جونينيو
من الذاكرة .. المايسترو الذي حول الركلات الحرة إلى فن
-
الأيقونة التي لا تنسى في ليون
عندما يذكر اسم أندريا بيرلو، تستحضر الأذهان صورة "المهندس" الهادئ الذي يمرر الكرات كأنها رسائل موجهة. وعندما يأتي الحديث عن ديفيد بيكهام، يتبادر إلى الذهن "الرسام" الذي يضع الكرة في الزاوية بكل دقة، ولكن حين يتعلق الأمر بفاسكو دي غاما أو أولمبيك ليون، لا يمكن إلا أن يكون الاسم الأول هو جونينيو بيرنامبوكانو، "المايسترو" الذي لم يكتف بإتقان الركلات الحرة، بل حولها إلى ظاهرة علمية وفنية خاصة به.
لم يكن جونينيو مجرد لاعب في ليون، بل كان القائد والمهندس الذي قاد النادي إلى عصر ذهبي غير مسبوق في تاريخ الكرة الفرنسية. خلال الفترة من 2001 إلى 2009، هيمن ليون على بطولة الدوري الفرنسي، محققا سبعة ألقاب متتالية، وكان جونينيو هو القلب النابض لهذا الإنجاز التاريخي.

كان حضوره في خط الوسط يمنح الفريق توازنا فريدا، وقدرته على توزيع اللعب وتنظيم الهجمات كانت حاسمة.
إلا أن ما جعل جونينيو أيقونة خالدة هو علاقته الخاصة بالكرة عند ركلات الجزاء، والتي تحولت إلى سلاح فتاك يرهب به أقوى حراس المرمى. لقد كانت ركلاته الحرة أكثر من مجرد تسديدة؛ كانت لغزا ينتظر الكشف عنه.
"فن" الركلات الحرة.. اختراع أم موهبة؟
تكمن عبقرية جونينيو في الركلات الحرة في تقنيته الفريدة، التي أصبحت تعرف لاحقا بـ "Knuckleball".
كان اللاعب البرازيلي يسدد الكرة بقوة هائلة وباستخدام مفصل القدم، مما يجعلها تدور بشكل غير متوقع في الهواء، وتتخذ مسارا متعرجا وغريبا، يصعب على الحارس توقع اتجاهها.

لم يكن هذا الفن مجرد حظ، بل كان نتاج عمل دؤوب ودراسة للفيزياء الحركية. كان جونينيو يمتلك القدرة على تسديد الكرة من مسافات بعيدة جدا، من 30 إلى 40 مترا، وكأنها ركلة جزاء؛ فكانت ركلاته تخدع الحراس تارة بارتدادها الغريب، وتارة أخرى بغياب دورانها الذي يجعلها تتأرجح في الهواء.
حتى اليوم، لا تزال لقطات أهدافه الخارقة تعرض وتحلل في برامج التحليل الرياضي، ويظل الكثيرون يتساءلون كيف كان بإمكانه أن يجعل الكرة تتصرف بتلك الطريقة.
جونينيو لم يكن مجرد لاعب كرة قدم عظيم، بل كان أستاذا في تخصصه، وترك لنا دروسا خالدة في كيفية تحويل الموهبة إلى إبداع لا ينسى.
