فلسطينيون ينقذون الخبز الذي تم العثور عليه وسط أنقاض منزل دمر في غارة جوية إسرائيلية في رفح
في غزة.. يحرر الناس خبزا ملطخا بالدماء من تحت الركام
- في غزة.. تهبط المدافع على صدور الآباء المنهكين ولا تخطئ الرصاصة أبدا قلوب الأطفال الهاربين
في دول العالم لا يرفع المدنيين الأنقاض، إلا للبناء فوق الردم، وبعد نحو 150 يوما من عدوان الاحتلال الإسرائيلي الإرهابي على قطاع غزة، رفع الفلسطينيون الأنقاض جبلا وراء جبل وكسروا الحجارة، صخرة تليها صخرة؛ علهم يصلون إلى ناجٍ تماسكت انفاسه بالأرض، أو في محاولة بائسة منهم لتحرير جثة هامدة، صعدت روحها إلى السماء العلياء، بصواريخ المجرمين.
في غزة وحدها، يحفر الفلسطيني بأظافره وأسنانه الحجر؛ وهذه المرة ليس بحثا عن جرحى وشهداء أسفل ركام المباني المهدمة، بل في محاولة أقرب إلى العجب؛ حيث يحفر الرجال وأبناؤهم، وتناظر النساء من بعيد مشهد الألم والحسرة وهم يحاولون إنقاذ رغيف الخبز.
نعم يحرر الغزيون رغيف الخبز من حجارة المباني، رغيف خبز مغمس بدماء الأبرياء الذين قتلهم الاحتلال عامدا متعمدا في محاولة منه لتفريغ المكان من أهله، وتدمير كل البنى التحتية في القطاع الذي حوصر 17 عاما ونهاية نفض الاحتلال عن أكتافه، ولقن رجاله العدو درسا قاسيا في السابع من أكتوبر الماضي.
حينما تتمعن صور غزة المخلوقة من رحم الألم تظلم الدنيا أمامك على غير العادة؛ تارة تقف في خيالك الواهم على الأنقاض، وذات خدعة تشاهد الكتب، أقلام الصغار، وبقايا أغصان أشجار الكبار، تتملس في يديك بقايا بلاط الغرفة المهترء، علبة الرضيعة، وشظايا الصاروخ الذي سلب روحا، وقتل قلوبا شتى.
في غزة الصامدة، تسقط الصواريخ من السماء على رؤوس المكلومين، وتهبط المدافع على صدور الآباء المنهكين، ولا تخطئ الرصاصة أبدا؛ قلوب الأطفال الهاربين من المقاصة الإسرائيلية.
وفي حال أكمل السائر خطواته في أرض غزة سيشاهد بوضوح بقايا التغطية الصحفية وآثار عين الحقيقة التي فقئت برصاصة صهيونية، سيبكي خلال رحلته على موت رضيعة ثانية، وعلى الرصيف سيقيم الصلوات مع أطياف شهداء غادروا الأرض، وسيسترق المشهد من أعلى تلة صخرية؛ ليعرف في أرض يجاهد الفلسطينيون.