آليات عملاقة يستخدمها الباحثون للبحث عن إشارات من كائنات ذكية خارج كوكب الأرض
هل نحن وحدنا في الكون؟ دراسة تقدم رؤية واقعية
- الدراسة ترجح وجود حضارات أخرى في مجرتنا "درب التبانة"، وأقرب جيراننا المحتملين قد يكونون على الجانب الآخر من المجرة، على مسافة هائلة تقدر بـ 33,000 سنة ضوئية
لطالما أثار سؤال "هل توجد حياة في الفضاء غيرنا؟" خيال البشرية وعقول العلماء على حد سواء. الآن، تقدم دراسة علمية حديثة رؤية واقعية ومثيرة للقلق في آن واحد؛ فبينما ترجح وجود حضارات أخرى في مجرتنا "درب التبانة"، إلا أنها تشير إلى أنها نادرة للغاية، وأن أقرب جيراننا المحتملين قد يكونون على الجانب الآخر من المجرة، على مسافة هائلة تقدر بـ 33,000 سنة ضوئية.
البحث عن جيران في الفضاء.. سؤال أزلي وإجابات نادرة
لعقود طويلة، وجه العلماء تلسكوبات عملاقة نحو السماء، أملا في التقاط أي إشارة تدل على وجود كائنات ذكية خارج كوكب الأرض. ورغم اكتشاف كواكب شبيهة بالأرض مثل "Kepler-186f" الذي يقع في المنطقة الصالحة للسكن، إلا أن البحث عن دليل ملموس على وجود حضارة متقدمة لم يثمر حتى الآن. هذا الصمت الكوني دفع الباحثين إلى الانتقال من سؤال "أين هم؟" إلى سؤال "ما هي الشروط التي تجعل وجودهم ممكنا؟".
دراسة نمساوية تقدم رؤية واقعية
في مؤتمر علوم الكواكب الأوروبي، قدم عالما الفلك النمساويان، الدكتور مانويل شيرف والبروفيسور هيلموت لامر، حسابات جديدة ترسم صورة أكثر واقعية. وفقا لنموذجهما، فإن أقرب حضارة لنا لا تقتصر على كونها بعيدة بشكل لا يمكن تصوره فحسب، بل يجب أن تكون قديمة جدا، بعمر يتراوح بين 280,000 ومليون سنة، لتتزامن مع وجود حضارتنا البشرية.
الوصفة الكونية للحياة: شروط معقدة تجعلنا استثناء
يكمن السبب وراء هذه الندرة في مجموعة من العوامل الحاسمة والمعقدة التي يجب أن تتوافر معا لتطور حياة ذكية، وأهمها:
الغلاف الجوي المتوازن: يجب أن يحتوي الكوكب على تركيز دقيق من ثاني أكسيد الكربون. فتركيزه ضروري للحفاظ على الغلاف الجوي من التسرب إلى الفضاء وتمكين النباتات من عملية التمثيل الضوئي، لكن أي زيادة مفرطة ستؤدي إلى احتباس حراري قاتل وسام للكائنات المتطورة.
حركة الصفائح التكتونية: يعتبر النشاط التكتوني للكوكب "محرك الحياة"؛ فالزلازل والبراكين تعيد إطلاق ثاني أكسيد الكربون المحبوس في الصخور إلى الغلاف الجوي، مما يحافظ على استقرار المناخ. وبدون هذه الحركة، التي يتوقع أن تتوقف على الأرض خلال مئات الملايين من السنين، ستحبس الغازات الحيوية وتتوقف الحياة.
الأكسجين والنار: تقدر الدراسة أن نسبة الأكسجين يجب ألا تقل عن 18% في الغلاف الجوي. هذه النسبة ليست ضرورية لنشوء الكائنات المعقدة فحسب، بل هي شرط أساسي لإمكانية إشعال "نار مفتوحة"، والتي لولاها لما تمكن الإنسان من بناء حضارته الحالية.
ندرة الحضارات لا تعني التوقف عن البحث
خلصت الدراسة إلى أنه لكي تتواجد عشر حضارات فقط في مجرتنا بالتزامن معنا، يجب أن يتجاوز متوسط عمر كل حضارة عشرة ملايين سنة، وهو رقم فلكي يجعل عدد جيراننا المحتملين "صغيرا جدا".
لكن، هل يعني ذلك أن نتوقف عن البحث؟ يجيب الدكتور شيرف بالنفي القاطع: "على الرغم من أن الكائنات الفضائية قد تكون نادرة، إلا أن هناك طريقة واحدة فقط لمعرفة ما إذا كانت موجودة، وهي البحث عنها".
