رئيس الكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار
السنوار.. شهادة لم تعد مجرد عمل بطولي عابر أفلهذا وصفتموه "بالإرهابي"!
- السنوار.. وقف شهيدا كآخر معقل للعزة
بأجسادهم الممزقة وأرواحهم الصامدة، خلقوا معنى جديدًا للفناء… في عالم ينهار من حولهم .. اختاروا أن يزرعوا الموت ليُحيوا أرضًا تباد .
في زمن تهاوى فيه العالم تحت وطأة الضعف والخذلان .. في لحظة عمّ فيها الصمت.
وقف شهيدا كآخر معقل للعزة.. مشعلا بعصاه نورا في ليلٍ لا أمل في فجره.
شهادة يحيى السنوار ليست مجرد فعل مادي تختزل بلحظة "ارتقاء " بل انصهار بين الجسد والتاريخ.. فكرة فلسفية تتجاوز الفردية.. تحول إلى أسطورة.. وهنا لا انتهاء عند حدود القدرات الجسدية.
تصور ذلك الشهيد الذي قطعت يده فأمسك عصاه باليد الأخرى .. لم يكن انتصارًا جسديًا بل انتصارًا على الهشاشة البشرية ذاتها… لم يتوقف عن القتال.. يقاتل بنظراته.. بروحه التي رفضت أن تخضع للموت… تحولت يده المقطوعة إلى مشهد درامي يحمله نحو الأبدية.
في تلك اللحظة.. لم يكن هو ذلك الإنسان المحدود الذي ينهار أمام الألم.. بل رمزا للتمرد على الطبيعة نفسها.. لم يكن موتًا.. بل تحررًا من قيود الفناء حيث الروح تتجاوز كل ضعف بشري.
وُلد في زمن لم يكن مواتيا للبطولة.. فصنع من ضعف العالم مشهدًا يتجاوز التراجيديا اليونانية في عنفوانها… أعاد إلى الأذهان أبطال الأساطير.. واجه الأقدار المستحيلة.. ليكون لأرضه وجود في عالم اعمى واصم.
يعرف كما كان يعرف سقراط حين واجه كأس السم.. أن الموت ليس عدوًا.. بل ممر إلى عالم الحقيقة قاتل بفلسفة جعلتنا نعي أن الوجود ليس مجرد استمرار للجسد.. بل تحول مستمر نحو الكمال.. نحو الفكرة الأسمى التي لا تقبل التراجع… نحو الانتصار.
ليس فعلا " استشهاده" ليُسجَّل في صفحات التاريخ.. بل لحظة انبعاث تحدى فيها ذاته ليصبح أكثر من ذاته… تجاوز هذا العالم الفاني فصار فكرة مطلقة في كتب الفلاسفة.
معركته ليست ضد العدو الذي وقف أمامه .. بل ضد الهشاشة البشرية، ضد الخوف، ضد الضعف … فارتقى فوق المادة .. فوق الألم، .. فكتب تاريخًا لا يُمحى.
في فلسفة هيراقليطس.. قالوا إن "الحرب أصل كل الأشياء"... وفي لحظاته الأخيرة تحدى ذلك المفهوم .. فحربه ليست ميدانًا للصراع المادي .. بل صراع أبدي داخل النفس الغزية .. صراع بما هو أعظم من السلاح .. صراع بزرع الفكرة بالروح التي ترفض أن تُستعبد.
قالوا في فضاءات تلفزيونية مشكوك بفاعلها ومفعولها .. انه عام سقوط الإرهابيين.. ونسوا أن أولئك الذين يسقطون على أرض المعركة يتركون وراءهم صورة تتجاوز شاشة الحاضر لتصبح درسًا للمستقبل .
الشهداء أولئك الذين يثبتون للعالم أن العظمة ليست في الانتصار على العدو .. بل في الانتصار على الذات .. على الخونة من أشقاء الذات… حتى وإن قال أحدهم أن المعركة خاسرة من منظور الزمن.
كتب الفيلسوف كامو أن "الإنسان المتمرد" يقف في وجه العبثية .. كذلك كان .. وقف في وجه الفناء .. وقال: "أنا موجود، وأنا أحارب". .. لم تكن حياته مجرد رحلة تنتهي بالموت.. بل صرخة في وجه الكون تقول إن الوجود الحقيقي لغزة يبدأ حينما نواجه دون خوف.
شهادة لم تعد مجرد عمل بطولي عابر.. بل حركة فلسفية في أعماق الوجود .. تحدٍّ لكل ما هو فانٍ… وصعود إلى ما هو أبدي وخالد.. يقول نيتشه: "ما لا يقتلني يجعلني أقوى" و حين قتل ترممت صورة مكسرة .. أصبح قوة في ذاكرة الأرض .
رجلٌ واحد … في بيت مهدم يواجه العدم بكل شجاعة .. ليس لأن لديه القوة أو السلاح بل لان لديه الإرادة المطلقة… تلك التي تعيد إلى الأذهان أفكار سارتر عن الحرية الفردية .. حيث الإنسان يُخلق ويُعاد خلقه في كل لحظة .. ليس بما يملك من وسائل .. بل بما يختار أن يكونه.
وهنا تشكيل لمعنى جديد ان الشهادة " فلسفة صمود " أمام " خذلان مطلق " و صراخ في وجه القدر: "لن تنال مني!" .