مهرجان جرش "أرشيفية"
بيان لنقابة الفنانين الأردنيين بشأن مهرجان جرش
- نقابة الفنانين الأردنيين: من المهم أن يستمر مهرجان جرش
أصدرت نقابة الفنانين الأردنيين بيانا، بشأن مهرجان جرش للثقافة والفنون، أكدت فيه أنها تؤيد إقامة المهرجان هذا العام وأن يكون بصبغة وطنية وعروبية.
وقالت النقابة في بيانها، إنه من المهم أن يستمر مهرجان جرش، مؤكدة أنه من المهم كذلك أن يكون بصبغة وطنية عروبية، تعكس المشروع النهضوي، والقيم الأردنية الأصيلة.
وتابعت النقابة: "يجب أن تكون هناك أغنية أردنية، قصيدة ومسرح وأفلام جادة الطروحات، معرض تشكيلي وفعاليات تعكس جراح غزة؛ تقوي فينا الإرادة والصمود، فرق عربية ملتزمة في المحتوى والأداء؛ من المهم أن يرقى الفن ليقف كتفا بكتف إلى جوار فلسطين وشعبها، إلى جوار إخوتنا، إلى جوارنا نحن، كي يظل صوت الأردن عاليا، قويا، يمد فلسطين وشعبها ثباتا وتمسكا بالحياة".
تاليا النص الكامل بيان نقابة الفنانين الأردنيين
كان للبشر كلام نقشوه على جدران الكهوف، فيه مقاومة للطبيعة الضروس وأمل بغد جديد؛ وقبل أن تتمكن الجدران من الاستماع، كان للبشر آذان. وعليه؛ إن الاعتراض على إقامة مهرجان جرش وصل بقوة الصوت، وصل حتى استلزم الاعتراض المشروع، ردا مشروعا كذلك؛ إيمانا بتاريخ هذا المهرجان العريق الذي نقش هيبته ووجوده الفاعل في خارطة المهرجانات العربية والعالمية.
ومنذ أن نفى أفلاطون الشعراء عن مدينته، ظل الفن متهما بوقوفه على الجانب الآخر من الحياة، بل معاديا للحياة ونقيضا لها، إلى أن استقرت في الأذهان مقولات باتت راسخة: لا صوت يعلو فوق صوت البندقية… "الرصاصة ما تزال في جيبي"...، ما عساها تفعل الوردة أمام جرح مفتوح؟ لقد وصل بنا الحال إلى التقليل من كل أشكال الحياة، فزع في دواخلنا يطير غربانه، والموت يتسرب في النسغ من الروح، شبحي مؤلم في عروقنا، في عروق غزة المفتوحة جرحا أبديا.
لا أحد يقلل من حجم الفاجعة، فأصوات الآباء والأمهات المكلومين أبلغ من كل القصائد والأغاني، ومن اللغة التي تتلعثم حروفها وتضيق دوائر تعبيرها، أشكال الحجارة المهدمة تصرخ حيوات كانت تضج في داخل "غزة" أملا ورغبة وطموحات؛ حيوات تأخذ من زرقة البحر مدياتها. ولعل الوقت قد حان، أمام المأساة المستمرة أمام ناظرينا، أن نواجه أنفسنا بأسئلة حدنا عنها منذ السابع من أكتوبر: أعلينا أن نقف مع الحياة أم الموت؟ وما الذي تعنيه الحياة- أساسا- في ظل كل هذه القسوة والفناء؟
في حياتنا كلها، لم نعرف ثقافة الموت يوما، بل كنا على طول الدرب أنصارا للحياة، منذ حديث الرسول: "إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها"، وحتى اللحظة هذه، نرى مظاهر الفرح المسروق من الموت تنتشر في غزة. لا خلاف جوهريا في نظرنا إلا في التفسير، ذاك المبني على مقدمات تقول: إن الفن ينتمي إلى عالم "إضاعة الوقت"، إلى المتعة المنفصلة عن الواقع، التي تتجاهل الدماء وتجعل المرء يلتفت إلى نفسه مزهوا، ونراها النقيض التام لذلك.
وإذا ما تجاوزنا التفسير المباشر للحياة، بوصف الفن وسيلة لكسب الرزق والمعيش، إذ لا داعي لهذه الظروف الصعبة التي تعيشها النقابة والمنتسبون لها، أولئك الذين لا يملكون عملا إلا الفن، الذين يمثل لهم "مهرجان جرش" الوسيلة السنوية ليكملوا درب الحياة المشبع بالآلام، فالأغنية طالما كانت شريكة الساسة والمقاومين في وجه المستعمرين، بندقيتنا في وجه القبح والألم اللذين ظللا حياتنا حتى لم نجد من بد إلا أن نشكك فيها، عوضا عن مد السبابة في وجه الجاني، والتحديق طويلا في وجه الوحش.
وعليه نقول: من المهم أن يستمر مهرجان جرش، مهرجان الوطن، بل من المهم كذلك أن يكون بصبغة وطنية عروبية؛ تعكس مشروعنا النهضوي، وقيمنا الأصيلة، ووقوفنا إلى جانب أشقائنا الفلسطينيين في معاناتهم، أن تكون هناك أغنية أردنية، قصيدة ومسرح وأفلام جادة الطروحات، معرض تشكيلي وفعاليات تعكس جراح غزة؛ تقوي فينا الإرادة والصمود، فرق عربية ملتزمة في المحتوى والأداء؛ من المهم أن يرقى الفن ليقف كتفا بكتف إلى جوار فلسطين وشعبها، إلى جوار إخوتنا، إلى جوارنا نحن، كي يظل صوت الأردن عاليا، قويا، يمد فلسطين وشعبها ثباتا وتمسكا بالحياة.
وعلينا أن نختار: هل نكون ضحية مثالية، مستكينة، تجلس وتضع يدا على خد، أو أن يكون صوتنا عاليا، محبا، يجذب الحياة من تلابيبها، نقف مع الخيار الثاني كل مرة، فبالأغنية وحدها تمكنا من القول "شدينا عالقوم الظمر يوم الغارة ما نتعثر، والقوم اللي شتتناهم صحنا عليهم الله أكبر".
اليوم؛ وفي هذه الظروف المتشابكة، لا تملك نقابة الفنانين الأردنيين طبيبا لترسله إلى غزة فيعالج شعبها، ولا تملك محاميا يقف دفاعا عن الفرد أمام العدوان، لكنها تملك فنانا، بوسعه أن يقف على المنصة، وبصوته، بآلته، يقف إلى جانب القضية وفي صلبها، في صف العدالة والحقيقة، آخر معاقلنا أمام التوحش، تملك فنانا يقاوم بأدواته، بثقافته ونظرته للحياة والأمل.
