، مؤكدا أن "السلام لا تبنيه الحكومات وحدها، بل تبنيه الشعوب كذلك"، ووجه دعوة مباشرة إلى شعب دولة الاحتلال "لمد يده لتحقيق السلام"، معتبرا أن السلام هو الخيار المشترك لكافة شعوب المنطقة.
- إعادة إعمار غزة: في خطوة عملية، أعلن الرئيس المصري أن العمل سيبدأ "خلال أيام على وضع الأسس المشتركة لإعادة إعمار قطاع غزة". هذه الخطوة لا تهدف فقط إلى معالجة الدمار الهائل، بل إلى ربط المسار الإنساني بالمسار السياسي، كجزء من بناء الثقة.
- رؤية إقليمية جديدة: تحدث السيسي عن استشراف "مستقبل مشرق لمنطقتنا"، مؤكدا وجود "فرصة تاريخية فريدة للوصول إلى شرق أوسط مستقر". ودعا إلى شرق أوسط خال من أسلحة الدمار الشامل، حيث يسود التكامل بين شعوبه بدلا من الصراع.
اقرأ أيضا: ترمب من شرم الشيخ: وقعنا وثيقة تاريخية.. والحرب في غزة انتهت
سياسيا، يمثل خطاب الرئيس السيسي محاولة جادة لإعادة الزخم للمسار السياسي، وربط الحلول الأمنية والإنسانية العاجلة بأفق سياسي واضح ومحدد، وهو حل الدولتين. إن التركيز على ضرورة تنفيذ اتفاق غزة كبوابة لهذا الحل، يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته لضمان عدم العودة إلى دائرة العنف.
دبلوماسيا، يعزز الخطاب من مكانة مصر كدولة محورية لا غنى عنها لتحقيق الاستقرار في المنطقة، فهي لا تكتفي بدور الوسيط الناجح في وقف الحروب، بل تقدم رؤية استراتيجية للسلام. كما أن دعوته المباشرة لشعب دولة الاحتلال تمثل أداة ضغط ناعمة على القيادة السياسية هناك، وتحاول خلق ديناميكية جديدة تعتمد على المصالح المشتركة للشعوب في العيش بأمان ورخاء.
من وقف إطلاق النار إلى بناء شرق أوسط جديد
في المحصلة، لم يكن خطاب الرئيس السيسي مجرد احتفاء باتفاق تم التوصل إليه، بل كان دعوة للانتقال من مرحلة إدارة الصراع إلى مرحلة إنهائه. لقد وضع الكرة في ملعب كافة الأطراف الإقليمية والدولية للانخراط بجدية في مسار يفضي إلى حل عادل ودائم. ويبقى التحدي الأكبر هو تحويل هذه "الفرصة التاريخية" إلى واقع ملموس، عبر تنفيذ صارم لبنود الاتفاق، وإطلاق عملية سياسية جادة، تضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وتؤسس لشرق أوسط جديد ومستقر كما تطمح إليه شعوب المنطقة.
