تكرير النفط
أسعار النفط ما بعد التصعيد بين إيران والاحتلال ومفاجآت الأسواق: مكاسب مؤقتة وانخفاضات حادة
- أكبر تراجع: -7.2% خلال ساعات بعد قصف قاعدة العديد
خلال الأسبوعين الماضيين، ومع تصاعد المواجهة العسكرية بين إيران والاحتلال الإسرائيلي، توجهت الأنظار إلى أسواق النفط العالمية، في ظل مخاوف من أن تؤدي الحرب إلى تعطيل إمدادات الطاقة في المنطقة، وخاصة في ظل التهديدات المحتملة بإغلاق مضيق هرمز، الذي يمر عبره نحو خمس استهلاك العالم من النفط.
في بداية الحرب، يوم الجمعة 13 يونيو، قفزت أسعار النفط بنحو 5 دولارات للبرميل، لتتجاوز عقود خام برنت حاجز 70 دولارا، وسط حالة من الذعر والترقب في الأسواق. ومع استمرار العمليات العسكرية، بدا أن التصعيد لن يتخطى "قواعد اللعبة" الجيوسياسية التقليدية، مما خفف من وتيرة القفزات السعرية.
وقال رون بوسو، كاتب شؤون الطاقة في رويترز، إن رد فعل السوق كان "ذو مغزى لكنه متواضع نسبيا"، بالنظر إلى حجم المخاطر التي حملها الصراع بين قوتين كبيرتين في الشرق الأوسط.
التحذيرات لم تتحقق
توقعت مؤسسات مالية عالمية ارتفاعات كبيرة في أسعار النفط في حال تطور الصراع، حيث قدر بنك باركليز سعر خام برنت عند 85 دولارا إذا انخفضت صادرات إيران النفطية إلى النصف، وأكثر من 100 دولار في حال توسع الحرب. كما حذر غولدمان ساكس من وصول الأسعار إلى 110 دولارات إذا تأثرت إمدادات مضيق هرمز بشكل حاد.
ورغم ذلك، لم تلجأ إيران إلى خيار إغلاق المضيق إلا في الأيام الأخيرة من الحرب، ولم تفعل التهديد فعليا، ما خفف الضغوط على الأسعار.
ذروة المفاجأة
الحدث المفصلي كان يوم الاثنين 24 يونيو، عندما استهدفت إيران قاعدة "العديد" الأمريكية في قطر بصواريخ، في اليوم الـ12 من الحرب. وبرغم التصعيد، سجلت الأسواق رد فعل معاكسا تماما للتوقعات:
خلال 7 دقائق من إطلاق الصواريخ، بدأ سعر خام برنت في الهبوط.
خلال 20 دقيقة، تسارعت الخسائر إلى 3%.
وبعد ساعتين، فقد الخام 7.2% من قيمته ليهبط إلى 71.48 دولار، وهو أكبر انخفاض يومي منذ ما يقارب ثلاث سنوات.
كما هبط الخام الأميركي إلى 68.51 دولار بخسارة بلغت 7.22%.
وقال محللون إن التجار اعتمدوا بشكل كبير على معلومات استخباراتية مفتوحة المصدر وصور أقمار صناعية ومنشورات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي أكدت أن القاعدة كانت مفرغة من الطائرات مسبقا، وأن الهجوم الإيراني كان رمزيا وغير تصعيدي.
وصرح محلل النفط في مجموعة Onyx Capital، خورخي مونتيبيك، قائلا: "كان الأمر كله مدبرا... القاعدة كانت فارغة مسبقا، وقد رأينا هذا السيناريو من قبل".
وقف إطلاق النار
بعد يوم من هذا الهجوم، تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إيران والاحتلال الإسرائيلي برعاية أمريكية. وقال الرئيس ترمب بعد إعلان الهدنة: "حان وقت السلام"، وهو ما ساعد على تهدئة السوق بشكل أكبر.
في تعاملات الثلاثاء، انخفضت أسعار النفط بنحو 6% إضافية، لتعود إلى مستويات ما قبل اندلاع الحرب، في تراجع كبير لم تشهده السوق منذ سنوات.
مع نهاية الأسبوع، سجل الخامان القياسيان خسائر أسبوعية بنسبة تقارب 12%، لتغلق عقود برنت عند 67.77 دولار، والخام الأميركي عند 65.52 دولار، مع تحول تركيز المستثمرين من الحرب إلى أساسيات السوق، خاصة بعد بيانات أظهرت انخفاضا في مخزونات النفط والوقود الأمريكية.
ما وراء السلوك المفاجئ للسوق؟
قالت مؤسسة Energy Aspects، إن التجار أصبحوا أكثر حذرا بشأن مبالغات تأثير الأحداث الجيوسياسية. وأضافت: "كانت التوقعات تشير إلى استهداف المضيق، ولكن ما إن تأكد العكس، تراجعت علاوة المخاطر سريعا".
كما أشار محللون إلى أن تصريحات ترمب، التي كتب فيها على منصته "تروث سوشال": "ابقوا جميعا أسعار النفط منخفضة. لا تخدموا مصالح العدو. لا تفعلوا ذلك!"، ربما لعبت دورا في تقليص الرهانات على ارتفاع الأسعار.
أوضح رون بوسو في تحليله لـ"رويترز" أن ردة فعل سوق النفط للاضطرابات الكبرى في الشرق الأوسط أصبحت أقل حدة من السابق، مقارنا ما حدث مؤخرا بحرب أكتوبر 1973، أو غزو العراق للكويت في 1990، حين كانت الأسعار تقفز بوتيرة
