اقتصاد الأردن وسلامته تحت التهديد: خطر تطبيقات نقل الركاب غير القانونية
اقتصاد الأردن وسلامته تحت التهديد: خطر تطبيقات نقل الركاب غير القانونية
في السنوات الأخيرة، تزايد وجود تطبيقات نقل الركاب غير المرخصة في الأردن بمعدل مقلق، مما يشكل تهديدا كبيرا لاقتصاد البلاد والتشريعات والمجتمع ككل، حيث أن الارتفاع المتسارع في عدد مقدمي الخدمات غير المرخصين لا يدل فقط على مخالفة اللوائح المعمول بها، بل يعرض سلامة الناس للخطر أيضا ويضر بمصداقية قطاع النقل في الأردن.
تجاوزت هذه التطبيقات غير القانونية بجرأة الرسوم والضرائب السنوية، مما حرم الحكومة الأردنية من مبالغ تقدر بحوالي 20 مليون دينار أردني من الموارد المالية، حيث أن هذه الخسارة الهائلة تزعزع استقرار البلاد المالي وتهدد ثقة المستثمرين المحليين والدوليين في البنية التحتية الأساسية والخدمات العامة. يعتبر هذا الإهمال الواضح للأطر التنظيمية تهديدا للجهود المشتركة للمستثمرين الذين يسعون لتعزيز ازدهار الأمة ورفاهيتها، ولا يؤثر فقط على الاقتصاد وإنما يخل بالجهود المشتركة لتطويره.
تحتاج هذه التحديات إلى جهود مشتركة بين الحكومة والهيئات التنظيمية والجهات المعنية، لحماية مصالح الدولة المالية وتعزيز سيادة القانون.
والآن، أصبح من الواضح أكثر فأكثر للجميع أن استجابة الحكومة برد حاسم على انتهاكات تطبيقات نقل الركاب غير المرخصة كانت غير كافية، مما أدى إلى اعتقاد هذه التطبيقات أنها تمكنت من الإفلات من العقاب. هذا الوضع يزيد من تجاوزات مشغلي التطبيقات غير المرخصة، ويعمل أيضا على تحفيز الآخرين الذين يفكرون في مخالفات مماثلة، مما يزيد من تفاقم المشكلة بشكل خطير.
على الرغم من الالتماسات المتكررة من تطبيقات نقل الركاب المرخصة، إلا أن السلطات المعنية لم تعر أنشطة التطبيقات غير المرخصة انتباها، مما سمح لها بالازدهار دون رقابة. هذا الفشل الذريع في معالجة ومكافحة هذه المشكلة الملحة، إلى جانب عدم وجود تدابير وقائية، يمثل انتهاكا مباشرا للقانون، ويقلل من الثقة ويقلص من جدوى الشركات المرخصة والقانونية في هذا القطاع.
بالإضافة إلى التهديدات الاقتصادية، فإن سلامة الركاب مهددة أيضا بزيادة تطبيقات نقل الركاب غير المرخصة، حيث تجذب هذه المنصات المستخدمين بأسعار مخفضة بينما تعرضهم لمخاطر كبيرة، بما في ذلك المركبات غير الآمنة والسائقين غير الموثوقين.
ويزيد غياب التتبع لنظام الملاحة (GPS) وآليات المساءلة من جدية هذه المخاطر، ويضع الركاب في مواقف ضعف ويدمر الثقة في خدمات نقل الركاب.
إن غياب الرقابة التنظيمية على تطبيقات نقل الركاب غير المرخصة يعرض حياة المستخدمين لخطر شديد، حيث تظهر هذه الخطورة في السلوكيات المشبوهة من قبل بعض السائقين، بالإضافة إلى المواقف التي يترك فيها الركاب في الطريق أو اضطرارهم إلى دفع أجرة أعلى من المطلوبة بسبب انعدام المراقبة لهذه الخدمات غير القانونية.
يجب على الجهات الحكومية اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لمعالجة هذه المشكلة بأقصى سرعة وإعطائها أولوية قصوى، حيث أن الطبيعة المبهمة لتدفق الأموال لهذه التطبيقات غير المرخصة، وقيام العاملين عليها بإرسالها لخارج البلاد لإخفاء مصادرها وتعقيد تتبعها، تشكل مؤشرا مقلقا لعمليات غسيل الأموال، مما يضفي طابعا إجراميا أكبر على أعمال هذه التطبيقات وتمويلها.
إن تنفيذ نظام تنظيم نقل الركاب من خلال استخدام التطبيقات الذكية لعام 2018 وتنفيذ لوائح البنوك، والالتزام بقوانين الضمان الاجتماعي والضرائب وقيام الجهات الحكومية بملاحقة وتتبع مصادر الأموال والمكاسب المالية لهذه التطبيقات وتحركاتها، هي خطوات حاسمة لاحتواء الانتشار الواسع لتطبيقات نقل الركاب غير المرخصة، وإن الفشل في مواجهتها يضعف سيادة القانون ويكبح أيضا التطور والاستثمار في قطاع النقل في الأردن.
حان الوقت لحل هذه المشكلة، ويجب على السلطات الأردنية أن تعمل بجدية لتنفيذ القوانين المعمول بها وتفعيل تدابير فعالة لمواجهة تزايد تطبيقات نقل الركاب غير القانونية، فسلامة المواطنين وازدهار ونزاهة أمتنا تعتمد على ذلك.
تطبيقات نقل الركاب غير المرخصة لا تهدد السلامة العامة فحسب، بل تضعف أيضا ثقة المستثمرين وتهدد إمكانيات النمو الاقتصادي، ومن الضروري وضع إجراءات تنظيمية لحماية مواطنينا والاستثمارات التي تدعم تطوير أمتنا.
