كيف تعامل الأردن مع علاج مدمني المخدرات.. خبراء يكشفون لـ"رؤيا"

الأردن
نشر: 2024-02-08 14:23 آخر تحديث: 2024-02-08 15:37
تحرير: عدي صافي
تعبيرية
تعبيرية
  • المساعيد: خمس مؤثرات تؤدي إلى تعاطي وإدمان المواد المخدرة
  • المساعيد: الحشيش وحبوب الكبتاجون والجوكر المواد الاكثر انتشارا بين متعاطي المواد المخدرة
  • القضاة: ضبط  35 ألف شخص خلال 2023 بين متعاطٍ وتاجرٍ ومروجٍ
  • حناتلة: المنهجيات العلاجية في الأردن تتبع منهجية الفطام فقط
  • نسب الشفاء من إدمان المخدرات لم تتجاوز الـ15% عالميا

 في الوقت الذي تبذلُ به الأجهزة العسكرية والأمنية جهوداً مضنيةً لمحاربةِ مهربي المخدرات داخليا وخارجيا وتخوضُ حرباً على الحدود الشمالية الشرقية للمملكة، تمضي مؤسسات الدولة قاطبةً في حربٍ داخلية لتأمين العلاج والرعاية لمن وقعوا في شرك هذا السم. 

وشهد الأردن خلال عام 2023 ضبط ما يقارب 35 ألف شخص، بين متعاطٍ وتاجرٍ ومروجٍ، بواقع 23 ألف قضية، وفق مدير إدارة مكافحة المخدرات في مديرية الأمن العام العقيد حسان القضاة.


اقرأ أيضاً : الخصاونة: دعم بقيمة مليون دينار للاتحاد الأردني لكرة القدم


مدير الأمن العام اللواء عبيد الله المعايطة، أكد من جهته، استمرار التنسيق مع القوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي للحد من انتشار آفة المخدرات ومكافحة مهربيها داخل وخارج الأردن، والوصول إلى كل من تسول له نفسه العبث في أمن الوطن واستقراره.

العوامل التي تؤدي إلى تعاطي المخدرات

ويعتبر الإقدام على تعاطي المخدرات وإدمانها فيما بعد بمثابةِ تناولِ سم يأكُلُ العمر، من دونِ أن يُستأصلَ من الجسد، ويقفُ خلفَ صناعة وبيع هذه السموم أباطرةُ مالٍ وشر، ودُعاةُ قتل وتشرد وضياع. 

ويرى الخبراء في هذا الشأن أن هناك عوامل عدة تؤدي بالفرد إلى تعاطي المادة المخدرة، وفقاً لما يُعرف بالنموذج "الأيكولوجي".

وينقسم النموذج "الأيكولوجي"، كما هو موضح بالصورة، إلى خمس تصنيفات، الفرد، العائلة، المجتمع، المؤسسات، وسياسات الدولة وقوانينها.

ويعد الفرد هو العامل الأول لتعاطي المواد المخدرة، حيث يلعب جهله وقلة معرفته في أضرار الإدمان دورا في تجربته لتعاطي المادة. 

ووفقاً للأرقام العالمية فإن 85 في المئة من متعاطي المخدرات حول العالم يجهلون أضرار المواد المخدرة، ونحو 50 في المئة ممن أدركوا مخاطرها قاموا بالإقلاع عن تناولها. 

فيما يكون للعائلة دور مماثل قد يزيد من احتمالية تعاطي الفرد للمواد المخدرة، لاسيما وإن كان هناك فرد آخر من العائلة كان قد أدمن على تعاطي السم سابقاً أو لا زال يتعاطاه.

ويرى الخبراء في تعاطي وإدمان المخدرات أن البيئة المحيطة تعتبر المؤثر الثالث على إقدام الأفراد على تعاطي المخدرات، كرفاق السوء والحي الذي يقطن به وغيرها.

أما المؤثران الرابع والخامس فهما مؤسسات الدولة وسياساتها وقوانينها، حيث تساعد بعض الظروف على تعاطي المخدرات كفشل مؤسسات الدول في توفير الحدائق والسبل المختلفة للترويح عن مواطنيها، أو القوانين في بعض الدول التي تسمح ببعض الأنواع المخدرة ولا تعدها مجرمة قانونياً.

علاج إدمان تعاطي المواد المخدرة

ونظراً لخطورة زيادة نسبة متعاطي المواد المخدرة ومدمنيها على المجتمعات، شرعت دول العالم لتوفير مراكز علاج من الإدمان بشكل مجاني وبسرية تامة للمريض الذي يتلقى العلاج. 

يشار إلى أن المادة 9 من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية في الأردن لسنة 2016 أعفى المدمن من العقوبة إذا اعترف بنفسه وطلب العلاج، ولا تقام دعوى الحق العام على المتعاطي للمواد المخدرة والمؤثرات العقلية أو المدمن عليها إذا تقدم بنفسه أو بواسطة أحد أقاربه قبل أن يتم ضبطه من قبل الأجهزة الأمنية. 

يقول الخبير في مكافحة المخدرات ورئيس مركز علاج المدمنين السابق العقيد المتقاعد فواز المساعيد إن هناك مراحل لمعالجة المدمن على المواد المخدرة وليس منهجية بحد ذاتها. 

وبين المساعيد في حديث لـ"رؤيا" أن مراحل العمليات العلاجية تتمثل في تشخيص حالة المريض من قبل طبيب متخصص، ومن ثم مرحلة إزالة السمية ومن ثم مرحلة إعادة التأهيل. 


اقرأ أيضاً : الملك يبدأ جولة غربية يلتقي خلالها بايدن لوقف العدوان على غزة


ووفقاً للمساعيد يتبع مرحلة التشخيص أدوار عدة للمرشد الاجتماعي الذي يقوم بتصحيح مسار المريض وتوعيته بالمخاطر المحدقة به، عدا عن دعمه وتعزيز ايجابياته لغايات الاستمرار في تلقي العلاج، وتحسين علاقته في عائلته في حال كان هناك خلافات مسبقة. 

وأضاف:"يتبع تلك المرحلة حضور للمرشد الديني الذي يؤدي دورا روحياً مهما مع المريض ويعيده إلى طريق الصواب، لا سيما وأن هناك عدد من مدمني المواد المخدرة ونتيجة لفقدانهم قدرات عقلية يتجهون نحو الإلحاد". 

وتابع، "توفر مراكز العلاج من الإدمان جوانب رياضية مهمة تساعد في إزالة السموم من جسد المريض، إضافة إلى برامج ثقافية تعزز مواهب المريض، عدا عن توفير مركز علاج الإدمان التابع لوحدة مكافحة المخدرات مكتبة تضم أكثر من 2000 كتاب". 

مدير مركز سواعد التغيير عبدالله حناتلة وهي مؤسسة تعنى بالحد من أضرار المخدرات، قال لـ"رؤيا" إن المنهجيات العلاجية في الأردن تتبع منهجية الفطام فقط، والتي تعني حجز الشخص حتى يتم التخلص من المادة المخدرة في جسده، أي بمعنى تنظيف الجسم والفطام عن المادة المخدرة حتى اختفائها من الدم.

كما أشار إلى عدم وجود مساحات تسمح بتنفيذ برامج أخرى مثل البرامج الزراعية وغيرها التي تعمل على تفريغ الطاقة السلبية لدى الشخص المدمن على المادة الأخرى.

وأوضح أنه لتحسين العلاج يجب استخدام بروتوكولات معممة يسير عليها الجميع وفقا لمراجع علمية.

ونوه إلى أن العملية العلاجية عملية متكاملة من توعية المريض وصولا إلى الرعاية اللاحقة، حيث يجب أن يكون هناك تعزيز من قبل المعنيين لإقناعه بالعلاج لأن العلاج من اللازم أن يكون طوعيا مبنيا على رغبة المريض بالتعافي.

ووفقا لخبراء وعاملون في مراكز العلاج فإن المراكز تضم في جنباتها قصصا شتى لأفراد وقعوا ضحية لهذا السم وفقدوا القدرة على أنفسهم، مما تسبب لهم بأضرار نفسية ومجتمعية ومشاكل على مختلف الأصعدة.

وقالوا إن الوقوع ضحية لهذا السم غير محصور ضمن فئة اجتماعية معينة دونا عن غيرها، أو ضمن حملة الشهادات الجامعية، بل يشمل الجميع، والمراكز تشهد على ذلك.

نجاعة العلاج من إدمان المواد المخدرة

"درهم وقاية، خير من قنطار علاج"، لعلها جملة تصف واقع الدخول إلى عالم تعاطي المخدرات؛ فالإقدام على تعاطي المادة المخدرة ليس كالإقلاع عنه، وتشير الأرقام العالمية أن 85 في المئة من عمليات علاج الإقلاع عن الإدمان تفشل، حيث أن نسبة النجاح في أفضل مراكز العلاج العالمية وصلت إلى 15 في المئة.

ولا يوجد أرقام دقيقة حول نسبة نجاح العلاج المقدم في المملكة؛ نظراً لغياب مرحلة "الرعاية اللاحقة" للمرضى، وهي المعنية بمتابعة حالة المريض بعد مغادرته لمركز العلاج، بحسب المساعيد وحناتلة. 

فيما قال مدير إدارة مكافحة المخدرات في مديرية الأمن العام العقيد حسان القضاة إن قضايا المخدرات زادت في الأردن خلال العام الماضي بنسبة 24 في المئة، مقارنة مع العام 2022.

وأشار إلى أن التعاطي والترويج وتجارة المخدرات مشكلة عالمية وهي في زيادة مستمرة.

وأكد القضاة تركيز الإدارة على قضايا الإتجار والمروجين بشكل كبير نظرا لخطورتها المضاعفة، ما أدى إلى ضبط ما يزيد على 7 آلاف قضية اتجار وترويج ما نسبته 33 في المئة من العدد الكلي للقضايا.

وفي ذات السياق أكد العقيد المتقاعد فواز المساعيد لـ"رؤيا" أن هناك نجاح في عمليات علاج مرضى الإدمان في الأردن إلا أنها تعد ضئيلة جداً؛ نظراً لظروف مختلفة. 

وأوضح أنه لا يوجد رعاية لاحقة للمريض من قبل جهات متخصصة، ولا يوجد زيارات ميدانية لمنازل المرضى بعد مغادرتهم مركز العلاج، كما تغيب برامج توظيف المرضى وتوفير رعاية نفسية لهم. 

وأشار إلى أن المرضى يتحملون جزءاً من مسؤولية عودتهم إلى السلوك الإدماني حيث يعود البعض إلى  الأصدقاء القدامى والأماكن التي حصلوا بها على المادة المادة المخدرة وهذا يؤدي إلى انتكاستهم. 

ودعا إلى أهمية وجود جهات تتبنى الرعاية اللاحقة للمرضى وذويهم حتى يتم حل مشاكلهم ودمجهم  بالمجتمع ليصبحوا عناصر فاعلة وإيجابية. 

ما هي الانتكاسة؟ 

وتعرف الانتكاسة لمدمني المواد المخدرة بـ"العودة إلى السلوك الإدماني السابق بعد تلقي العلاج". 

ويعزى أسباب انتكاسة مدمني المواد المخدرة إلى:

  1.  الوحدة والعزلة بعد ابتعاد المريض عن رفاقه المدمنين. 
  2.  المرض، حيث يعتقد البعض أن المادة المخدرة ستجعله يتعافى. 
  3.  اختبار الذات، وهو رغبة المريض بتجربة المادة المخدرة مجددا وإخضاع ذاته للإختبار بعد التعافي. 
  4. العودة إلى الأماكن التي تعاطى بها المواد المخدرة. 
  5. الأهل، في حال قاموا بتذكيره بماضيه وعدم دعمهم له. 
  6. المجتمع وعدم توفير فرصة عمل للمريض بعد التعافي، حيث يشعر بالعزلة عن الآخرين.

الأنواع الأكثر تعاطيا في الأردن

وفيما يتعلق بأنواع المخدرات الأكثر تعاطيا وانتشارا في الأردن فإنه لا يوجد أرقام رسمية صادرة عن الجهات المعنية.

فيما يقول المساعيد لـ"رؤيا" إن الأنواع الأكثر انتشارا بين المرضى هي مادة الحشيش المخدر وحبوب الكبتاجون ومادة الجوكر.

وتعتبر مكافحة المخدرات أن تعاطي المواد المخدرة في الأردن تعد مشكلة وليست ظاهرة، باعتبار أن القضايا لم تصل إلى 1 في المئة من عدد السكان.


اقرأ أيضاً : ضبط عشرات آلاف الأشخاص بقضايا مخدرات في الأردن خلال 2023


ويرى المختصون من خلال خبراتهم في هذا المجال أن مادة الحشيش باتت الاكثر انتشارا بين متعاطي المواد المخدرة، كما أنها الطريق الأول للكثيرين من الذين أدمنوا المواد المخدرة وانتقلوا إلى تعاطي مواد أخرى أكثر خطرا وفتكا.

ويصنع الحشيش من أصل نبتة الماريجوانا، حيث يقوم البعض بتنشيف نبتة الماريجوانا وتدخينها وهي تعد مادة مخدرة ومجرمة قانونا، فيما يقوم آخرون بتصنيع الحشيش من النبتة من خلال معالجتها بمواد كيميائية.

وهي مادة مثبطة بينما إذا تم تعاطيها بكميات كبيرة فإنها تصبح مادة مهلوسة، كما ينقسم إلى أنواع وألوان مختلفة.

وعلى صعيد آخر فإن حبوب الكبتاجون تعمل على إبقاء العين مفتوحة إلا أن العقل يكون غير واعٍ، حيث يعتقد متعاطوها أنها تسهم في زيادة النشاط وتحافظ على طاقة الفرد وهي معلومات مغلوطة، وهي من المخدرات التصنيعية.

ويكون لون حبوب الكبتاجون في الغالب بين الأبيض والزهري ويرسم على حبة الكبتاجون شعار قوسين متعاكسين أو رأس حصان.

وفي ذات السياق قال مدير مركز سواعد التغيير عبد الله حناتلة إن أكثر أنواع المخدرات شيوعا في الأردن الحشيش والكبتاجون والكريستال وبعض أنواع الحبوب المخدرة كـ"حبوب لاريكا".

وأوضح أن المجتمع من مؤسسات مجتمع مدني ومؤسسات دينية وشبابية عليه دور ومسؤولية في رفع الوعي، منوها أنه يجب على الدولة تبني وإيجاد أدلة تدريبية تحدد لكل فئة عمرية نوعية التدريب الذي يعطى، وكيف يتم التعامل مع الأطفال والشباب وغيرهم في التوعية. 

وأشار إلى أننا في الأردن نتبع حقيبة توعوية حقيبة مادة وهذا غير صحيح، بحيث يجب أن يكون لكل فئة حقيبة تلامس احتياجاتها وتوجهاتها وهو ما يساعد بالتثقيف بشكل سليم.

أخبار ذات صلة

newsletter