الجرائم الإلكترونية - تعبيرية
تقرير صحفي.. تصاعد الجرائم الإلكترونية في مصر وحملة أمنية تستهدف صناع المحتوى على تيك توك
- تصدرت الأخبار تقارير عن استمرار الحملة الأمنية التي بدأت في أغسطس 2025
تشهد مصر تصاعدا ملحوظا في الجرائم الإلكترونية، حيث أثارت حملة أمنية واسعة النطاق استهدفت صناع محتوى على منصة تيك توك جدلا كبيرا في الأوساط الاجتماعية والإعلامية.
وفقا لتقارير إعلامية ومصادر حقوقية، ألقت السلطات المصرية القبض على العشرات من المراهقين والشباب المؤثرين على تيك توك بتهم تتراوح بين "نشر محتوى غير لائق" و"غسيل الأموال"، في إطار حملة تهدف إلى "تنظيم الفضاء الرقمي" وحماية القيم الاجتماعية.
تفاصيل الحملة الأمنية
تصدرت الأخبار تقارير عن استمرار الحملة الأمنية التي بدأت في أغسطس 2025، حيث أعلنت وزارة الداخلية المصرية عن توقيف العديد من صناع المحتوى الشباب، ومصادرة أجهزتهم الإلكترونية، وفرض حظر سفر وتجميد أصول مالية للمتهمين.
ومن بين الحالات البارزة، القبض على الشابة مريم أيمن، البالغة من العمر 19 عاما، والمعروفة باسم "سوزي الأردنية"، التي تمتلك أكثر من 9.4 مليون متابع.
تواجه سوزي تهما بنشر محتوى "غير لائق" وغسيل أموال بقيمة 15 مليون جنيه مصري (حوالي 470 ألف دولار أمريكي).
وفي فيديو نشرته قبل توقيفها بيوم، أشارت إلى شعورها بالتهديد، نافية أن تكون مقاطعها تهدف إلى الإساءة أو التأثير السلبي على الشباب.
كما ألقي القبض على البودكاستر محمد عبد العاطي بعد ظهوره مع سوزي في مقابلة، مما يشير إلى استهداف السلطات لشبكات المؤثرين الرقميين.
ووفقا لمنظمة "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، تعتمد هذه الحملة على قانون الجرائم الإلكترونية لعام 2018، الذي يتضمن مواد تتيح للسلطات تفسيرا واسعا لما يعتبر "مخالفا للقيم العائلية المصرية".
ردود الفعل والتحليل
أثارت هذه الحملة انتقادات حادة من منظمات حقوقية، التي رأت أنها جزء من جهود الدولة لتقييد حرية التعبير في الفضاء الرقمي، خاصة في ظل سيطرة الدولة على وسائل الإعلام التقليدية. وأوضحت المحامية لبنى درويش، من المبادرة المصرية، أن الملاحقات القضائية تعتمد على مواد قانونية فضفاضة، تتيح توجيه اتهامات مالية بناء على محتوى يعتبر غير لائق، حتى لو كان مقبولا في سياقات إعلامية أخرى.
في المقابل، دافع مسؤولون أمنيون عن الحملة، مشيرين إلى شكاوى تلقتها الوزارة حول محتوى "مسيء" يؤثر على الشباب.
من جهة أخرى، أشار خبراء ماليون مثل تامر عبد العزيز إلى أن السلطات كان يجب أن تركز على الشركات التي تدير التدفقات المالية غير القانونية بدلا من استهداف صغار صناع المحتوى، مؤكدين أن دخل المؤثرين غالبا يأتي من مصادر مشروعة مثل الإعلانات.
ووفقا لتقرير ربع سنوي صادر عن تيك توك، تمت إزالة أكثر من 2.9 مليون مقطع فيديو من مصر خلال الربع الأخير، مما يعكس رقابة صارمة على المحتوى الرقمي.
السياق العام للجرائم في مصر
تأتي هذه الحملة في سياق أوسع يشهد ارتفاعا في الجرائم الإلكترونية، مدفوعة بعوامل اقتصادية مثل البطالة وارتفاع معدلات التضخم.
ووفقا لتقرير "زاوية ثالثة"، فإن الظروف الاقتصادية المتردية، بما في ذلك انخفاض قيمة الجنيه المصري والبطالة التي بلغت 6.9% وفقا لوكالة الإحصاء المصرية (كابماس) في 2023، تساهم في زيادة الجرائم مثل الاحتيال والسرقة.
كما أشار تقرير الجريمة المنظمة العالمية إلى أن مصر تواجه تحديات كبيرة في مكافحة الاتجار بالبشر وتهريب الأسلحة، مما يعقد المشهد الأمني.
تظهر الحملة الأمنية على مؤثري تيك توك في مصر تصاعد التوتر بين حرية التعبير والرقابة الحكومية في ظل اقتصاد متعثر وتحديات اجتماعية متزايدة. ورغم تأكيد السلطات على أهمية حماية القيم الاجتماعية، فإن الانتقادات الحقوقية تشير إلى أن هذه الإجراءات قد تعزز القمع الرقمي وتؤثر على جيل الشباب الذي يعتمد على المنصات الرقمية كمصدر للدخل والتعبير. تظل مصر، بوصفها مركزا رقميا إقليميا، تواجه تحديات معقدة في موازنة الأمن الاجتماعي مع الحقوق الفردية.
