د فعل الأطفال بعد قصف الاحتلال أثناء لجوئهم إلى مدرسة الجاعوني التي تديرها (الأونروا)
أطفال غزة يحفظون أرضهم عن ظهر قلب.. وينحرون الخوف من عنقه رغم الألم
مضى أكثر من 275 يوما منذ أن بدأ عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.
العدوان الذي بدأ باللهب والنيران واستمر بصواريخ تسقط على رؤوس الأبرياء الراكضين بحثا عن الأمان في أرض باتت مليئة بالموت والخوف والنزوح.
الجيش الإسرائيلي المجرم لم يترك شبرا في غزة إلا وأذاقه طعم البارود اللاذع، ولم يترك طفلا إلا وسعى لعقابه، ولم يترك بشرا أو حجرا إلا وحاول تدميره.
رعب الأطفال
الهجوم الإرهابي لجيش الاحتلال والذي يفتقر إلى التقيد بأبسط القوانين الدولية سعى من بداية عدوانه إلى ارعاب الأطفال وضربهم في نفسياتهم.
ولعل صورة الأم المكلومة وطفلاها الباكيان تمثل المشهد الأبرز للحال الذي وصل إليه أهالي قطاع غزة في ظل التواطئ العالمي.
تلك الأم بكت ليس لضعفها، إنما لأنها فقدت الأمل من كل شيئ، وهؤلاء الأطفال بكوا من هول مشهد لا يعرفه أي أحد منّا، فمن يا ترى سيسمع أنين غزة، وصرخات أبنائها بعد كل ما جرى...
أطفال غزة يحفظون أرضهم عن ظهر قلب
لكن لتعلموا، هؤلاء، لم تظفر بهم يد العدو، رغم كل ذلك الألم، هناك، في غزة، يجاهد البشر ليظلوا أحياء، يقاومون، يبكون، وينفضون عن أكتافهم جل التعب، ويسيرون مجددا نحو الأمل.
بكى الأطفال من رحم الظمأ، ذرفوا الدمع حينما اشتد عليهم الخوف والكدر، بعد 275 يوما من عدوان الاحتلال الإجرامي على القطاع ذاقوا وآلالاف من أقرانهم ألم الفقد.
هناك، حيث القطاع الصغير الصامد، تجاعيد الشجر تروى، عيون الورق تخزن صورة ماض سحيق للأرض العصية على الغزاة، رمال بحر القطاع تخوض رحلة الشتاء والصيف من بحر إلى بحر، دون أن تهجر البلاد أبدا، أما نجوم سماء غزة فقد خلقها الله لترشد المقاومين على مكان العدو في عتمة الليل الحالك.
إن الطفل الغزي يتمسك بثدي الأرض؛ عله يظفر بقطرة، ويسير نحو الثأر والأمل؛ عله يرتوي في تضاريس الأرض السمان، ومن ثم سينحر هؤلاء الأطفال الخوف من عنقه، وسيصنعون المجد والتحرير، فهم يحفظون أرضهم عن ظهر قلب، ويملكون اجازة متقنة في ترتيل مشاعرهم نحوها بالقتال والمقاومة.
طفلنا الصغير يظهر وهو يذرف دموعه على فراق والده الذي ارتقى شهيدا بغارة لطيران الاحتلال، طفلنا توضأ اليوم بالدموع، من أجل صلاة مقاومة المحتل الغاصب لنيل الثأر، ثأر كل الذين ارتقوا شهداء طوال 76 عاما ونيف.
حينما ولد أهل غزة على أرض قطاعهم العظيم، قدت قلوبهم من قُبُل، فأدينوا بهذا الانتماء وتآمر عليهم العالم، إلا أنهم بصبرهم هذا أدركوا ما يدركه الصائم، دون حرمان، وأشرفوا على ما يشرف عليه المتصوف، دون ذكر واعتكاف.
ونهاية، يا ناس، الجوعى يغضبون، لكن الغاضبون لا يجوعون، الفقراء يحلمون، لكن الحالمون لا يفقرون، والمقاتلون يثورون، لكن الثوار لا يقتلون ولا يهزمون، وأهل غزة غاضبون وحالمون وثوار.