انزالات جوية أردنية إغاثية للأهل في غزة
طيار متقاعد: الإنزالات الجوية الأردنية في غزة تجمع بين الواجب الإنساني والدقة والكفاءة
- العميد الطيار المتقاعد نواف الخصاونة: عملية الإنزال الجوي لا تشكل خطرا على سكان غزة وخطط مدروسة علميا ومنطقيا قبل انزال المساعدات
في ظل الظروف الإنسانية القاسية التي يعيشها سكان قطاع غزة، يواصل الأردن تنفيذ إنزالات جوية نوعية لإيصال المساعدات الإغاثية العاجلة إلى أهالي القطاع.
هذا الجهد النوعي الأردني، الذي يجمع بين المهنية العالية والدافع الإنساني، قوبل بإشادة واسعة من خبراء عسكريين ونفسيين، مؤكدين أن ما يقوم به الأردن اليوم ليس مجرد دعم إنساني، بل رسالة تضامن وأمل وسط حرب لا ترحم.
وخلال 14 يوما فقط، تم تنفيذ 428 عملية إنزال جوي حملت ما يقارب 300 طن من المساعدات، منها 139 إنزالا نفذها سلاح الجو الملكي الأردني، فيما شاركت دول شقيقة وصديقة بـ289 إنزالا، شكلت شريان حياة للمحاصرين في غزة، دون أن تشكل خطرا على المدنيين، وفق خطط علمية دقيقة.
وأكد العميد الطيار المتقاعد نواف الخصاونة والذي حلق بطائرات سي ون 30 لمدة 20 ألف ساعة والتي تقوم الآن بالإنزالات الجوية على قطاع غزة، إن عملية الإنزال الجوي لا تشكل خطرا على سكان قطاع غزة لأن قائد الطائرة وفريقه الملاحي والمكون من عناصر لسلاح الجو الملكي والقوات الخاصة الملكية يقومون بوضع الخطط المدروسة علميا ومنطقيا قبل أن يتم إنزال المساعدات على أهل القطاع.
وأضاف أن عملية الإنزال قبلها يكون تجهيز المواد الإغاثية داخل الطائرة والتي تحتاج إلى نحو 6 ساعات لتركيبها بدقة على جسم الطائرة لأن أي خلل قد يلحق الضرر بنفس الطائرة، وبعد الإقلاع يبدأ الفريق الملاحي بتجهيز المظلات والتحقق من سلامة طريقها إلى خارج جسم الطائرة، ويتم النزول إلى نحو ألف قدم والنظر باتجاه إحداثيات دقيقة للإنزال ومراقبة سرعة الرياح ثم يمنح قائد الطائرة الإذن بالبدء بتنفيذ عملية الإنزال ومتابعتها عبر النظر حتى وصولها آمنة إلى الأرض وبالقرب من السكان.
ولفت إلى أن من يتحدث عن تهديد هذه الإنزالات للسكان هو يتحدث عن غير علم ولا يعرف كيف يعمل سلاح الجو الملكي الأردني، فالدقة التي يملكها فريق الطيران بالإنزالات الجوية تحمل بعدين رئيسيين، الأول هو القيام بمهمة وواجب إنساني تجاه الأشقاء المدنيين في قطاع غزة، والثاني هو القيام بهذه المهمة وفق أعلى معايير الدقة والكفاءة المهنية التي يمتلكها كافة أفراد القوات المسلحة الأردنية.
وبين أن الإنزالات الجوية التي يقوم بها سلاح الجو الملكي هي من أخطر أنواع الإنزالات الجوية لأنها في منطقة حرب مشتعلة والخطر كبير ولا يمكن أن يقوم بهذا الجهد النوعي سوى الأردن وقواته المسلحة، وأن هذا ناتج عن جهود جلالة الملك عبدالله الثاني والذي يعتبر علامة فارقة في تاريخ الأردن والعالم بسبب مواقفه وإنسانيته التي دائما تكون أول الحاضرين.
وبين أن المخاطرة في عملية الإنزالات الجوية الحالية هي مخاطرة محسوبة بدقة، وقد عجزت دول عديدة عن تنفيذها، وقبل كل إنزال يقوم فريق الملاحة وقائد الطائرة بدراسة المنطقة وسرعة الرياح وتفاصيل الطقس كاملة والارتفاع الذي يستطيع الوصول إليه وبالتالي فإن العملية ليست عشوائية أبدا.
وأكد أن المساعدات تنزل بالمظلات والتي تخفف من سرعة النزول وتحافظ على المساعدات من التلف والخراب وتأخذ من دقيقة إلى دقيقتين حتى تصل إلى الأرض وبالتالي فإن السكان يشاهدونها بوضوح ويتابعون نزولها حتى وصولها إلى الأرض ويستطيعون الابتعاد عن مكان نزولها ولا تأتيهم فجأة، وبالتالي من يتحدث بلغة تهديد هذه الإنزالات للسكان ليس من بين أهدافه إنقاذ المدنيين في مناطق النزوح والمجاعة أبدا.
أستاذة الإرشاد النفسي والتربوي في الجامعة الأردنية الدكتورة علا الحويان، قالت إن من يقلل من أهمية الإنزالات الجوية أو الدور الأردني هو شخص منفصل تماما عن معاناة أهل غزة، فتعاطف الأردن وجهوده التي يقودها جلالة الملك عبد الله الثاني تدخل في أحد
أهم الجوانب النفسية للغزيين في هذه الظروف والتي يصنفها العلم بانها من الضروريات في التعاطف مع الآخرين.
وأضافت أن أهل غزة يعانون من ظروف قاهرة وقاسية جدا بين الحرب والقتل والنزوح وخراب بيوتهم وقلة الطعام واللباس والشراب وبالتالي فإن نزول المساعدات إليهم من الجو ودخولها من البر يعطيهم أملا في الحياة والبقاء والمقاومة ويساعدهم على تخفيف معاناتهم ومعاناة أطفالهم ونسائهم وبالتالي فإن من يتحدثون بغير ذلك هم خارج هذه المعاناة ولا يعيشونها أساسا وهم بالتأكيد يعيشون وأبنائهم ظروفا ممتازة وآمنة ولا يبحثون إلا على التشكيك الذي لا يخدم أهل غزة بالدرجة الأولى.
وبينت أن علم النفس يركز على الاهتمام والتعاطف مع الطرف الآخر لأنه يحسن من صحته النفسيه ومزاجه العام، ولذلك فإن حاجة أهل غزة للمساعدات الإغاثية ونزولها له من الجو او دخولها من البر هي من أشد أنواع التعاطف والشعور مع الآخر وأكبر رسالة
هي تلك التي نشاهدها ردود الفعل عند استقبال المساعدات على الأرض عندها تتأكد أن الأردن كان صائبا في أن يقوم بهذه الإنزالات الجوية صحيح أنها لا تكفي وكلفة نقلها عالية إلا أن الأردن قال جملة مشهورة: لو أن كل الإنزالات الجوية ستطعم طفلا فلسطينيا واحدا وتنقذه من الموت سنواصل إرسالها له.
وبينت أن من يسكنون اليوم في منطقة معزولة عن العالم ويجوع بها الأطفال والنساء عندما تصلهم وجبة طعام ساخنة، أو كيس طحين أو غير ذلك من مواد طبية هي رسالة تقول للغزييين دائما: "الأردن معكم، والإنزالات آمنة وبها كميات تساعدكم على البقاء وسنواصل هذه الإنزالات لكم مهما كلف الأمر، ولن تؤثر كل الألسن المسمومة والتي تشكك في كل شيء وتحاول أن تغلب مصالحها على مصلحة الإنسان في غزة".
ولفتت إلى أن المساعدات تساعد في رفع معنوياتهم ويجعل لديهم أمل بعيدا عن الاضطراب النفسي خصوصا إذا وجد دولة مثل الأردن تقف معه ولا تتركه ومن المهم جدا أن يواصل الأردن تقديم المساعدات وبكافة أشكالها لأهل غزة وأن لا يلتفت إلى كل من يحاولون من النيل من هذه الجهود، ويكفي أن يفرح طفل بوجبة وكاسة عصير تديم حياته إلى وقت الإنزال التالي ومساعدة جديدة.
ولفتت إلى أنها وكمدرسة لعلم النفس فقد حللت عددا من المقاطع المصورة التي نشرها أهل غزة بعد أن حصلوا على المساعدات الإغاثية التي نزلت بالمظلات الأردنية وتبين لها أنهم بأمس الحاجة لهذه المساعدات ويريدون أن يقولوا لكل الأصوات المعارضة لها:
اصمتوا فهذه المساعدات هي طريق النجاة الأردنية التي وصلتنا رغم كل الحصار والتجويع المستمر لمليوني فلسطيني.
وبينت أن الأردن أرسل عبر الإنزالات الجوية مادة التمر الأردني وهذا ما عبر عنه غزيون في أحد المقاطع المصورة وهم فرحون بوجود هذه المادة التي تشكل قيمة غذائية كبيرة ولا تكاد تختفي من على الموائد، وهذه إشارة إلى أن اعداد المساعدات في الأردن لا
يكون عشوائيا بل هو مدروس ويعلم باحتياجات أهل غزة في مثل هذه الظروف القاسية جدا.
وأكدت أن أهل غزة يعيشون ظروفا قاسية واستثنائية جدا وهم في مأساة إنسانية لا مثيل لها وقد أثرت على الجميع وتأثر الأردن والأردنيون بها، والأثر النفسي على أبناء القطاع لا يقل عن غيره من أثر وبالتالي فإن الشكر لكل من فكر وقام بالإنزالات الجوية،
وعلى رأسهم صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني والقوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي ونشامى سلاح الجو الملكي الذين يقومون بهذا الجهد النوعي الكبير.
(بترا)
