مبنى مصرف لبنان
حاكمية مصرف لبنان بين فكي الفراغ وتعيين حارس قضائي
- مصادر لبنانية مطلعة: مساع لايجاد تسوية تضمن استمرار الوضع على حاله بانتظار انتخاب رئيس جمهورية
- قد تتخذ الحراسة القضائية شكل الإدارة الكلية أو الجزئية
- معضلة تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان تقاطعت مع اقتراح وضع حراسة قضائية على مصرف لبنان
مع غروب شمس الحادي والثلاثين من تموز الجاري، يطوي حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة آخر صفحة من ولايته الخامسة، عازما عدم البقاء في رأس الحاكمية بعدما فتح الانهيار الذي يقبع في ظله لبنان كافة ابواب الهجمات الشرسة عليه وحملته تبعات كل ما جرى ويجري.
خروج سلامة من إدارة السلطة النقدية صعد المخاوف من تداعيات مالية سلبية بات معظم الخبراء الاقتصاديين يتوقعونها خصوصا مع تلويح نواب الحاكم الاربعة بالاستقالة نتيجة ضخامة المسؤولية التي ستلقى على عاتقهم.
مصادر خاصة لـ"رؤيا" تقول إن "نائب الحاكم الاول وسيم منصوري والنواب الآخرين يرفضون استلام هذه المهمة في ظل الازمة المالية والنقدية كي لا يقعوا امام مطب تأمين قروض للحكومة لتمكينها من الصرف الضروري كالرواتب والأدوية، والتدخل في سوق القطع لاستقرار سعر الصرف" وتضيف المصادر " أنهم طلبوا من الحكومة توفير الغطاء القانوني الذي يسمح لهم إقراضها من مصرف لبنان، فقررت الحكومة استطلاع رأي الجهات القضائية المختصة".
المصادر نفسها تقول لـ"رؤيا" إن "هناك سعي لايجاد تسوية تضمن استمرار الوضع على حاله بانتظار انتخاب رئيس جمهورية ومنع التقلبات في اسعار الصرف، ذلك ان الارتفاع الجنوني المرتقب في حال لم يتوافر حل فعلي لقضية الحاكمية من شأنه ان يضرب الامن الاجتماعي ويتسبب باضطرابات ومواجهات لا تحمد عقباها".
معضلة تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، تقاطعت مع اقتراح وضع حراسة قضائية على مصرف لبنان الذي هو مؤسسة عامة مملوكة للدولة . فماذا تعني الحراسة القضائية وهل تسري على مصرف لبنان ؟
يقول المحامي الدكتور بول مرقص رئيس مؤسسة جوستيسيا الحقوقية والعميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ " إن الحراسة القضائية هي إجراء قضائي وتدبير احترازي مؤقت تتمثل في إيداع ما قد يكون متنازع عليه من أموال منقولة أو غير منقولة في يد شخص ثالث. وقد تتخذ الحراسة القضائية شكل الإدارة الكلية أو الجزئية على الشيء موضوع الحراسة، وذلك وفقًا للمهمة التي تم إيلائها إلى الحارس القضائي، كما ويتطلب نجاح الحراسة القضائية أن تتم وفقًا لعناية إدارية ومالية ومحاسبية أصولية، وذلك صيانةً للمال وضماناً لحسن إدارته وحفظه".
قانون الموجبات والعقود
ويضيف مرقص " سنداً للمادة /720/ من قانون الموجبات والعقود، يعهد في الحراسة الى شخص يتفق جميع ذوي الشأن على تعيينه، كما ويمكن أيضاً تعيينه من قبل القاضي الذي يمكنه أن يقرر تعيين حارس للشيء الذي يكون موضوع نزاع أو موضوع علاقات قانونية مشكوك فيها الى أن يزول النزاع أو الشك، أو يمكنه أن يعين حارسًا للشيء الذي يعرضه المديون لابراء ذمته".
مرقص اشار" كما يمكن للقاضي أيضًا أن يعيّن حارسًا قضائيًا للاموال المنقولة وغير المنقولة التي يخشى صاحب الشأن لاسباب مشروعة، ان يختلسها واضع اليد عليها او يتلفها او يعيبها".
أما بالنسبة لصحّة تعيين حارس قضائي على مصرف لبنان بدلًا من حاكم، يقول مرقص " إن الأمر يتطلب تعدي السلطة القضائية على سلطة وصلاحية مجلس الوزراء الذي يعود اليه تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان".
ويضيف" حتى إذا حصل و أصر نواب الحاكم على عدم تسيير أعمال المصرف، فهو يرتب عليهم مسؤولية جزائية يدركونها تماماً ويدركون مسؤولياتهم، فإنه يمكن للحكومة أو هيئة القضايا أو أي طرف متضرر من الفراغ في مصرف لبنان تقديم طلب لمجلس شورى الدولة، ليصدر قرارًا يسمح بتعيين مدير أو مسؤول مؤقت لتسيير أعمال المصرف ومنع حدوث فراغ في منصب الحاكم".
وهنا تقول مصادر مطلعة لـ"رؤيا" إن" رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي مع قوى سياسية اخرى لن يقبلوا بحارس قضائي، فهم لن يتفقوا على اسمه قبل الاتفاق على دوره ونواب الحاكم الاربعة المنقسمين فيما بينهم حول الاستقالة سيصرفون الاعمال سواء استقالوا ام لا".
ربط نزاع
اما عن رفض القوى السياسية لهذا الطرح الذي قدمه علنا النائب جبران باسيل فتقول المصادر " إن القوى السياسة تخاف من اي شخصية يمكن ان تفتح ملفات معينة لكن الخلاف اكبر من ذلك وهو مربوط بالتوافق على اسم حاكم مصرف لبنان وبالتالي طرح الحارس القضائي هو بمثابة ربط نزاع بانتظار التوافق".
ملفات الفساد
واستبعدت ان يكون الرفض سببه فتح ملفات الفساد خصوصا وان جميع القوى السياسية متورطة بشكل أو بآخر بما آلت اليه الاوضاع في لبنان ودائما بحسب مصادر مطلعة لـ"رؤيا".
وتختم المصادر لـ"رؤيا ": "ان الباب يبقى مفتوحا لملاحقة حاكم مصرف لبنان بمجرد ان الاجراءات القضائية أما إذا كان انتهاء الولاية مؤشر على تفعيل هذه الملاحقة فهذا رهن بمدى وجود حماية سياسية له تمنع او تعرقل هذه الملاحقة او تبقيها في إطارها الشكلي وليس الفعلي" .