"طوفان الأقصى" ترسي قواعد أساسية لإنشاء المشروع الفلسطيني | تحليل

فلسطين
نشر: 2024-02-21 15:18 آخر تحديث: 2024-02-21 15:19
تحرير: عدي صافي
دبابة تابعة للاحتلال قرب الجدار الفاصل مع قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر
دبابة تابعة للاحتلال قرب الجدار الفاصل مع قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر
  • الأمل المفقود.. حلّ الدولتين.. والتوحد سبيل الفلسطينيين للمقاومة

 خلقت معركة طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول الماضي لحظة فارقة في تاريخ القضية الفلسطينية، ومهدت ليقرر الشعب الفلسطيني مصيره وشكل السلطة التي ستحكمه، إضافة إلى إرسائها لقواعد أساسية لإنشاء المشروع الفلسطيني الهادف لنيل الحقوق العادلة للفلسطينيين. 

وعلى ضوء المعركة، لم توفر القوى الغربية فرصة الحديث عن حكم غزة ما بعد حماس، فيما عاد الحديث بقوة عن أهمية تحقيق مصالحة فلسطينية بين كافة الفصائل تمهد لإختيار قيادة وطنية موحدة تواجه الاحتلال الإسرائيلي. 

الفلسطينيون بحاجة إلى انتخابات نزيهة 

ومع استمرار العدوان لليوم الـ138 بات الهدف الأساسي حاليا يتمثل بوقف العدوان؛ لأن هناك اتجاهات فاشية إجرامية تسيطر على الحكم في "إسرائيل" وتتمتع بتأييد عالمي من قبل الإسرائيليين، وقد بدا جليا التحول نحو العنصرية والتطرف الديني في المجتمع الإسرائيلي بشكل غير مسبوق خلال الفترة الماضية.

ومع استمرار العدوان يستمر الأمريكيون وأطراف غربية و"إسرائيليون" بطرح سيناريوهات عن كيفية إدارة أمور الفلسطينيين، وكأن الفلسطينيين عاجزين وقاصرين عن إدارة شؤونهم، فيما يؤكد الفلسطينيين أن هذا الأمر مرفوضا وقد تجاوزوه منذ زمن بعيد. 

ويرى السياسي الفلسطيني أن هناك قواعد أساسية لا يمكن تجاوزها، حيث لا يمكن فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، ولا يحق لأحد أن يأتي ويفرض على الفلسطينيين من يقودهم ويحكمهم، معتبرين أنهم في نهاية المطاف بحاجة إلى انتخابات نزيهة وديمقراطية تقرر شكل ومضمون القيادة الفلسطينية. 

الإنتخابات الفلسطينية.. هل ستمهد لمجلس وطني؟ 

ويطرح الداخل الفلسطيني والإقليم العربي تساؤلات حول ماهية الإنتخابات، أهدافها وغاياتها، وإن كانت لتحديد رئيس السلطة الفلسطينية المقبل أم لاختيار حكومة جديدة، وإن كانت ستحمل في جعبتها مبادرة حقيقية تفضي إلى اتخاذ الشعب الفلسطيني قراره الخاص. 

"رؤيا" طالعت الأفكار والطروحات، ليتبين أن  الحديث لا يدور فقط حول انتخاب الرئيس والمجلس التشريعي الفلسطيني (البرلمان)، بل ينطلق وصولاً للحديث عن انتخاب المجلس الوطني الفلسطيني وبمشاركة كل الفلسطينيين، بهدف الوصول لتلك النقطة وتشكيل قيادة فلسطينية موحدة وإن كانت قيادة مؤقتة تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية . 

ويرى الفلسطينيون أن عليهم مجابهة العالم بصفوف موحدة وقيادة موحدة؛ كي لا يمنحوا العالم والاحتلال فرصة تمرير سياسة "فرق تسد" التي تحاول أن تعتمدها منذ أن بدأ هذا العدوان، والتي يعتمدها الإستعمار دائماً مع من يناضل ضده. 

وإلى حين الوصول لمرحلة الانتخابات يعتقد السياسي الفلسطيني أنه لا بد من وجود قيادة وطنية مؤقتة ترسم المسار السياسي الكفاحي والنضالي، وتظهر أمام العالم موحدة بقرار يتشارك به الجميع، وهذا أمر ليس صعبا لو أن الفصائل اتفقت عليه في اجتماع القاهرة بعد العدوان على جنين. 

وفي الغرف المغلقة يدور الحديث عن الضغوط الخارجية التي تبتغي إبقاء الفلسطينيين منقسمين؛ لأنها تعتقد أن ذلك يسهل "لإسرائيل" أفعالها وبطشها وتنفيذ مخططاتها، وعلى رأس تلك المخططات التطهير العرقي، حيث أن ما يتعرض له الفلسطينيون في قطاع غزة وفي الضفة الغربية يمثل تطهير عرقي إجرامي. 

الأمل المفقود.. حلّ الدولتين مجدداً

القوى الغربية سعت منذ بداية عدوان الاحتلال على قطاع غزة إلى إعادة ترويج خرافة حل الدولتين على أساس حدود الرابع من حزيران لعام 1967 مدّعية أنها تبذل الجهد اللازم لتحقيق هذه الغاية ما بين الفلسطينيون و"الإسرائيليون". 

وبالعودة لتصريحات اليمين في كيان الاحتلال يتبين أن هناك إجماع ما بين القيادات المتطرفة على ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية تحت أي ظرف كان؛ وقد أكد ذلك الرفض في تصريحات نتنياهو الذي طالب مرارا وتكرارا ببقائه في حكم الاحتلال؛ بصفته الوحيد الذي يستطيع منع إقامة دولة فلسطينية مستقلة.


اقرأ أيضاً : الفريق القانوني المصري: تل أبيب تمارس تطهيرا عرقيا في الأراضي الفلسطينية


ومن المهم أن يفهم الفلسطينيين أن توحدهم هو القادر على كسر هذا العناد لدى الاحتلال، وهذه الغطرسة والعنجهية العنصرية التي تتغذى على الأكاذيب والإشاعات ضد الشعب الفلسطيني. 

من الذي يجب أن يدعو لتشكيل قيادة وطنية موحدة؟ 

وعلى الصعيد الفلسطيني يشاع أن السلطة الفلسطينية لا ترغب بتوحيد الشارع الفلسطيني، فيما يدّعي أخرين ويشيرون بأصابع الإتهام نحو حركة "حماس"؛ معتبرين أنها لا ترغب بالمصالحة الفلسطينية أو بإجراء الإنتخابات. 

الفلسطينيون قالوا كلمتهم في وقت سابق، وأوضحوا أنهم غير راضين عن سلوك السلطة الرسمية؛ لأنها بدت سلبية للغاية ومترددة منذ بداية العدوان.

وفي سياق الدعوات يشير سياسيين إلى أن من يجب أن يدعو لإجراء هذا اللقاء هي القيادة الرسمية لمنظمة التحرير الفلسطينية؛ حتى ينجم عنها اتفاق على تشكيل قيادة وطنية موحدة. 

ومن المعروف أن هناك اتجاهات مختلفة في داخل كل قوة فلسطينية، إلا أن الاتجاه العام لدى الشعب الفلسطيني هو رؤية قيادة وطنية موحدة، وإن كان هناك ضغط شعبي متواصل في هذا الإتجاه، فيمكن الوصول إليه، إلا أنه يجب على الفلسطينيين إدراك أن الاحتلال يعبث ويضغط كما وهناك أطراف دولية وإقليمية عديدة لا تريد رؤية الفلسطينيين موحدين. 

وبمتابعة تفاصيل ومجريات العدوان الحالي وما أرتكب خلاله من فظائع بحق أهل قطاع غزة، يتبين أن الوعي الفلسطيني يشير إلى أخطر مرحلة في تاريخ القضية الفلسطينية منذ عام 1948 حيث يواجه الفلسطينيون محاولة تنفيذ نكبة ثانية وتهجير كامل، لسكان غزة نحو مصر. 

ولكن من الموانع الحاضرة والعقبات الأساسية لإقامة التوحد الفلسطيني هو مدى قبول العالم بحماس كجزء من منظمة التحرير بعد السابع من أكتوبر.

هل يقود العرب مصالحة فلسطينية؟ 

وقد تلعب دولاً عربية أو إسلامية دوراً بارزاً في قيادة المشروع الفلسطيني واحتضانه؛ للخروج بتفاهمات حقيقية تفضي لتحقيق الغايات النهائية للفلسطينيين ووضع ضمانات لتوحيد الفصائل ومن ثم الذهاب باتجاه الإنتخابات. 

ويذكر أن الأردن ومصر والجزائر وقطر منحوا مساحة كافية لإجراء الحوارات الوطنية الفلسطينية، إلا أن الأمر يعتمد على الإرادة وصدق النوايا لدى القيادة الفلسطينية بالتوجه لتحقيق وحدة وطنية وهذا هو الأمر الجوهري. 

وفي حال توفرت هذه النوايا ستجعل العوامل العربية تساعد في الوصول إلى النتيجة، إلا أنه من دون وجود نية لدى كافة الأطراف فهذا لن يحدث. 

المقاومة تعلّم العالم درساً في الأخلاق

وخلال عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، ورغم ارتكاب الصهاينة للمجازر بحق الفلسطينيين إلا أن المقاومة استطاعت خلق حالة إعلامية فريدة حينما صوّرت مشاهد إفراجها عن الأسرى الإسرائيليين، والقيم التي اتبعتها في التعامل معهم خلال الأيام الماضية. 

وأدت المنهجية الإعلامية التي اتبعتها المقاومة إلى إلحاق الضرر البالغ بإسرائيل التي انكشف زيف روايتها وكذب قادتها، كما وقد تمهد أساليب المقاومة في تغيير النظرة الإعلامية لها، لا سيما من قبل الشعوب الغربية الداعمة للقضية الفلسطينية. 

واليوم، بات من المؤكد أن الجهد الإعلامي الذي جرى بشكل عظيم وهائل من الفلسطينيين لعب دورا كبيرا في تعرية وفضح أكاذيب "إسرائيل"، إلا أن هناك بعض الأطراف التي لا تريد أن ترى ولا تريد أن تسمع أو تصدق، بل تكرر تلك الأكاذيب. 

وبالنظر إلى سيكولوجية المجتمع "الإسرائيلي" فإن العنصرية متفشية حتى العظم وهذا يجعل المنظومة "الإسرائيلية" بكاملها منظومة متطرفة قومية عنصرية، كما كانت الأقلية الحاكمة في جنوب افريقيا في وقت من الأوقات. 

ضرب طريق الحرير.. أحد أهداف العدوان على غزة

محللون اعتبروا أن أحد أهم أهداف الحرب على غزة ما نطق به بايدن في لحظة من اللحظات عندما تحدث عن الممر الاقتصادي الذي يخططون له، والذي يبدأ في الهند ويصل مرورا بدول عربية والأراضي المحتلة إلى أوروبا؛ ليواجه الممر الاقتصادي الصيني (طريق الحرير) ما يعني أن دوافع الحرب عالمية. 

والدافع الآخر للحرب على غزة يتمثل في كون الفلسطينيين يجلسون على ثروات طبيعية سواء في غزة أو في الضفة الغربية لا تقل قيمتها عن 50 مليار دولار من الغاز والنفط وغيره، وهو ما يجعل الإسرائيليون يرغبون بالإستحواذ على هذه الثروات، عدا عن خلق ممر يكون بديلا لقناة السويس. 

وبالعودة إلى قبل السابع من أكتوبر فقد كان هناك قبول عالمي لتواجد حركة حماس داخل منظمة التحرير الفلسطينية، ولكن بعد السابع من أكتوبر هل سيقبل العالم بهذا الحضور؟ 

وفي حال تمت الموافقة على تواجد حركة حماس في المنظمة، هل سيقبل العالم في بقاء فكرة المقاومة المسلحة، وهل سيقبل بنفوز الحركة في الانتخابات حال وقع ذلك؟

أخبار ذات صلة

newsletter