قصف على جنوب لبنان
الجبهة نحو مزيد من التصعيد ولبنان أمام أشهر صعبة | تقرير
- أكبر عملية اغتيال لعناصر في حزب الله تشعل الجنوب اللبناني
- مسيرات ودراجات صبغت مناوشات الأحد الدامي
استمر الوضع في جنوب لبنان لاهباً وسط تحديثِ الاحتلال الإسرائيلي آليات استهدافه لِحزب الله وعناصره، ومضي الأخير في الرد بسلسلة عمليات نوعية على مواقع وتجمعات لجنود الاحتلال. وغداة يوم كان الأكثر عنفاً ودمويةً خصوصا على مستوى اغتيالات عناصر الحزب جواً، تبقى "جبهة المشاغلة" في الجنوب اللبناني مستعرة ومرشحة لمزيد من التصعيد بعد ثمانية أشهر من الاشتباكات شبه اليومية.
"يوم الدراجات الطويل"؛ عبارة تلخص يوم الأحد الدامي الذي أمضاه الجنوبيون تحت وطأة سُعار إسرائيلي اتسم بتصيد مقاتلي "حزب الله" بالمسيرات لإيقاع أكبر عدد من الضحايا بينهم. أحد أشد أيام المواجهات المستمرة منذ ثمانية أشهر بحيث بلغت الحصيلة الدامية رقماً قياسياً منذ الثامن من تشرين الأول الماضي وهو ثمانية عناصر من "حزب الله" استهدفت تل أبيب معظمهم بمسيرات في الناقورة وعيتا الشعب وحولا وغيرها.
وفي حين اشتملت خسائر الحزب أيضاً على استشهاد عنصرين في بلدة يارون بغارة، توحشت إسرائيل في قصف قرى جنوبية أخرى بينها عيترون، التي استُهدفت بقذائف فوسفورية ما تسبب باندلاع حرائق واسعة، وكذلك العديسة وكفركلا والخيام.
تصعيد انبرى بعده حزب الله إلى الردود العنيفة والمركزة مستهدفاً مستوطنات جديدة لم يكن قصفها سابقاً مثل مقر قيادة كتيبة ثكنة حبوشيت. ناهيك عن توجيهه رشقات صاروخية كثيفة نحو مناطق مختلفة من الجليل.
وعليه يبدو أن الجبهة الجنوبية متجهة نحو مزيد من التصعيد. وهذا يتماشى مع التهديدات التي أطلقها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو متوعداً بمفاجآت "مهمة" مع لبنان، وفق تعبيره. في المقابل، حرص الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله على توهين وإحباط أي أوهام يمكن أن تراود العدو بأنه قد يفاجئ حزب الله. إذ أكد في خطابه الأخير أن: "خداعكم لا ينطلي علينا" وأن حزب الله "درس كل السيناريوهات التي يمكن أن ينتهجها العدو"، في إشارة إلى أنه استعد لكل منها وبما يتلاءم مع طبيعتها ودرجة خطورتها.
تقول مصادر متابعة لرؤيا إن " الحزب يرى في مناوشات الجنوب قوة ردع للاحتلال عن شن معركة ضد لبنان. وهو يصعد من عملياته من أجل أن يحفظ معادلة الردع"، حتى "لا يتوهم العدو، ولو لبُرهة، أنه بات قادراً ومهيأ من أجل الانقضاض على لبنان وتحقيق أوهامه فيه"، يشرح أحد المصادر.
وهنا يُسرُ مراقبون لرؤيا إلى " احتمال أن يكون حزيران وتموز صعبين جداً في لبنان، لأن هذه الفترة قد تشهد انتهاء معركة"، وبالتالي قد تتفرغ تل أبيب لأي عملية واسعة محتملة في بلد، تتسابق فيه طبول الحرب مع الجهود الدبلوماسية، التي عجزت حتى الآن عن تهدئة الوضع جنوبا أو حل الاستعصاء السياسي ولجم الانهيار الاقتصادي.
ويشير مصدر لرؤيا إلى أن "المساعي الدولية نجحت حتى الساعة في منع توسيع رقعة الحرب إلى اشتباك شامل بين الطرفين، لكنها ليست مضمونة النهايات". ويستطرد: " في حال أراد "حزب الله" تجنب سيناريو مُشابه لغزة، فقد يتجه إلى تسويات معينة مرتبطة بوجوده عند الحدود الجنوبية" والتي تصر تل أبيب أن تكون على مسافة عشرة كيلومترات جنوب الليطاني "ومرتبطة بالسياسة الداخلية اللبنانية وحتى بسياسات إيران". وقد يحقق بعض المكاسب في هذا السياق ويتفادى حرباً مدمرة، لكن هذه التسويات لن تنضج إلا على نار حامية.
وفيما يبقى التصعيد سيد الجبهة، من الواضح أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يُجري كافة الاستعدادات اللازمة لحرب واسعة وشاملة محتملة مع "حزب الله" على جبهته الشمالية، ويُجري تدريبات مكثفة ومناورات تُحاكي طبيعة المعركة التي تختلف عن طبيعة معارك "حماس" في غزة، في حين أن "حزب الله" يُعد العدة لهذه الحرب ويهدد باستخدام أسلحة جديدة غير مستخدمة بعد في الصراع.
وفي الإطار، فإن قوات من الفرقة 146 واللواء المدرع 205 الاحتياطي الإسرائيلية نفذت تدريبات تحاكي حرباً في لبنان، وتضمنت التدريبات العسكرية محاكاة القتال في الشمال، والانتشار السريع للقوات في المنطقة، واستعداد القوات للهجوم.
وبالتوازي، نفذت القوات تمريناً تعرفت فيه على نماذج عملياتية نهارية وليلية تحاكي الحرب في عمق الأراضي اللبنانية.
وذكر جيش الاحتلال أيضاً أن القوات مارست القتال في منطقة مصممة تُحاكي الأراضي الجبلية، بالإضافة إلى مناطق أخرى.
على الجبهة المقابلة، "حزب الله" أيضاً يتحضر للتصعيد على الجبهة، ونقلت مصادر مقربة من الحزب قوله إن "ممثلي مختلف فصائل محور المقاومة الذين حضروا اجتماعاً عقد الأسبوع الماضي في طهران، ناقشوا السيناريوات المحتملة على جبهة الجنوب", مضيفة أن " إيران أوضحت أنها ستقدم الدعم الكامل لحلفائها في المنطقة، الذين يستعدون الآن لمزيد من التصعيد إذا فشلت محادثات صفقة الرهائن في قطاع غزة".
إذا نار الحرب تستعر وحرب المشاغلة على جبهة الجنوب خرجت من كل قواعد الاشتباك المستجدة بين إسرائيل وحزب الله. ويبقى التفاوض بالنار هو السيناريو الأكثر ترجيحاً بانتظار جلاء الصورة في غزة.